الأكياس القاتلة.. كارثة تهدد الملايين و«البيئة» تقترح ترشيد الاستهلاك

السبت، 08 يوليو 2017 02:04 م
الأكياس القاتلة.. كارثة تهدد الملايين و«البيئة» تقترح ترشيد الاستهلاك
الأكياس البلاستيك
منال العيسوي

أعلنت وزارة البيئة خلال إحدى جلسات مجلس النواب بلجنة النقل والمواصلات أنها بصدد إطلاق مبادرة للحملة الوطنية لترشيد استهلاك البلاستيك، أول سبتمبر المقبل، بالتعاون مع هيئة سيداری، وبنظرة بسيطة للواقع نجد طرح تساؤل بشأن مدى نجاح وزارة البيئة في ترشيد استهلاك البلاستيك، وتغيير نمط الاستهلاك للمواطنين لما تمثله من خطر علی البيئة وصحة الإنسان، والتربة والكائنات البحرية، وهل ستخوض وزارة البيئة حربا ضد مصانع بير السلم، وإن كان فهل الحملة لمنع الاستخدام أم لترشيد الاستهلاك ومدى توافق هذا مع الاتفاقيات الدولية.

انتشار قناديل البحر

جاء إعلان وزارة البيئة، عن إطلاق حملة ترشيد استهلاك أكياس البلاستيك، بعد ظاهرة انتشار قناديل البحر بكثافة على الشواطئ المصرية، والتي كان جزء من أسباب انتشار القناديل مرتبط بالتوازن البيئي للكائنات البحرية، فأحد أهم الأسباب، كان أن بعض السلاحف البحرية التي كانت تعيش على قنديل البحر، قل عددها بسبب الصيد الجائر لها، وبيعها في الأسواق، والمتبقي منها، التهم أكياس بلاستيكية ظنا منهم إنها قناديل بحر، والتي تنجم عن بعض مخلفات المصطافين والسفن البحرية، ما أدى إلى انسداد بلعومها بعد التفاف الأكياس عليها مما منعها من القيام بدورها الطبيعي لأحداث التوازن.

البرلمان يحذر

وخلال واقعة انتشار قناديل البحر، ظهرت بعض المطالبات لمؤسسات بيئية تطالب وزارة البيئة بالتعامل مع الظاهرة، وخرجت الوزارة ببيانات تحدد نوع وحجم وطرق التعامل وأسباب ظهور قناديل البحر، فوقف الجميع عند أهم سبب وهو أكياس البلاستيك، وقدم أحد نواب البرلمان بطلب إحاطة لوزير البيئة، يحذر فيه من خطورة أكياس البلاستيك، ولأن وزير البيئة، وإدارة جهاز شئون البيئة يعرف أهمية الدور الذي يلعبه البرلمان تم إعلان الحملة رسميا في جلسة الاستماع بلجنة النقل والمواصلات، رغم أن وزير البيئة، كان مر مرور الكرام من قبل على حملة ترشيد استهلاك الأكياس البلاستيك، وقامت أحدى الجمعيات الوليدة بالعمل على نفس المحور وهو ما ينم عن توارد الأفكار بين سياسة وزارة البيئة، ومؤسسة شباب بتحب مصر رغم خبرتها الصغيرة..

البيئة والصحة متهمان

على الرغم من أن وزارة الصحة هي المنوط بها دراسة تأثير الأكياس البلاستيك على المواد الغذائية والصحة العامة والتأكد من سلامه الغذاء واتخاذ الإجراءات القانونية ضد أى جهة تقوم بمخالفة الاشتراطات الموضوعة، إلا أن وزارة البيئة أيضا شريك فى المسؤولية فهي المنوط بها منع وترشيد استهلاكها، حيث أن المواد التي يتم تصنيع الأكياس البلاستيكية منها، والتي تشكل خطورة تعد أحد أنواع المخلفات الخطرة التي منعت اتفاقية بازل استخدامها وتداولها، وبما أن مصر وبالتحديد وزارة البيئة وقعت على الاتفاقية عام 1988 خاصة بعد إعلان استكهولوم عام 1972، وثورة الدول النامية على تمرير الدول المتقدمة نفايتها إلى الدول النامية، فكان لزاما على وزارة البيئة اتخاذ إجراءات رادعة وفرض رقابة مكثفة على المنشآت التي تقوم بتصنيع الأكياس البلاستيك من مخلفات البولى ايثيلين وتحويل زجاجات المياه إلى حبيبات وإعادة استخدامها بعد إضافة بعد مواد كيميائية عليها لإعطاء اللون.هل تخوض وزارة البيئة

