الموتوسيكل خطف وقتل وهروب.. لكن شخير الحكومة أعلى صوتا!

الأربعاء، 26 يوليو 2017 11:00 ص
الموتوسيكل خطف وقتل وهروب.. لكن شخير الحكومة أعلى صوتا!
محمد حسن الألفى

  فإنك لن تعرف المر حتى تجربه، ولن  تعرف الوجع حتى تمرض، لا قدر الله، لكنك لن  تعرف الذهول والحسرات والفجيعة حتى يداهمك موتوسيكل  فى مصر.
 
بدأت علاقتى بنوع نادر من الذهول العاصف والحسرات  التى برهنت على شعورى الكامل بالعجز والشلل التام، حين كنت أنتظر صديقا فى كومباوند اتضح أنه سيئ الأمن وقسم شرطة البساتين  يدير له ظهره، لينطلق اللصوص على حريتهم، يمارسون كل ألوان البطش واللطش والخطف فى أسراب من الدراجات النارية.
 
لما كان الجو بعد العاشرة بديعا،  وقت الحادث، فقد أنزلت زجاج سيارتى مسافة عشرة سنتيمترات، ومضيت أتصفح الهباب العصرى الفيسبوك، واستغرقت كالعادة، استغراق الميتين، وفجأة انقضت مخالب صقرية  انتزعت فى فيمتو ثانية موبايلى نوت -٣،  فطفر دم من  أصابعى ، ولا بد أنى شللت، لثوان أدركت فيها من صوت الموتوسيكل الذى عفر الأرض بفعل دورته العنيفة حتى حرث الرمل والحصى، أدركت أنى تعرضت لسطو من لص على دراجة يقودها لص، ففتحت باب السيارة، وهرولت مفجوعا موجوعا، بضع خطوات، وأنا أصيح وأهتف بالمارة والسيارات إنى سرقت إنى سرقت، وأن امسكوا اللصين على الموتوسيكل الذى كان فر مستترا بالظلام والصحراء أمامه فسيحة مريحة. يارب السموات والأرض، لقد تركت مفتاح السيارة بها، وهى دائرة، فهرولت عائدا، فوجدتها حمدا لله.
 
لو كان لصوص الموتوسيكل مخططين لسرقة السيارة لما وجدوا أفضل من هذه الخطة ولا أعبط من هذا  المالك للسيارة الذى هو أنا لا مؤاخذة!
 
مر وقت مرير ، ومن المؤكد أن شوارع القاهرة والمحافظات، وبدرجات متباينة، شهدت بشرا من نوعى، ربما سيدة خطفوها هى ذاتها، وربما خطفوا حقيبة يدها أو سلسلتها الذهبية نتشوها من صدرها، فكادوا  يذبحونها. المشهد كله استدعته الذاكرة  مع فاجعة واقعة البدرشين، التى استخدم فيها الإرهابيون الموتوسيكل، وخدعوا به المارة وعربة الشرطة بوصفهم شرطة، تربصوا بالسيارة، وأمطروها بالرصاص صباح الجمعة الماضى وقتلوا الأبرياء الخمسة، واستولوا على الأسلحة والصديريات المانعة للطلقات واللاسلكى وأحرقوا  الصندوق الخلفى، وانطلقوا فوق الموتوسيكل، تسربوا فى الشوارع  حتى غابوا.
 
وقعت الواقعة، فهل هى الأخيرة؟! هل اتخذت وزارة الداخلية أى إجراءات لوقف سيول المركبات العشوائية الإجرامية؟ هل هناك من ينفذ  قانون ركوب الموتوسيكل، فلا يزيد  العدد على اثنين؟ هل أحس الناس أن الحكومة  انتبهت إلى السفاح الحر الطليق فى شوارعنا؟ شوارعنا نهب لبلطجية الميكروباصات يعملون لحساب باشوات، ينتهكون الطرق، ويعتدون علينا، ويتوقفون بمنتصف نهر الطريق، ويحتجزونك حتى ينتهوا من ثرثرة تافهة، أو إشعال سيحارة لف زرقاء مبطرخة، أو تبادل قرص ترامادول.
 
شوارعنا الداخلية والسريعة وفى المناطق غير الشعبية، صعب أن أقول الراقية لأنها انتهت، نهب وفرش ومتاع للجريمة التى اسمها التوك توك، ملاذ الصيع والمجرمين والعاطلين.
 
مضى حادث البدرشين الدموى بعد أن حصل على حصته التقليدية من العويل والتعديد والتفنيد ولطم الخدود الإعلامى، ومع بيان للداخلية، وأعقبه حادثان  متتاليان الاثنين الماضى فى العريش، استشهد فى الصباح أربعة وأصيب ستة، وفى مساء متأخر من نفس اليوم استشهد خمسة وأصيب ستة  من أبنائنا، لكن أحدا لم ينتبه، فقد هزم الأهلى غريمه التقليدى الزمالك هزيمة أهداف وخطط ومهارات، وهكذا اندفع المصريون يفندون ويحللون ويتعايرون باللعيبة، بينما العدو فوق الموتوسيكلات، يجهز ويتهيأ لعملية جديدة.  
 
