إرهاب العصر ليس من الأديان في شيء
الإثنين، 10 يوليو 2017 10:38 م
لم يعد أحد ليصدق ما يروجه الإرهابيون والقتلة من أنهم يريدون إعادة الخلافة الإسلامية ، ولا هناك من يقتنع بأن ثمة من يمهد الأرض لعودة المسيح ليحكم الألف عام السعيدة ، انتهت كل الحيل والمبررات والترهات التي ساقها الإرهابيون مبررات لأفعالهم التي ليست من الأديان في شيء، هناك فقط مرتزقة وقتلة تقف وراء مشروعات إسقاط الدول والأمم.
والأديان بريئة براءة تامة من شرور البشر وأفعالهم الدنيوية المحضة البعيدة عن التعاليم والأخلاقيات والقيم والمثل.
لقد آن الأوان أن تكون هناك أقلام جادة وأفكار جريئة تجرد الإرهابيين من مبرراتهم الأخلاقية وأن ما يفعلونه تعاليم دينية وهي ليست كذلك على الإطلاق.
ففي غياب تام لما حضت عليه الأديان من حفظ للنفس، يعصف ثلة ممن لا يعرفون شيئا عن القيم والسماحة الدينية بكل ما قدمته الأديان جميعا من مقاصد في الحفاظ على النفس الإنسانية.
وقد شهد تاريخ الأنبياء والرسل بالشريعة الفطرية التي جاء بها آدم ونوح وشيث وإدريس وإبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام ثم موسي وما أداه لشيعته من أمانة الرسل السابقين، فجاء قول القرآن في حقه عليه السلام: (ومن قوم موسي أمه يهدون بالحق وبه يعدلون) ثم جاءت المسيحية بدعوة السيد المسيح عليه السلام بشريعة المحبة والتسامح والإحسان والرحمة التي وصي بها حوارييه وأتباعه , فجاء قول القرآن في حقهم : (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لايستكبرون).
ولا ريب فى أن مكمن الخطورة لتلك الجماعات وذلك الفكر لا يقتصر فقط على القتل بلا إنسانية، وإنما هو حاجة هذه الجماعات بصفة دائمة وملحة إلى الانتماء إلى شبكات ممتدة حول العالم، وهو ما يحتم علينا مواجهة الإرهاب داخليا وخارجيا.
وبعد أن أصبحت حياتنا تمضى يوما بعد يوم فى أحزان وآلام وترقب لا ينتهى إثر سقوط رجالنا وشبابنا وأبنائنا صرعى على أيدى الجبابرة.. فاقدي الضمائر والإنسانية ، فتجري الدماء الزكية على أرضنا الطيبة المذكورة بالأمان والرخاء في الكثير من آيات القرآن الكريم، نسائل هؤلاء المجردين من أبسط سمات الإنسانية ، ما دينكم على وجه التحديد؟
هل انتم يهود ؟ ونقول بأن اليهود لديهم شريعة في غاية التشدد للحفاظ على بنى جنسهم
فإن ما يحدث بهذا الشكل مضاد للديانة اليهودية في حق شعبها. وقد دعت اليهودية في أصلها إلى النهى عن الظلم فجاء في سفر حزقيال: أزيلوا الجور والاغتصاب وأجروا الحق والعدل.
وإذا ساءلناهم: هل أنتم مسيحيون ؟ نقول : المسيحية هي المحبة – هي التسامح – هي الشفقة – هي الرحمة- هى الغفران ، ومن أبرز وصايا المسيح عيسى "عليه السلام" دعوته لمحبة الأعداء والإحسان لهم حيث ورد فى انجيل متى: (سمعتم انه قيل تحب قريبك و تبغض عدوك، وأما أنا فاقول لكم، أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم)، وعلى ذلك فإن ذلك القتل يتنافى مع كل المبادئ المسيحية.
وإذا سألناهم : هل أنتم مسلمون ؟ نقول : إن أول مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية هو حفظ النفس وعصمتها وصون حق الحياة.
فالإسلام هو الحياة لا العدم .. هو الحب لا الكراهية .. هو الأمان وليس الخوف .. هو الرحمة وليس القسوة .. هو الترغيب لا الترهيب .. هو الإحسان وليس الإكراه.. هو السماحة وليس الضغينة .. هو التعمير وليس التخريب، فما يحدث من قتل للبشر هو مضاد لكل المبادئ الإسلامية.
إذن من أنتم ؟
إن ما يحدث من تفجير وتقتيل لمن لا ذنب له في سائر أرجاء العالم ما هو الا إبادة للإنسانية .. و إفناء للبشرية .. و تخريب للأرض التي أمر الله بعمارتها .. وهو عدوان على كافة النصوص الإلهية..
فالدين والحضارات يخاطبان العقل، والضمير الإنساني، والروح، ويحثان على السلام والبناء والإعمار، وكل الأديان تدعو إلى السلام والمحبة والتآخي واحترام حقوق الآخرين، وكلها يدعو إلى الاستقرار والبناء وإثراء الحضارة الإنسانية بالإنتاج الفكري والحفاظ على النفس البشرية.
وفي النهاية فإذا أردنا السير على النهج الصحيح في طريق الأمان والسلام فإنه لابد من العودة للأصول الصحيحة في الأديان وما تحض عليه الفطرة الإنسانية التي خلق الله الناس عليها ، ففي ظل الأديان تحفظ الأوطان ، وتتعايش الحضارات ، تتحالف وتتحاور وتتلاقح، لكنها أبدا لا تتصارع ولا تتحارب ولا تتقاتل.