د. سالم عبد الجليل لـ «صوت الأمة»: ما رواه البخارى عن سحر اليهودى للنبى «معلول» ولا يقبله عقل
الثلاثاء، 04 يوليو 2017 12:30 مسحر حسن
حديث لعن الملائكة للمرأة فى حالة عدم معاشرة الزوج صحيح فى سياقه العام بشرط عدم وجود علة
د. سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، يرى أن ليس كل ما ورد من أحاديث نبوية يعد صحيحا، لأن بعضها غير صحيح وبعضها كذب على رسول الله، وقد حذر النبى «صلى الله عليه وسلم» من ذلك، حينما قال «من كذب علىّ متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار»، ولذلك لابد من تحرى الدقة حفاظا على السنة النبوية.
ويرى عبد الجليل ضرورة أن تؤخذ الأحاديث الصحيحة فى سياقها العام، ومنها لعن الملائكة للمرأة التى تمتنع عن معاشرة زوجها، فهذا حديث صحيح، ولكنه مرتبط بعلة.
«صوت الأمة» حاورت د. سالم عبد الجليل، حول الأحاديث النبوية المتداولة لمعرفة مدى صحتها، وإلى نص الحوار:
ماذا عن الضوابط التى يستطيع المسلم من خلالها تصنيف الأحاديث النبوية ما بين صحيح وضعيف ومكذوب؟
- العلماء الذين وهبوا أنفسهم للبحث والدراسة، وضعوا قيودا لقبول الحديث من عدمه، والإمام البخارى، جمع عن النبى ما يقرب من 600 ألف قول، تمت تصفيتهم ما بين 2000 إلى 3000 حديث نبوى، ما يؤكد أن الصحيح من الأحاديث النبوية قليل، والمسلم يستطيع أن يعرف صحتها من عدمه بالبحث من خلال المواقع العلمية المعتمدة، ومنها موقع الأزهر
40 % من الشعب أمى فكيف يتمكن من ذلك؟
- ليس مطلوبا من كل مسلم التعرف على صحة الحديث النبوى، وإنما يمكنه التعامل مع الحديث بالروح العامة بعد الاستماع إليه من المتخصصين من أهل العلم، وليس من غيرهم، وإن لم يستوثق فعليه أن يسأل أهل الذكر، كما قال تعالى فى قوله العزيز «واسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون».
هل يمكن الاعتماد على الفطرة فى معرفة الأحاديث النبوية؟
- بالفعل الفطرة السليمة، تستطيع التمييز بين هذا وذاك، بشرط ألا يكون بها هوى لأن العديد من الناس لديهم اشكالية كبيرة، حيث يميلون إلى هواهم حتى لو كان فاسدًا، ففى بعض الأحيان، يتم عرض الحديث بما يتناسب مع رغبة الراوى، فيتحول من فطرة إلى رغبة.
عمومًا كل ما هو خارج على الفطرة السليمة ليس دينا، ومثال على ذلك الحديث النبوى «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله»، فرغم أنه حديث صحيح، فإن فهم الناس له خطأ لأن المسلم ليس مطالبا بقتل من لم ينطق بالشهادة، حيث أن الحديث يعد تفسيرا للآية القرآنية «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم» وهم قريش، ولذلك لابد من عدم فهم الحديث بشكل مجرد بالإضافة إلى ضرورة فهمه من خلال سياقه وسبب وروده وفهمه مع النصوص الأخرى.
البعض يفسر الاختلاف بين النصوص القرآنية بالتضارب، فماذا عن ذلك؟
- الجاهل يعتبر الاختلاف فى النصوص تضاربا، أما العالم فيعتبره تخصيصا، حيث أن الآيات منها العام، ومنها الخاص، ومن ثم لدينا قول الله تعالى «لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه»، وهذا فى العموم، ثم خصه الله عز وجل بأهل الكتاب «وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم» ولذلك نسمى باسم الله، ونتناول الطعام من إخواننا المسيحيين.
