«عدد خاص» من صوت الأمة الورقى بمناسبة عيد الفطر المبارك

عطر النبى فى مصر.. «سيدى إبراهيم» أشجع من ثار على حكم العباسيين

الإثنين، 26 يونيو 2017 05:00 م
عطر النبى فى مصر.. «سيدى إبراهيم» أشجع من ثار على حكم العباسيين
عطر النبى فى مصر
السيد عبدالفتاح

خطب يومًا على المنبر فقال: «أيها النَّاس إنى وجدت جميع ما يطلب العباد من جسيم الخير عند اللّه فى ثلاثة: فى المنطق، والنظر، والسكوت​
 
إبراهيم بن عبدالله بن الحسن، أحد أوراق الشجرة الشريفة من آل البيت النبوى الطاهر، هو إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الهاشمى القرشى أحد الأمراء الشجعان الأشراف، من سلالة آل البيت، ومن رواة الحديث النبوى، حيث روى عنه فضيل بن مرزوق. يعرفه المصريون كون رأسه مدفوناً فى منطقة المطرية فى المسجد الذى بناه المصريون له وأسموه «مسجد تبر»،  يذكر اسم إبراهيم بن عبد الله فى الغالب مقترنًا باسم أخيه الإمام محمد النفس الزكية، ويعود هذا الاقتران لمشاركتهما فى المحنة والثورة على الحكم العباسى، ولذلك يتكرر فى المصادر الإسلامية بشكل ملحوظ ذكرهما معًا عند الكلام فى الخروج على أبى جعفر المنصور. 
 
كان إبراهيم شاعرًا وعالمًا بأخبار العرب بأيامهم وأشعارهم. 
 
ويحكى عن أبى حنيفة أن غزوة مع إبراهيم بعد حجة الإسلام أفضل من خمسين حجة، وقبل ذلك كان أبو حنيفة النعمان أجرى اتصالات علمية مع عبد الله والد إبراهيم ومحمد النفس الزكية.
 
روى أنَّه كان: سائل الخدين، خفيف العارضين، أقنى الأنف، حَسَن الوجه، قد أثر السجود فى جبهته وأنفه، وكان تلو أخيه محمد فى العلم والدِّين والشجاعة، وكان خطيبًا فصيحًا جَيِّد النقد للشعر، حسن البديهة، ذكر المفضل أن سبعين قصيدة من أول اختياراته اختياره، وأنه كان متواريًا فى منزله قبل ظهوره، فطلب منه من الدفاتر ما يأنس بالنظر فيه، فأخرج إليه شيئًا من الشعر؛ فاختار منه ذلك، وله فى مرثية أخيه النفس الزكية:
 
«سأبكيك بالبيض الرِّقاق وبالقنا فإنَّ بها ما يدرك الطالب الوتر 
 
ولست كمن يبكى أخاه بعَبْرةٍ يعصرها من جفن مقلته عصر
 
ولكننى أشفى فؤادى بغارة ألَهِّب فى قطرى كتائبها جمر».
 
إبراهيم كان خرج إلى البصرة قبل ظهور أخيه النفس الزكية بالمدينة داعيًا إليه، وتوارى بها مدة، وكان أخوه عَهِد إليه ونص بالإمامة بعده عليه، فأقام هناك مدة يدعو إليه، فلما ظهرت دعوته بالمدينة أظهر هو الدعاء إليه، وذلك ليلة الإثنين غرة شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة، وأخذ البيعة لأخيه واستولى على البصرة، وقام بالأمر هناك على خلافته، إلى أن ورد عليه نعيه أول يوم من شوال سنة خمس وأربعين ومائة، وهو يريد أن يصلى بالناس صلاة العيد، فصلى بالناس ثم رقى المنبر وخطب وذكر قَتْلَه ونعاه إلى النَّاس، وتمثل بهذه الأبيات:
 
«أبا المنازل يا خير الفوارس من يُفْجَع بمثلك فى الدنيا فقد نجِعَ
 
اللّه يعلم أنى لو خشيتهم أو أوجس القلب من خوف لهم فزعًا
 
لم يقتلوك ولم أسلم أخَيَّ لهم حتى نموت جميعًا أو نعيش معًا»
 
أخذ عاملاً لأبى جعفر فقال له بعض أصحابه سَلِّمه منى، قال له: وما تصنع به؟ قال: أعذبه ليخرج المال الذى عنده. فقال: لاحاجة لى فى مال لا يستخرج إلا بالعذاب.
 
