لأول مرة.. أسرار الخطابات السرية بين «محمد نجيب» و«عبد الناصر»
الأحد، 23 يوليو 2017 10:12 مالغربية – عادل ضرة ومصطفى عادل
خطابات سرية، لم تخرج للنور من قبل، أرسلها محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية، للزعيم جمال عبد الناصر، وبعض قادة القوات المسلحة، عقب عزل «نجيب» وتحديد اقامته، والتي حصلت «صوت الأمة»، على نسخة منها، وتنشر لأول مرة بخط يد «نجيب»، والتي حملت جملة «سري جدا».
خطابات «نجيب» لـ«عبد الناصر».. عرض فيها العودة للجيش والعمل ولو جندي عادي، ثم عرض عليه القيام بعمل استشهادي لاستهداف مواقع العدو الإسرائيلي بطائرة وتفجير نفسه، فيما كان لقائد البوليس الحربي نصيباً من رسائل نجيب، الذي أكد له في إحدى الرسائل رغبته في التبرع بـ5 جنيهات للجيش، إلا أن رد قائد البوليس الحربي على «نجيب» كان قاسيا.
رسالة الرئيس محمد نجيب للرئيس جمال عبد الناصر
أرسل اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية العربية المتحدة عقب تحديد إقامته داخل منزل زينب الوكيل زوجة مصطفى النحاس بالمرج، حيث قام اللواء محمد نجيب بإرسال رسالة للرئيس جمال عبد الناصر مدون عليها من الناحية اليسرى سرى جدًا جدًا وعاجل جدًا جدًا وهام ويسلم شخصيا للرئيس"
وتضمن في بدايتها ببلدة (س) في يوم الاثنين 2ربيع الثاني 1276 الموافق (5 نوفمبر 1956) إلى السيد الرئيس جمال عبد الناصر، السلام عليكم ورحمة الله وبعد فقد يظن غيركم إني هازل أو محاول الدعاية لنفسي أو غير ذلك، ولكنكم تعرفون أخلاقي ومن ميزاتكم الفريدة القدرة على معرفة الرجال.
كما أن أي رجل شجاع أو أي وطني صميم يستطيع بسهولة أن يؤمن بصدق ما اكتبه إليكم الآن: أريد أن نضرب للمواطنين مثلا جديدا على إنكار الذات والتضحية بكل شئ فى سبيل البلاد، أريد أن نقف رجلا واحدا ندافع عن الوطن العزيز في هذه الساعة الحرجة، أريد من أن تسمح لي بأعز أمنية لي وهى المشاركة في أقدس واجب واشرفه وهو الدفاع عن مصر فأسمح لي بالتطوع جنديا عاديا في جبهة القتال باسم مستعار وتحت أيه رقابة شئة دون أن يعلم أحد بذلك غير المختصين وأني أعدك بأثمن ما أملك بشرفي أن أعود إلى معتقلي إذا بقيت حيا بعد انتهاء القتال وبذلك تغسلون كل مالحق بنفس من الآم.
كما تسعدون العدد الكبير من الضباط والجنود المعينين لحراستي والمحرومون مثلى من شرف الاشتراك في القتال وتوفرون مبلغا كبيرا ينفق على هذه الحراسة وانى مستعد أن اقوم بعمل انتحارى كقيادة طوربيدا أو أن اسقط بطائرة أو مظلة محاطا بالديناميت على أى بارجة أو هدف مهم من أهداف العدو وهذا إقرار منى بذلك.
رسالة نجيب للقائد العام للقوات المسلحة
كما أرسل رسالة أخرى إلى قائد عام القوات المسلحة، ووزير الحربية بتاريخ 28أغسطس 1957 جاء فيها "رغم عدم -استبدال- /2/57 إلى السيد قائد عام القوات المسلحة ووزير الحربية بعد التحية والاحترام، ارسل لسيادتكم مرفقا بهذا الطلب برسم السيد وزير المالية بنفس الرقم والتاريخ وبواسطة سيادتكم لاستبدال مبلغ الـ10جنيهات من معاشى لأن هذا المبلغ يلزمنى بصفة عاجلة وحزين للاسباب التى ذكرتها به من إجراء عملية جراحية فى عظم الرأس لابنى الصغير لتغطية فجوة عارية كسر عظامها فى عمله ولقد ترتب عليها أثار عصبية سيئة لتغطية نفقات تعليم أولادى الثلاثة ويوجد منهم واحد يدرس خارج القطر بجامعة ميونخ بألمانيا وأرجو بصفة خاصة مساعدة سيادتكم بالتوجيه وتلبيه طلبى هذا بسرعة والتصديق عليه وسرعة صرف هذا المبلغ حيث أن جميع مدخراتى قد نفذت بسبب نفقات علاج زوجتى وغير ذلك ولم يبقى لى سوى ما ترسله المالية من معاشى إلى البنك الأهلى المصرى وقدره 176جنيه فقط وتفضلوا بقبول فائق الاحترام (محمد نجيب لواء أركان حرب).
رسالته للقائم مقام أحمد أنور
كما تضمنت رسائل الرئيس محمد نجيب فى مذكراته بعنوان (مذكرات محمد نجيب كنت رئيسا لمصر)، كما أرسل رسالة للقائم مقام احمد أنور فى 23نوفمبر 1956، جاء فيها بعد التحية أرجو أن تطلعوا على حسابى بالبنك حيث يوجد به رصيد شيكات مسحوبة منى لم يصرف بعد ومن ضمنها 50جنيها تبرعات لمشروعات قومية واسف انكم ثرتم وبنيتم خطابهم على ثروة وهمية لم يدخل لى منها مليم واحد وقد شرحت للسيد محمود عزت تفاصيل كل شيئ وانا لم اتبرع إلا إرضاءا لضميرى ولم يكون هذا التبرع هو التبرع الأخير فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا سامحك الله.
وسل أخي اللواء على نجيب لتعرف انى اصبحت مديونا له بما لا يقل عن المائتى جنيه لاكمال المبلغ المطلوب لدراسه ابنى "فاروق" بالمانيا لقد ابقيت المبلغ حتى استطيع أن اضيف عليه ما يرفع قيمته إلى مايتناسب مع ثرائى العريض ثم اتبرع به والسلام عليكم ورحمه الله (محمد نجيب).
رسال أول رئيس للجمهورية لقائد البوليس الحربى
كما قام الرئيس محمد نجيب بإرسال رسالة أخرى، للقائم مقام أحمد انور قائد البوليس الحربى جاء فيها بلدة"س" فى 18نوفمبر 1956 السلام عليكم ورحمه الله وبركاته وبعد.. فالشكوى لينا على ذل ومكنتش لأشكو لو توافرت لى الشروط الضرورية للحياة فانا فى حبس انفرادى من غرفة ضوئها غير كافى ولا تدخلها الشمس تقريبا لا ابارحها ولا اجد حتى الفرصة للمشى أو التريض ومع مرضى بالكبد وبانخفاض ضغط الدم فلم يعدنى أي طبيب طوال هذه المدة مع انى كنت أخذ يوميا من الطبيب حقن لعلاج الكبد والاعصاب وانخفاض الضغط، حرمت من كل هذا مرة واحدة فساءت صحتى.
واصيبت بنزلة شعبية وبصداع مستمر ودوخة إلى أن حدث لى امس هبوط فى النبض انخفض من 76 إلى 49أو أقل ويعرف ذلك السادة الموجودين معي هنا للحراسة، كما أن العلاج العادى المستديم وهو حبوب الفيتامينات وحبوب علاج الكبد المسماه "erinacaline" وحبوب خميرة البيرة بل حتى الاسبرين العادى قد انعدم معظمه وانا فى شدة الاحتياج إليها، وقد كانت حرارتى مرتفعة منذ أول أمس مساءً إلى الأن، إلى هذا فإن شعر رأسى لم أقصه منذ شهر ولا استطيع إحضار حلاق وقد قمت من منزلى.
كما بلغكم طبعا بملابس النوم ولم أخذ معى معظم ما يلزمنى حتى النقود فأكتب لكم هذا وقد ساءت صحتى فعلا رجاء صدور أوامركم بما ترونه ممكنا وأنا لا أطلب أكثر من حق العلاج وأن يعودنى الطبيب ويعطينى الحقن التى كان تحفظ كيانى وأن يسمح لى بمكان استطيع فيه رؤية الشمس وعمل شيئ بسيط من الرياضة وأن يسمح لى بقص شعر رأسى، وإنى هنا لا أجد الحرية ولا أقدر على التوجه إلى دوره المياه للوضوء إلا للضرورة لانى احرص من جهتي على عدم إزعاج أصحاب المنزل، وهم اناس فى غاية من كرم الأخلاق والإنسانية.
ولذا فانى حريص على راحتهم وشعورهم واضغط على نفسى بقدر الامكان حتى لا ازعجهم، إلى ماتقدم هناك عامل انسانى هام سأعهد إليكم بتداركم، ذلك بانى تركت زوجتى وأولادى وباقى أفراد أسرتى وهم لايعرفون عني أي شيء وهل أنا حي أم ميت وأظن رحمة بأولادى وزوجتى وباقى الأسرة لا يتعذر عليكم أن تسمحوا بأن أرسل لهم خطابا كل أسبوع على أن يصلنى منهم ولو سطر واحد يؤكد انهم تسلموا خطابى واطمأنوا، وطبعا أنا وأولادي وكل ما نملك فداء للوطن العزيز وأنى اتحمل كل شيء بصبر وشجاعة وإيمان مادام فى ذلك صالح بلادى العزيزة واترك الامر لحكمتكم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
رسالته للواء عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة
وفى رسالة إلى عبد الحكيم عامر قائد عام القوات المسلحة، تضمنت إلى السيد اللواء أركان حرب عبد الحكيم عامر قائد عام القوات المسلحة بالقاهرة، جاء فيها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، أرسل لكم مرفقا بهذا الشيك رقم H.S.705847 بتاريخ 18نوفمبر 1956 على البنك الأهلى المصرى فرع مصر الجديدة بمبلغ زهيد كنت استطيع دفع اضعافه لولا انى بسبب ارسال ابني للدراسة الجامعية بالمانيا اضطررت لسحب أخر مبلغ لى بالبنك تقريبا ولكنى لا أحب أن احرم من المساهمة، فى مجهود البلاد الحربى ولو كنت استطيع عمل شيء الأن لبعت شيئا من أثاث منزلى أو من ملابسى لأدفع مبلغا أكبر ولكنى عاجز تماما عن علم أي شيء.
كما تعلمون فأرجوا قبول هذه الـ5جنيهات فهى رمز فقط وبمجرد أن تساعدنى الظروف سأدفع أقصى مبلغ يمكننى دفعه بل أنى لمستعد لدفع حياتى فى سبيل وطنى ولعل طلب التطوع الذى حررته فى أوائل هذا الشهر يكون قد وصلكم بأنى أريد التطوع ولو باسم مستعار لأخدم بلادى جنديا بسيطا فى الصف فأكرر رجائى هذا مرة أخرى، وأريد أن تثبت معادننا فى التضحية، وأن نبقى لمواطنينا أننا وهبنا أنفسنا وكل شيئ فى سبيل مصر واتحاد الكلمة ووقوف جميع المصريين صفا واحدا عند الخطر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته المخلص محمد نجيب 18/11/1956.
رد قائد البوليس الحربى على تبرع الرئيس محمد نجيب بـ5 جنيها للجيش
ووصل الرئيس محمد نجيب خطابا من رئاسة هيئة أركان حرب الجيش (هيئة إدارة الجيش إداره البوليس الحربى) القيد 1/21سرى/17/56/351 الجمهورية فى 21نوفمبر 1956 الموضوع بخصوص التبرع بمبلغ 5جنيهات بالشيك رقم 705847 مساهمة فى المجهود الحربى باسم اللواء اركان حرب عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة اللواء محمد نجيب وصلنى تبرعك بمبلغ5جنيهات مساهمة منك فى مجهود القوات المسلحة الحربى.
ويهمنى أن أذكر لك أن القوات المسلحة لم تكن ولن تكون بعون الله وبهمة رجالها وبالروح التى بعثتها الثورة من العزة والكرامة والتى خلقها زعيمنا فى نفس كل فرد من أفراد الأمة فى حاجة إلى مثل هذا المبلغ فالقوات المسلحة تملئها العزة لمصر وأن هذا المبلغ وأقل منه لنعتز به كل الاعتزاز ولو أنه كان تبرعا من رجلا فقير وما أكثر ما اعتززنا بقروش من مصريين لا شك أن قروشهم هذه التى تبرعوا بها كانت لازمة لهم ولأولادهم ومثل هذه القروش تبقى عند الوطن لهى أثمن من الألاف التى تبرع بها القادرون وذلك نسرع بإبلاغها للقائد العام لعلمنا انها تدخل على نفسه الغبطة والإيمان بأن مصر مملوءة برجالها المخلصين المضحين أما تبرعكم فان نفسي لا تبرأ أن نحيط القائد العام علما به حتى لا أبعث فى نفسه اشمئزازا من تصرف رجل انتسب للجندية وانتسب إلى مصر يوما ما.
وانى ماكنت لاكتب لك هذا الرد لو لم أكن اعلم بأن حالتكم المالية فى سعة ويسر وأنى اذكر بهذه المناسبة انك قد ربحت مبلغ 11ألفا من الدولارات ثمنا عن كتاب الثورة المصرية وأنت تعلم جيدا أن لا دخل لك بالثورة ولا فضل لك لا فى قيامها ولا في نجاحها ولا فى بقائها ولا فى ماقدمه رجالها، بل قادتها وزعيمها من خدمات وتضحيات ومثل عليا ومع ذلك فقد اقحمت نفسك فيها وتجرأت وكتبت عنها بما عاد عليك بالربح الذى تبخل اليوم بأن تجود ببعضه لوطنك لذا ارى رحمة بك أن ارد لك هذه القروش فمثلك أولى بها فربما تعوضك عن بعض مافاتك من البذل والعطاء الذى يبذله ابطالنا اليوم (احمد انور قائم مقام مدير البوليس الحربى).