ماذا عن تصنيف الأحاديث النبوية؟
- الأحاديث النبوية الصحيحة، ما نقلت عن النبى من خلال صفات خمس لناقلها، وهى العدل والضبط والثقة وغير المعل ولا شاذ، أى أن من يروى الحديث لابد أن يكون رجلا صالحا لا يكذب ولم يصل إلى السن التى تصيبه بالخرف، وليس لديه ميول ليبيع دينه بالمال، وغير معل ولا شاذ، ومن ثم فهناك بعض الأحاديث التى تروى عن النبى، ولكنها غير مقبولة، ولم تنطبق عليها الشروط ومنها الأحاديث التى تروى عن سحر النبى من يهودى، وهو حديث غير مقبول بالرغم أن من رواه هو البخارى ولكنه حديث معل، حيث لا يليق بمقام النبوة، والعقل لا يقبله لأنه لا يجوز أن يسلط الله اليهودى على النبى، ولذلك فبالرغم من أن الحديث سنده صحيح، لكن متنه معلول وشاذ فلا يمكن قبوله.
بعض المتعصبين يرفضون الخروج على أحاديث البخارى بصفته من كبار الأئمة فماذا عن تقييمك لذلك؟
- كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد عليه، إلا الرسول لأنه ليس هناك إنسان مقدس أو معصوم من الخطأ، لكى نسلم بقوله إلا النبى، وهكذا قال الإمام مالك.
ماذا عن عدد الأحاديث التى جمعها الإمام مالك؟
- الإمام مالك جمع القليل من الأحاديث، وجمعها فى كتاب الموطأ.
ماذا عن مراحل تدوين الأحاديث النبوية، التى أدت إلى الانحراف بها عن مسارها الصحيح؟
- تم تدوين الأحاديث النبوية فى عهد الرسول، ثم نهى عن تسجيل أى قول إلا القرآن حتى لا يتم الخلط بينهما، وقال من دون عنى أى شىء فليمحه، وعندما استقر الأمر سمح النبى بتسجيل الأحاديث النبوية حتى أن أحد الصحابة، قال يا رسول الله نكتب عنك فى الرضا، أنكتب عنك فى الغضب؟ قال النبى اكتب عنى فى الرضا والغضب، فإنى لا أنطق عن الهوى، وكل كلمة يقولها الرسول يؤيدها الوحى ولم يرفضها إلا مرة واحدة فقط، عندما سأل أحد الرجال الرسول قائلا هل الشهادة فى سبيل الله تكفر كل شىء ؟ قال النبى نعم، فنزل الوحى على النبى، قائلا يا محمد ربك يقرئك السلام، ويقول لك يا محمد الشهادة فى سبيل الله تكفر كل شىء إلا الدين لأنه حق العباد، فطلب النبى الرجل مرة أخرى وصحح له المعلومة.
بعض الأحاديث يتم ترويجها لإرهاب المرأة ومنها المرأة التى تمنع نفسها عن زوجها تلعنها الملائكة حتى تصبح؟
- الحديث صحيح فى سياقه العام، لكنه مرتبط بعدم وجود علة حتى لو كانت علة نفسية من اجهاد أو تعب، والحياة الزوجية الصحيحة، تقوم على الود والحب بين الزوجين.
ماذا عن الأحاديث التى يستخدمها البعض لإرهاب أمة محمد ومنها عذاب القبر؟
- كما أن هناك أحاديث عن عذاب القبر، هناك أحاديث عن نعيم القبر، ويجب أن نلتفت إليها، فالإنسان بعد موته يفنى الجسد، ويعيش بروحه فقط فى حياة البرزخ، فإذا كان صالحا يكون هناك نعيم للروح، وفى المقابل هناك عذاب للروح لا يعلم كيفيتهما إلا المولى عز وجل، وعذاب أقرب للمعنوية منه إلى المادية، ولذلك أرفض تجسيد عذاب القبر فى شكل مادى، كما يروج بعض الوعاظ بوجود نار فى القبر أو ما إلى ذلك من أشكال الترهيب لأنه غير صحيح.