وكان إبراهيم يقول متى أراد أن ينزل عن المنبر: «اتَّقُوْا يَوْمًا تُرْجَعُوْنَ فِيْهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُوْنَ» 
 
وقال يومًا وهو على المنبر بعد ما خطب: «اللهم إن ذكرت اليوم أبناء بآبائهم وآباء بأبنائهم، فاذكرنا عندك بمحمد صلى اللّه عليه وعلى آله يا حافظ الآباء فى الأبناء والأيتام للآباء، احفظ ذرية نبيك» فارْتَجَّ المصلى بالبكاء. وكان محمد بن عطية مولى باهلة وَلِيَ بعض أعمال فارس لأبى جعفر؛ فظفر به أصحابه وحملوه إليه، فقال: هل عندك مال؟ قال: لا، قال: اللّه. قال: اللّه، فقال: خلوا سبيله. فخرج ابن عطية وهو يقول بالفارسية: ليس هذا من رجال أبى جعفر. يعنى أنَّه كان ينبغى له أن لا يقتصر منه على اليمين وأن يستخرج منه المال، وإن المحق الذى يراعى أمر الدين فيما يفعله لا يقاوم المبطل الذى لا يبالى بما يقدم عليه.
 
وأتاه قوم من أصحاب الصباغ فقالوا: يا ابن رسول اللّه إنا قوم من غير العرب، وليس لأحد علينا عَقْدٌ ولا ولاء، وقد أتيناك بمال فاستعن به. فقال: من كان عنده مال فليعن أخاه فأما أنْ آخذه فلا!
 
وكان يقول: هل هى إلا سيرة على أو النار.
 
وحكى شيبة كاتب مسعود الموربانى أن جماعة من الزيدية دخلوا عليه فنالوا منه، وقالوا: هات ما معك من مال الظلمة. [قال شيبة:] وأدخلونى إلى إبراهيم فرأيت الكراهة فى وجهه، فاستحلفنى فحلفت فخلى سبيلى، فكنت أسال عنه بعد ذلك وأدعو له حتى نهانى مسعود.
 
وخطب يومًا على المنبر فقال: «أيها النَّاس إنى وجدت جميع ما يطلب العباد من جسيم الخير عند اللّه فى ثلاثة: فى المنطق، والنظر، والسكوت، فكُلُّ منطق ليس فيه ذِكْرٌ فهو لغو، وكل سكوت ليس فيه فِكْرٌ فهو سهو، وكل نظر ليس فيه اعتبار فهو غفلة، فطوبى لمن كان منطقه ذكرًا، ونظره اعتبارًا، وسكوته تفكرًا، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته، وسلم المسلمون منه». فعجب النَّاس من كلامه.
 
وقال أبو إسحاق الفزاري: جئت إلى أبى حنيفة فقلت له: ما اتقيت اللّه حيث أفتيت أخى فى الخروج مع إبراهيم بن عبد اللّه بن حسن حتى قتل! فقال لي: قَتْلُ أخيك حيث قُتِل يعادل قَتْلَه لو قتل يوم بدر، وشهادته مع إبراهيم خير له من الحياة!! قلت: فما منعك أنت من ذاك؟ قال: ودائع كانت للناس عندى.
 
وكان الأعمش يدعو إليه ويقول: ما يُقْعِدُكم عنه، أما إنى لو كنت بصيرًا لخرجت.
 
وظهر غُرَّة شهر رمضان، وورد عليه نعى أخيه النفس الزكية يوم الفطر، وقتل فى ذى الحجة.
 
فكانت مدة ظهوره على خلافة أخيه شهرًا واحدًا، ومدة قيامه بالأمر شهرين وأيامًا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق