الأولتراس.. «صنع في مكتب الإرشاد»

بدأت روابط المشجعين في العالم تتشكل في الأربعينيات والستينيات من القرن الماضي، إلا أنها بدأت في الظهور داخل مصر عام 2007، بعد ظهورها في ليبيا وتونس والمغرب.

ولروابط المشجعين أو «الأولتراس»، قوانين خاصة ودستور يحكمها، فهم أعداء للإعلام والميديا، وهو ما يطلق عليه البعض ثقافة النينجا، حيث فرد الألتراس عادةً ملثم، ولا يظهر أو يحب الظهور بالإعلام، وطاقته وإخلاصه للفريق فقط، كذلك يكرهون الشرطة، ودائمًا متحمسون للشجار مع رجال الأمن الذين يحاولون فرض قيود على طرق تشجيعهم، كما يكرهون الكرة الحديثة، أو تدخل الرأسمالية في الكرة، والتي تجعل من كرة القدم سلعة، و ثقافة الاحتراف وبيع اللاعبين، والمغالاة في بناء الاستادات أو رفع أسعار تذاكر المباريات.

ويترأس مجموعات الأولتراس «كابو» وهو الشخص الذي يقود الجماهير في المدرجات في الهتافات والغناء والتشجيع، ويقود الجماهير للدخلات ورسمها والقيام بعملها في المباريات، وتعتمد روابط «الأولتراس»، على الدعم المادي من أموال النادي، ومن رجال الأعمال الرعاة للنادي، وكذلك التمويل الذاتي من خلال بيع بعض المنتجات التي تحمل شعار ناديهم كالتشيرتات والجواكت والكوفيات.

 

إلى هنا والأمر قد يبدو عادي للجميع، لكن لتكوين روابط المشجعين أهداف أخرى لم تظهر إلا مع إندلاع أحداث ثورة 25 يناير، وتحديدا عند نزول رابطة «أولتراس أهلاوي» التابعة للنادي الأهلي، و«أولتراس وايت نايتس» التابعة لنادي الزمالك، يوم 28 يناير، والتي وجدوا فيها غايتهم للاشتباك مع قوات الأمن،ـ وهو أحد أهم مبادئ تكوين الأولتراس،ـ فإن وجدت الشرطة وجد الاشتباك معها تحت أي حجة، فإما بالاستفزاز وتوجيه السباب لقوات الأمن، من الأغاني التي كانوا يرددونها في المدرجات والتي كانت جميعها سبابا للشرطة، فقط لأنه أحد مبادئ دستور الأولتراس، وهو السبب الأول والأخير لنزول فرق الأولتراس إلى ميدان التحرير.

 

مع اندلاع ثورة يناير 2011، توقفت مباريات الدوري العام، وبالتالي توقف الدعم المادي للنوادي ورجال الأعمال الرعاة، كما توقفت مبيعات الأولتراس من تيشيرتات وكوفيات وغيرها، فكانت الفرصة مواتية لمكتب إرشاد جماعة الإخوان الإرهابية، لاستخدام طاقة هؤلاء الشباب واستغلال عدائهم للشرطة، وبدأ التفاوض مع «كابوهات» كل رابطة على حدى من أجل إشعال الموقف ورفع وتيرة الأحداث في الميادين.

واستطاع «خيرت الشاطر» التواصل المباشر مع «كريم عادل، وإدريس، وعابدينيو»» كابوهات أولتراس أهلاوي، و«سيد مشاغب، وطارق مساكن» كابوهات أولتراس وايت نايتس، ووفر مكتب إرشاد الجماعة الإرهابية، كل الدعم المادي لهم، والأموال اللازمة لتحركاتهم في الميادين على مستوى الجمهورية.

كان مكتب الإرشاد على علم بحقيقة الخلاف التاريخي بين النادي الأهلى والنادي المصري البورسعيدي، ومدى الكراهية بين الفريقين، فكانت تلك الكراهية هي المدخل الرئيسي لهم، فقاموا باستغلال كراهية أعضاء رابطة «أولتراس أهلاوي»، ورابطة «أولتراس جرين إيجلز» التابعة للنادي المصري البورسعيدي، وقاموا بشحن جماهير الرابطتين على «الفيسبوك»، قبل لقاء فريقي النادي الأهلي والنادي المصري، في مباريات الدوري العام، على أرض استاد بورسعيد، وكان التراشق بالألفاظ والتوعد بين الرابطتين، على أشده قبل المباراة بــ3 أيام على الأقل، حتى إن مدير أمن بورسعيد، اللواء «عصام سمك»، طلب من أجهزة الأمن تأجيل المباراة لوقت لاحق نظرا لخطورة الموقف، لولا أنه «سبق السيف العزل»، وأقيمت المباراة .

خططت الجماعة الإرهابية، لوقوع مجزرة أثناء مباراة المصري البورسعيدي والأهلي، وبدأ أوّل إنذار لوقوع الكارثة بنزول الجماهير أرضية ملعب المباراة أثناء قيام لاعبي الأهلي بعمليات الإحماء قبل اللقاء، ثم رفعت لافتة من داخل مدرجات الأهلي كتب عليها «بلد البالة مجبتش رجالة»، لاستفزاز مشجعي النادي المصري، ثمّ اقتحم عشرات المشجعين أرضية الملعب بين شوطي المباراة، وتكرّر الأمر بعدما أحرز المصري هدف التعادل ثم هدفي الفوز التاليين، حيث اقتحم أرضية الملعب الآلاف، بعضهم يحمل أسلحة بيضاء وعصي من جانب فريق المصري (الفائز 3-1) بعد إعلان الحكم انتهاء المباراة، وقاموا بالاعتداء على جماهير الأهلي.

وعزا البعض الهجوم إلى اللافتة المسيئة التي رفعت في مدرجات الأهلي، والتي عدها مشجعو المصري إهانة لهم، وكانت الإصابات كلها إصابات مباشرة في الرأس، إصابات بآلات حادة تتراوح بين ارتجاج في المخ وجروح قطعية، وطعنات من سلاح أبيض.

وأكّدت تقارير الطب الشرعي وجود وفيات نتيجة طلقات نارية وطعنات بالأسلحة البيضاء، ومن وقتها استطاع مكتب الإرشاد تسيس أعضاء روابط الأولتراس، وأستحلوا دماء الشباب تحقيقا لأهداتفهم الدنيئة، وبعد شهور قليلة من أحداث المجزرة.

وبعد وصول الإخوان للحكم، استطاع «كريم عادل» شراء إحدى الكافيتريات بلغ ثمنها أكثر من مليون ونصفٍ جنيهًا، رغم ما يعرف عنه بأنه من أسرة متوسطة الحال.

 

في فبراير 2015 دبرت جماعة الإخوان الإرهابية، أحداث اشتباكات ستاد الدفاع الجوي، قبل مباراة الدوري بين نادي الزمالك ونادي إنبي، في استاد دار الدفاع الجوي بالقاهرة، وراح ضحيتها 22 قتيلاً، ووقعت الأحداث بعد محاولة مشجعو نادي الزمالك افتعال شجار مع قوات الأمن، وحاولوا دخول المباراة دون تذاكر دخول.

 

وفي مايو 2015 قضت محكمة مستأنف الأمور المستعجلة بالقاهرة، بحظر جميع روابط الأولتراس على مستوى الجمهورية، وتضمن الحكم إلغاء حكم محكمة أول درجة للأمور المستعجلة والذي كان قد قضى برفض الدعوى المقدمة من المستشار «مرتضى منصور»، رئيس نادي الزمالك، والتي طالب فيها بحظر روابط الأولتراس، لاتهامهم بالتورط في أعمال شغب وتخريب في البلاد، مستندا في دعواه بتحقيقات النيابة العامة التي اتهمت مجموعات من روابط الأولتراس بمحاولة الاعتداء على وزير الرياضة اللأسبق العامري فاروق، وكذلك الاعتداء على رئيس نادي الزمالك، وحرق نادي الشرطة ومقر الاتحاد المصري لكرة القدم، وغيرها من أعمال العنف التى تورطت بها روابط الأولتراس، وبموجب الحكم، يكون رفع اللافتات الضخمة الخاصة بروابط مشجعي الألتراس، أو ترديد هتافاتهم، أو أداء أي من الأنشطة التي اعتادوا ممارستها، مخالفة للقانون تستوجب العقوبة.