الموتوسيكل ليس  مجرد وسيلة نقل بشر سريعة، بل هو ثقافة سلوك، وهو حين استعمله الجيش الأمريكى فى الحرب العالمية الأولى ثم الثانية فإنه أسس لنشوء سلوك تراكم وصار ثقافة شارع منفلت وجريمة خاطفة عانى منها ولا يزال الشارع الأمريكى والحق أن بداية انتشاره كعامل من عوامل الشغب يقترن باحتفالات  عيد الاستقلال فى الرابع من يوليو عام ١٩٤٧.
 
ويرى محللون نفسيون أن المهاطرة المرتبطة بركوبه تستدعى منسوب الأدرينالين الذى كان الجنود اعتادوا عليه زمن الحرب وساعات القتال. أما عندنا، فى مصر، فإن الأدرينالين يأتى مع جنون أبناء النخبة الثرية يتطوحون به على الدائرى، وعلى طريق مصر  الإسكندرية، لكن فى الأغلب الأعم  يعتبر الموتوسيكل عنوان شريحة المهمشين، والأرزقية، وطيارى الدليفرى  الذين يتقافزون بالكاد فوق سيارات الناس، ويلطشون جوانبها بصناديق تستقر خلف ظهورهم محملة بالساخن من المشويات والمقليات.
 
الرقم المعروف منهم هو ٢ مليون و٦٠٠ ألف موتوسيكل، لكن كم موتوسيكل له نمر وأرقام وحروف واضحة، بل له نمر وأرقام  أساسا. لا تعد ولا تحصى. ولو توك توك قتل عابرا، فسوف يفلت بسهولة لأنه بلا رقم وخصوصا فى العاصمة التى هى مقر السلطة والدولة، ثم  لما كنا فى حقبة ندرة عاصرة، وظرف مادى خانق، فإنه لا يجوز  أن يغيب عن يقظتنا أن نشاطا واسعا سنشهده للسرقات بالموتوسيكل، ولسوف يرتع ولسوف يصيع، ويخطف ويقتل ويروع، ويملأ الشوارع عوادم وزئيرا يصم الآذان.
 
صار الشارع فوضى ترهق الأعصاب، فى الناس وفى السيارات، وفى الجيوب، وأصبح الخروج من البيت مشروع حادثة محتملة، أو إرهابا، ولو انتبهت الحكومة بقوة وهمة إلى ضرورة تبريد الشارع وضبطه، عن طريق فرض القانون على البلطجية سائقى الموتوسيكلات والتوك توك «والميكروباظات»، لتضاعفت قدرة الشعب على التحمل والحوار، أما الحالة الراهنة حيث لا يطيق كل منا  هدومه حتى، فإنها نذير انهيار عصبى جماعى.
 
الكلاكسات  هواية مصرية ذميمة،  فنحن نزمر على الفاضى وعلى المليان، فى الأفراح وفى احتفالات الكرة، ثم هى عادة السرحانين من السواقين، فتراه يزمر ويزمجر بالكلاكس، دون داع، وتراه يزاحم بالكلاكس، ويقتحم ويتجاوز ويشتم ويشكر بالكلاكس! سيرك واسع منصوب  هو إذن، وصاحبه غائب، هو غائب باختياره، لأنه حاضر باختياره، حين يقرر اقتحام ملفات شائكة مشتعلة مثل القرار الغبى غير المدروس بالتعامل مع أهالى الوراق على طريقة النسر الذى ينقض على الفريسة بلا تمهيد!  النفوس محتقنة والصدور متأججة وفى كل منا إصر وغل، واللوم كل اللوم على حكومة تنشط فى العقاب فى ملف مثل الأراضى، ولها حق فيه، تطبيقا للقانون، وتخلد إلى النوم فى ملف الأرواح التى يخطفها ملك الموت السيد موتوسيكل.
 
أوقفوا تراخيص الموت والجرائم المسماة موتوسيكلات، راجعوا الملفات، طبقوا قانون المرور، وغلظوا عقوبة المركبة بلا أرقام.

 

تعليقات (2)
عندك حق
بواسطة: محمد شكيب
بتاريخ: الأربعاء، 26 يوليو 2017 11:46 ص

الحقيقة اؤيدك فى كل ماتقول استاذمحمد التكاتك والموتوسيكلات واضيف اليهم التريسكلات كانت نكبة واى نكبة عاى الشارع المصرى والمصيبة ان رجال المرور بيكونوا واقفين فى الشارع وتمر من جانبهم التكاتك والموتوسيكلات التى لا تحمل لوحات ولا يحركون ساكنا وكان الامر لا يعنيهم مع ان معظم الجراءم المنتشرة الان من خطف وبلطجة وتشويه للشارع وبث الرعب فى نفوس الناس معطمها من هذه المركبات اللعينه وبلطجية الميكروباصات وكما قلت شخير الحكومة اعلى بكثير من اصواتهم

القسم الصيني بمستشفى الزقازيق العام
بواسطة: sayedfarrag
بتاريخ: السبت، 29 يوليو 2017 06:12 م

هناك القسم الصيني بمستشفى الزقازيق العام خاص بحوادث الموتوسيكلات المميتة والتي إن سلم صاحب الواقعة من الموت فقد أصبح قعيدا طوال حياته ...

اضف تعليق