ميركيورى تيرن بايك.. تصورات خيالية لصراع السيارات الأمريكية القوية
الأحد، 16 يوليو 2017 05:00 م
خلال الحرب العالمية الثانية أهتمت المجلات العلمية بعرض تصوراتها لسيارات المستقبل التى قد تظهر بمجرد إنتهاء الحرب وكانت تلك التصورات الخيالية لسيارات طويلة ومتسعة تأثرت تصميماتها بأشكال الصواريخ والمركبات الفضائية. ولكن أختلف الواقع عن ذلك حيث قدمت الشركات الأمريكية فى الفترة التى أعقبت الحرب تصميمات معدلة لسيارات فترة ما قبل الحرب. ولكن سبقت بعض الشركات المستقلة الثلاثة الكبار فى أمريكا وهم جنرال موتورز وكرايسلر وفورد فى تقديم تصميمات جديدة. وبحلول عام 1949 كانت كافة الشركات الأمريكية قد طرحت موديلاتها الجديدة كلياً فى الأسواق.
وفى منتصف القرن الماضى تغيرت الأحوال حيث ظهرت سيارات جديدة بمحركات V8 ذات كامات علوية وأشعل ظهور تلك المحركات ما بات يعرف بحرب الأحصنة وساعد على ذلك أنخفاض سعر الوقود وإنشاء طرق جديدة بأربع حارات فى الولايات المتحدة. وصل هذا السباق المحموم بين الشركات إلى أوجه عام 1959 بظهور موديل كاديلاك إلدورادو بمؤخرته الطويلة. وبطبيعة الأمر لم تكن فورد بعيدة عن هذا المشهد حيث كانت ميركيورى تيرن بايك أحد أهم أسلحتها فى تلك الحقبة.
المعروف أن شركة ميركيورى ظهرت فى عام 1939 لسد الفحوة بين أسعار موديلات فورد ولينكولن وهو ما ساعد مؤسسة فورد على منافسة جنرال موتورز بشكل أفضل. كانت سيارات ميركيورة عبارة عن نسخ أكثر فخامة من سيارات فورد حتى عام 1949 بعدما صار لسياراتها شكل مختلف عن موديلات فورد وإن أشتركت سيارات ميركيورى فى هيكلها مع سيارات لينكولن. وخلال الخمسينيات واصلت ميركيورى هويتها وتعزز تطورها بمرور الوقت.
فى عام 1955 ظهرت XM تيرن بايك كإحدى سيارات الأحلام أو النماذج التصورية بلغة عصرنا وكان الهدف من سيارات الأحلام خلال تلك الفترة هو قياس رد فعل المستهلكين تجاه الأفكار الجديدة. لم تر معظم تلك السيارات النور ولم يتم إنتاجها ولكن حدث ذلك مع ميركيورى تيرن بايك بعد أن تم إدخال بعض التغييرات عليها.
كان أرتفاع سيارة ميركيورى منخفضاً للغاية ولم يتجاوز 1330 ملليمتراً ولهذا تم تجهيز السيارة بسقف يشبه حرف T وكان لهذا السقف أجزاء مصنوعة من البلاستيك الشفاف معلقة بالقرب من منتصف السقف. وعند فتح الأبواب كانت تلك الأجزاء تتحرك للخارج. ولتسهيل تدفق الهواء إلى المقصورة ظهرت فى النسخ الأولى من السيارة طريقة للتهوية من خلال خفض الجزء الأوسط من النافذة الخلفية المكونة من ثلاثة أجزاء. وعندما تم طرح السيارة فى الأسواق الأمريكية عام 1957 لم تكن مختلفة كثيراً عن النموذج التصورى بأستثناء شكل السقف وموضع أنابيب العادم ولكن بقى شكل المؤخرة دون تغيير وكذلك شكل النوافذ الخلفية.
من الملامح الأخرى لتلك السيارة هى المصابيح الأربعة فى المقدمة وكانت أمراً جديداً فى سيارات تلك الفترة بالإضافة إلى مداحل الهواء الأمامية المثبتة على الأركان العلوية للزجاج الأمامى. وكان لتلك الفتحات هوائيات غير حقيقية مثبتة أفقياً تخرج من تلك الفتحات. وفى الواقع أضافت تلك الفتحات بعض اللمسات الجمالية للتصميم ولكنها كانت عرضة لتسرب الماء.
علاوة على الحجم الهائل لموديل تيرن بايك وطابعها المستقبلى تفردت تلك السيارة بالعديد من الأبتكارات فى مقصورتها الداخلية ومنها وجود ذاكرة لمقعد السائق الذى كان يعمل بالكهرباء.
وكان بالإمكان إعادة برمجة وضع هذا المقعد الذى يعود تلقائياً إلى أبعد نقطة له فى الخلف ولأكثر الأوضاع أنخفاضاً عند إغلاق المحرك بهدف تسهيل عملية الدخول والخروج.
وعند تشغيل المحرك يعود المقعد لوضعه السابق. وكان للمقصورة أيضاً ساعة كمبيوتر وعداد للسرعة وناقل سرعات أوتوماتيكى يمكن التحكم فيه من خلال أزرار مثبتة على التابلوه. وقد ظهرت تلك الخاصية فى عدد قليل للغاية من سيارات تلك الفترة منها سيارات كرايسلر.
تم تزويد سيارة ميركيورى بمحرك V8 بصمامات علوية سعة 6 لترات وبلغت قوة هذا المحرك 290 حصاناً. وزادت سعة المحرك فى موديل عام 1963 إلى 6300 سى سى وزادت معه القوة إلى 330 حصاناً. وكان لتيرن بايك الكثير من تجهيزات الأمان التى حاولت فورد تسويقها خلال تلك الفترة ومنها أدوات القيادة الموزعة على لوحة مسطحة وحاجب لأشعة الشمس وعجلة قيادة على شكل طبق عميق أما أحزمة الأمان فكانت متوافرة ضمن الكماليات.
توافرت تيرن بايك كروزر بثلاث طرازات وهى نسخة بأربعة أبواب أو بابين وسقف جلدى أو نسخة ببابين وسقف متحرك. كان حجم الموديل كبيراً وكان محلى بالكروم بشكل مكثف ولم يكن ذلك غريباً فى تلك الفترة. لسوء الحظ واجه الموديل عدة عقبات فى السوق فالأقتصاد الأمريكى كان يتجه للكساد وهو ما جعل الأمريكيون يتجهون للسيارات الأقتصادية ذات الحجم المتوسط بينما نمت مبيعات سيارات فورد وشيروليه الأقل فخامة. وعلاوة على ذلك ترددت الكثير من الشائعات عن المشكلات التى تتعرض لها تجهيزات السيارة وكانت النتيجة هى أنخفاض المبيعات إلى 16861 سيارة فقط فى عام 1957. وفى العام التالى زادت الأمور سوءاً بعد أن صار الموديل جزءاً من عائلة ميركيورى مونت كلير حيث تراجعت المبيعات إلى 6407 نسخة قط ووصل الأمر بعد ذلك إلى وقف إنتاج الموديل عام 1958 بعد أنت تبين أن تلك السيارة التى سبقت عصرها بمراحل كانت تسير عكس الإتجاه الذى يسير فيه ذوق المستهلكين. ولكن إلى اليوم تبقى تيرن بايك مثالاً رائعاً للسيارات الأمريكية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية والتى أستلهمت تصميماتها من عالم الصواريخ وتمتعت بحجم هائل جعلها تنتمى إلى ما عرف فى جينها بإسم اليخوت الأرضية.