حرب مع أباطرة صناعة البلاستيك ومواد التغليف

صناعة البلاستيك والتغليف من الصناعات الأساسية في مصر، وهناك منشآت كثيرة تعمل في هذا المجال ولديها سجلات بيئية ومشكلات مع ارتفاع أسعار المواد الخام، وتراعى الاشتراطات البيئية والمعايير المرتبطة باستخدام هذه المواد، وهنا هل ستخوض وزارة البيئة حربا رقابية على هذه المنشآت التي قد يتحايل بعضها على ارتفاع أسعار المواد الخام بشراء مواد اقل في الجودة تقوم على إعادة تدوير المخلفات الصلبة سواء البلاستيك الطري أو الناشف من زجاجات المياه الفارغة، وأنه يوجد بالتوازي مع المصانع الرسمية التي تحتاج رقابة مكثفة من كافة الوزارات المعنية وعلى رأسها وزارة البيئة مئات بل آلاف المصانع التي يطلق عليها مصانع تحت السلم، تقوم بإنتاج كميات مهولة من الأكياس والأواني البلاستيكية التي تؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان، حيث أن الأكياس تدخل في كثير من مناحي الأنشطة الاستهلاكية للمواطنين لوضع الخبز الساخن فيها، وشراء الفاكهة والأطعمة بها، والتي تتفاعل المواد الكيمائية المصنوعة منها مع المواد الغذائية والتى تعيد تشكيل مواد هيدروكربونية تصيب الإنسان ببعض الأمراض، أهمها السرطان.

"تترباك" تحارب الأكياس من المنبع

ولأن الموضوع ليس بجديد، ويحتاج إستراتيجية مختلفة للتعامل مع الأكياس البلاستيك، بعيدا عن رسائل التنويه فى إعلانات التليفزيون أو توزيع شنط قماش أو ورق خلال شهر، اتخذت وزارة البيئة منذ عامان تقريبا، خطوة كانت أكثر فاعليه بالتنسيق مع أحدى شركات الأغذية الكبرى " تترباك " فى إنتاج تغليف وتعبئة بيئى بعيدا عن استخدام البلاستيك، وتبنت وقتها تترباك إطلاق حملة تغير نمط الاستهلاكي، وهنا من المنبع، أى قبل التصنيع، وليس بعد " خراب مالطة " بمعنى أن البدء من المنبع وهو نقطة البداية فى التصنيع، وتحجيم الشركات ومصانع بير تحت السلم من استمرار تصنيعها وبيع منتجاتها علانية فى الاسواق والمحال المتخصصة فى بيع أكياس البلاستك، وهنا أحكام الرقابة واجب.

شهر لا يكفى لتغيير السلوك

وهنا سؤال ملح حول إمكانية نجاح حملة وزارة البيئة فى تغير سلوك البسطاء فى شهر فقط، وهم الذين يقومون بشراء كيلو فاكهة أو ب2 جنية عيش أو ملابس، فى كيس اقل ما يصفه " كيس زبالة " وهنا تغير السلوك ليس مرتبط فقط بمنع شراء المنتجات أو الأغذية وإنما أيضا بإعادة استخدام هذه الأكياس بعد غسلها واستخدامها فى تخزين اللحوم والخضراوات فى فريزر الثلاجة، وبعد خروجها يتم وضع ساندوتشات المدارس للأطفال، وهل ستمنع الوزارة مصانع البلاستيك التي تقوم بإنتاج أدوات وأوانى منزلية "أكواب، ودورق، وأطباق، وعلب ثلاجة" رخيصة السعر يستخدمها البسطاء فى المأكل والمشرب، والتى يتم تصنيعها أيضا من نفس مواد المخلفات التى يجمعها النبيشة من صناديق القمامة لغسلها وتكسيرها وتحويلها لحبوب بروبلين وبيعها لمصانع كبيرة معروفه بالاسم للقاصى والدانى، وكل ذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام.

البحوث والدراسات البيئة: الأكياس البلاستك سم قاتل للبشر والكائنات البحرية والتربة

أثبت الدراسات والبحوث البيئية الصادرة عن برنامج الامم المتحدة للبيئة، أن هناك مليار كيس سنويا يستهلكها الإنسان، وتتكلف ما يقرب من مليار برميل من النفط، وتحتاج من 400 إلى 1000 سنة على التحلل، كما يصعب إعادة تدويرها مقارنة بالاكياس الورقية، حيث أن نسبة 1% فقط هى التى يتم إعادة تدويرها مقارنة بـ20 % من الأكياس الورقية، وتأتى حملة وزارة البيئة لترشيد استهلاك البلاستيك باعتباره احد المخلفات التى يصعب تدويرها، وتحتاج على الاقل 400 عاما كى تتحل، إضافة إلى ما تشكله أكياس البلاستيك من خطورة على الصحة العامة، سواء للإنسان أو التربة أو الكائنات البحرية.

ترشيد استهلاك الأكياس أم منعها؟

وتسعى وزارة البيئة خلال حملتها التى ستطلقها أول شهر سبتمبر، إلى إحداث وتنمية الوعى البيئى بخطورة استخدام الأكياس البلاستيك بكل أنواعها، وضرورة البحث عن بدائل لها، لما تشكله من مشكلات بيئية وصحية، حيث ستقوم الوزارة بتنفيذ بعض الفعاليات والأنشطة بالتنسيق مع سلاسل السوبر ماركت الكبيرة والصيدليات والنوادي، وتنفيذ حملات إعلانية بالتليفزيون وسيتم توزيع شنط صديقة للبيئة وبروشورات لتوعية الجماهير بأضرار الأكياس البلاستيك كما سيتم التنسيق مع الوزارات الأخری للتحول نحو البلاستيك الذي يمكن تحلله واستخدام الأكياس الورقية.

ويأتي اسم حملة وزارة البيئة تحت عنوان ترشيد استخدام الأكياس البلاستيك، رغم أنه من المفترض أن يكون العنوان منع الاستخدام لما تشكله من خطورة بيئية وصحية، وأنه طبقا للاتفاقيات الدولية يعد أكياس البلاستيك أحد أخطر المخلفات البيئية التى يحظر تداولها دوليا، وهل العاملون بوزارة البيئة يعرفون الفارق بين مصطلح ترشيد الاستخدام ومنع الاستخدام، فالترشيد مرتبط ذهنيا بترشيد الموارد الطبيعية التى على وشك النضوب كما فى المياه والطاقة والكهرباء لكن الأكياس البلاستيك، فتستوجب المنع وليس الترشيد وإن كان بمنطق خطوة خطوة حتى يستجيب المواطنين للحملة، فلابد أن يعرف موظفى البيئة انه لابد أن يعرف المواطن من البداية أن استخدام أكياس البلاستيك فيه خطر على صحته والبيئة المحيطة ليصبح شريك فاعل فى الحملة.

فى النهاية تظل حملة وزارة البيئة حملة فى غاية الأهمية، لكنها تحتاج آلية مختلفة فى التعامل، وتوحيد جهود كافة مؤسسات المجتمع المدنى فى كل بقاع مصر للتعامل فى الحملة والمشاركة فى توعية المواطنين، فمصر ليست القاهرة والجيزة فقط وانما هناك 28 محافظة وأكثر من 2000 جمعية أهلية ومؤسسة تعمل فى مجال البيئة ولديها أدواتها وجمهورها المستهدف للمشاركة فى الحملة والقيام بالدور المنوط بها، وتفعيل إجراءات تطبيق القانون لتجريم صناعة الأكياس البلاستيك وهذا يحتاج العمل على مدار عام متكامل فى الجهود على الأقل وليس شهرا، مع مراعاة ان هناك من المصانع الغير مرخصة القطاع الغير الرسمى تشكل نسبة إنتاجها بشكل مضاعف وحجم عمالة سواء فى البيع أو التصنيع، ولابد من تحويل تليفزيون الدولة والقنوات الفضائية للمشاركة فى الحملة بإعلانات ذات محتوى هادف حتى يؤتى الهدف منه

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة