العبثية الترامبيَّة واندلاع الثورة الأمريكيَّة (3)

الأربعاء، 26 يوليو 2017 11:46 م
العبثية الترامبيَّة واندلاع الثورة الأمريكيَّة (3)
حاتم العبد يكتب:

فصل جديد من فصول العبثية الترامبيَّة يضاف إلى كتاب نهايتها، هذا الفصل تمثّل في جملة أوراق، لعلّ أولاها وأكثرها أهمية على الإطلاق هو الموافقة المتوقعَة لمجلس النواب بالكونجرس، خلال الساعات الماضية على تقييد سلطة الرئيس في تخفيض العقوبات على روسيا، إذ يستوجب على ترامب حال رغبته في المساس بالعقوبات الاقتصادية- تخفيفًا بطبيعة الحال- الرجوع إلى الكونجرس! يتعين على مجلس الشيوخ أن يقر النص في الأيام المقبلة لرفعه إلى البيت الأبيض. يُتفهَّم من ذلك أن الكونجرس ذو الأغلبية الجمهورية والتي ينتمي إليها نظريًّا ترامب، غير راضٍ عن مسلك ترامب ؛ فسحب البساط من تحت قدميه، وغلّ يديه عن التحرك منفردًا ؛ دلَّ على ذلك الأغلبية الساحقة، التي تكاد تعانق الإجماع، إذ صوّت لصالح مشروع القانون 419 عصوًا ولم يعترض سوى 3 أعضاء فقط! يذكر أن مشروع القانون ثمرة تعاون مشترك للجمهوريين والديمقراطيين ؛ وهو ما لا يدع مجالًا للشك على عزم الكونجرس تمرير النص القانوني حال استخدم ترامب لحق الڤيتو.

لإصدار هذا القانون يتعين على ترامب التوقيع عليه، والأمر لن يخرج عن أحد احتمالين:

الأول: وهو ما لا نتوقعه أن يُصدر ترامب القانون، ويكون قد قيَّد سلطته بيده ؛ ولن يتسنّى ذلك إلا إذا أنصت إلى صوت العقل في إدارته إِنْ وجد! أما الاحتمال الثاني: وهو ما نتوقعه، هو رفضه لمشروع القانون، وهنا يكون قد دخل في صراع علني وحرب مفتوحة ليس فقط مع خصومه السياسيين بل أيضًا مع أبناء جلدته من الجمهوريين ؛ وفِي تلك الفرضية سيتأكد للشعب الأمريكي شكوكه حول علاقاته السريَّة بروسيا. 

رسالة الكونجرس تلك مفادها أنها تعلن للناخب الأمريكي قبل ترامب عدم موافقته على سياسة هذا الأخير ؛ ليس هذا فحسب بل عدم ثقة به. يذكر أن البيت الأبيض قد عارض سابقًا مشروع القانون على قالة أنّ ذلك يعد افتئاتًا على سلطة الرئيس وتقييدًا للدبلوماسية الأمريكية وقدرتها على التفاوض كما صرح بذلك وزير الخارجية الامريكي تيلرسون، وإذا ما استخدم ترامب حق النقض- الڤيتو- فأغلب الظن أن الكونجرس سيحشد لإبطاله وتجريد الرئيس من هذا الحق في الحالة الماثلة. 

بينما تمثّلت الورقة الثانية في استقالة المتحدث الصحفي باسم البيت الأبيض شون سبايسر من منصبه يوم الجمعة الماضي، تأتي تلك الاستقاله بعيد أن قام ترامب بتعيين أحد رموز وممولي حملته الانتخابية أنطوني سكاراموتشي، في منصب مدير الاتصالات في البيت الأبيض. السؤال الذي يفرض نفسه وبقوة، ما هو الدافع وراء استقالة مسؤولين بارزين بعد أشهر وفي أحيان أخرى بعد أيام من توليهم منصبهم؟ هل ينجح ترامب في تزويج المال والسلطة؟ هل سيمهله الأمريكان لإتمام ذلك ؟ 

بالنظر إلى الضبابية والتخبطية في سياسة ترامب، نستطيع تلمُّس الإجابة على هذا السؤال، ترامب يستعين برجال أعمال في إدارته لكن ذلك على حساب الفنيين والمتخصصين ؛ فسكاراموتشي خبير مالي في وول ستريت وأحد ممولي حملة ترامب الانتخابية ؛ ولن يقبل حتى المقربون من ترامب بحكومة رجال أعمال وتزاوج غير شرعي بين المال والسلطة، والتخلي عن أهل الخبرة والاختصاص، ولا نعتقد أن هذه الاستقالة ستكون الأخيرة في صفوف مسؤوليه، أغلب الظن أن قادم الأيام سيحمل مزيدًا من الاستقالات!

 

يُختتم الفصل الجديد بورقة ترامب الابن، إذ طالته الاتهامات هو الآخر بعلاقات سريّة مع روسيا، إذ رصدت وكالة الاستخبارات الأمريكية مقابلته مع محامية روسية أثناء حملة والده الانتخابية ؛ وفِي محاولة منه لتبرير تلك المقابلة صرح ترامب جونيور أن سبب المقابلة هو رغبته في الحصول من المحامية على معلومات تفيد بتمويل روسيا لحملة هيلاري كلينتون، يبدو أن الذكاء متأصِّل في تلك العائلة ؛ فالابن يريد أن يبعث برسالة مفادها أن الديمقراطيون هم من على علاقة بروسيا وليس أبيه!

 

تتراكم إذًا فصول النهاية للعبثية الترامبيَّة ؛ وفِي ظني أن الأيام المقبلة ستشهد من المستجدات الكثير والكثير ولعلها تكون فاصلة في استمراريَّة ترامب من عدمه في منصبه. 

 

نُفرِد في مقال قادم إسهام الإعلام الأمريكي في وضع نهاية للعبثية الترامبيَّة والمراهقة السياسية لقاطني البيت الأبيض، هل سيكون ترامب ضحية للإعلام كام كان نيكسون؟ هل سينتصر الاعلام وحرية التعبير في مواجهة صلف وغرور رجال أعمال متمسحين في السياسة ؟ هذا ما سوف نحاول تحليل فرص حدوثه في مقال قادم. 

يُتبع...

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق