لوسابر .. أعظم تصميمات جنرال موتورز على الإطلاق

فى عام 1926 تمكنت جنرال موتورز من إقناع المصمم الأمريكى هارلى إيرل بترك عمله فى هوليوود والإنضمام إليها وتم التعاقد معه لوضع خطوط موديل لاسال عام 1927 وكان فى الأساس سيارة منخفضة السعر قصد منها الأحتفال بمرور ربع قون على إنشاء شركة كاديلاك.

حققت لاسال نجاحاً كبيراً حتى أن رئيس جنرال موتورز ألفريد سولان أستأجر هارلى إيرل ليؤسس قسم الفنون والألوان فى المؤسسة والذى صار عام 1937 قسم جنرال  موتورز للتصميمات. سرعان ما صار لإيرال تأثيراً كبيراً داخل جنرال موتورز حيث أكملت أفكاره التصميميه مفهوم سولان والذى يقضى بإدخال تغييرات سنوية على موديلات الشركة بل كان لإيرل أيضاً تأثيراً قوياً على شكل السيارات الأمريكية بشكل عام. وفى منتصف الثلاثينيات من القرن الماضى، أبتكر إيرل سيارة الأحلام لتوضيح أفكاره وأختبار الرأى العام فيما يتعلق بتصاميم سيارات المستقبل. وكانت النتيجة الأبرز فى هذا الشأن هى السيارة بويك واى – جوب التى تعتبر أول نموذج تصورى فى تاريخ السيارات. وقد تميزت سيارة بويك بطول بلغ أكثر من ستة أمتار وعجلات لم يتجاوز قطرها 13 بوصة مع حواجز صدمات ملفوفة وغطاء أمامى بارز وشبكة منخفضة عريضة. والمميز فى تلك الملامح هو أنها أثرت فى تصميمات جنرال موتورز وباقى الشركات الأمريكية الأخرى لسنوات تالية خاصةً وأن جنرال نموتورز كانت تحتل موقع الصدارة فى عالم التصميمات خلال تلك الفترة. ويذكر فى هذا الشأن أن النموذج ظل السيارة الشخصية لهارلى إيرل لعدة سنوات. وفى أعقاب الجرب العالمية الثانية، قرر إيرل أن الوقت قد حان كى تعرض سيارات الأحلام ليس مجرد الطابع المستقبلى للتصميمات فحسب بل أيضاً المفاهيم الهندسية المتطورة وأنتهى هذا الجهد بظهور نموذجين وهما بويك لو سابر التى وضع خطوطها هارلى إيرل وبويك XP-300 التى أشرف على تصميمها تشارلز شاين كبير مهندسى الشركة. وإ ضافى إلى كون هذين النموذجين سيارات للعرض فى معرض أوتوراما السنوى لجنرال موتورز، كانا وسيلة أنتقال شخصية لشاين وإيرل. والملاحظ فى تصميم شاين أنه كان أقرب إلى الطابع التصميمى لسيارات بويك المعاصر بينما تنبأ نموذج إيرل بما ستكون عليه تصميمات السيارات خلال السنوات العشر التالية. كانت لو سابر سيارة طويلة كما كانت منخفضة لم يتجاوز ارتفاعها 127 سنتيمتراً وأشتركت تلك السيارة مع نموذج بويك فى الأجزاء الميكانيكية ولكن تأثرت خطوطها بتصميمات الطائرات النفاثة وبدا ذلك واضحاً فى الشبكة الأمامية البيضاوية الصغيرة المثبتة فى موضع مرتفع. وكانت الشبكة تستدير أفقياً بنحو 180 درجة لتكشف عن المصابيح الأمامية. واسفل تلك الشبكة أخذ مدخل الهواء شكلاُ مربعاً يشبه مثيله فى الطائرات النفاثة ويقسم هذا المدخل حاجز صدمات مكون من قطعتين. واضاف الزجاج الأمامى الملفوف بشكله البانورامى لمسة درامية على النموذج وكانت الفتحات الخلفية الصغيرة مصممة لتهوية الفرامل والبطارية التى جهز بها النموذج بقوة 12 فولت. وكان تصميم المؤخرة ييطر عليه الذيل الطويل الذى أحتوى المصابيح الخلفية وأسفلها أنابيب إخراج العادم بينما يتوسط المؤخرة لوحة كبيرة من الكروم تحتوى على مصباح صغير يضئ بقوة لتشبه مؤخرة السيارة الطائرات النفاثة. فى تلك السيارة أستخدمت المعادن الخفيفة بشكل مكثف حيث صنعت فتحة الحقيبة الخلفية وأجزاء الأبواب من المغنيسيوم بينما صنعت باقى أجزاء الهيكل من الألومنيوم وكان الوزن الإجمالى للسيارة 1361 كيلوجراماً بينما بلغ طول قاعدة العجلات 292 سنتيمتراً والطول الإجمالى 580 سنتيمتراً. تمتعت السيارة بملامح متطورة منها المقاعد والنوافذ الكهربية وأدوات أستشعار المطر التى تقوم آلياً بإغلاق السقف المتحرك عند سقوط أول قطرة من المطر. وتأكيداً على أستلهام التصميم من الطائرات النفاثة تم تزويد النموذج بمجموعة كاملة من العدادات وأدوات القياس منها عداد دورات المحرك وضغط الوقود وضغط الزيت ورجة الحرارة إضافة لوجود بوصلة ومعدات هيدروليكية لتسهيل تغيير العجلات. ومن حيث التجهيزات الفنية كانت لو سابر متطورة للغاية حيث اشتملت على ملامح أستمرت طيلة السنوات الخمسين التالية لظهورها فقط زودت السيارة بمحرك V8 سعة 3500 سى سى مصنوع من الألومنيوم وكانت غرف الأحتراق فى هذا المحرك نصف دائرية كما زود المحرك بشاحن فائق ولهذا بلغت قوته 335 حصاناً عند 5500 دورة فى الدقيقة علماً بأن وزن المحرك لا يتجاوز 249 كيلوجراماً. تجدر الإشارة إلى أن هذا المحرك كان يدار بالبنزين وكحول الميثيل، ففى الأحوال العادية كانت السيارة تستخدم البنزين وعندما تتطلب الظروف وجود قوة كبيرة للإنطلاق كانت السيارة تستخدم الكحول.

كان لو سابر هو الأكثر أهمية بين النماذج التصورية التى قدمتها جنرال موتورز على مدار تاريخها حيث أنه كان إيذاناً ببدء عصر جديد للسيارات أبتعدت فيه عن التصميمات المعروفة بإسم "قطرات الدموع" والتى ميزت سيارات الأربعينيات وفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية والتى برزت فى سيارات هدسون وناش وموديلات طوربيدو لجنرال موتورز. ومن خلال تلك السيارة أمكن لإيرل أن يؤسس إتجاهاً خاصاً به فى عالم التصميمات أستمر وتأثر به الآخرون حتى أواخر الستينيات. وكما هو الحال فى نموذج بويك واى – جوب أستمر إيرل فى أستخدام لو سابر لسنوات طويلة وقطع بها مسافة 80 ألف ميل قبل أن تحال إلى التقاعد لتحتل مكاناً مميزاً فى متحف جنرال موتورز.