«عدد خاص» من صوت الأمة الورقى بمناسبة عيد الفطر المبارك
عطر النبى فى مصر.. «إبراهيم الدسوقى» شيخ الإسلام المبشر بهزيمة الصليبيين
الأحد، 25 يونيو 2017 12:00 معادل السنهوري
«كتاب» الجوهرة أبرز كتب الدسوقى وهو المرجع الرئيسى لطريقته والنسخة المتداولة من الكتاب غير صحيحة والنسخة الأصلية بمكتبة الأزهر
مدد يا أبا العينين مدد.. يا دسوقى يا إمام الدين.. يا شيخ الإسلام، يا قطب الأقطاب، يا بحر الورود والبركات، يا سلطان أهل العون والصون، يا قاضى العشاق، يا صاحب السيفين، والرمحين، يا عريس المملكة.. هذه بعض الصفات التى يطلقها مريدو القطب الصوفى الكبير إبراهيم الدسوقى وأتباعه من بين مئات الأوصاف التى خلعوها عليه فى حياته وبعد مماته. وهو آخر الأقطاب الأربعة لدى الصوفية وإليه تنسب الطريقة الدسوقية.. لقب نفسه بالدسوقى نسبة إلى مدينة دسوق التى تقع على فرع رشيد من نهر النيل فى شمال مصر التى نشأ فيها وعاش بها حتى وفاته عن عمر لم يتجاوز 42 عاما فقط.
هو إبراهيم بن عبدالعزيز أبوالمجد المولود فى دسوق عام 653 هـ/1255م.. وتوفى فيها عام 696هـ/1296م، ينتهى نسبه من جهة أبيه إلى الحسين بن على بن أبى طالب، وجده لأمه هو أبوالفتح الواسطى خليفة الطريقة الرفاعية فى مصر، ولذلك كانت له علاقة بالصوفية منذ صغره، وتأثر بأفكار أبوالحسن الشاذلى، وكان على صلة بأحمد البدوى بمدينة طنطا الذى كان معاصراً له. وكان الدسوقى من القائلين بالحقيقة المحمدية ووحدة الشهود بجانب التصوف العملى الشرعى. وقد تولى منصب شيخ الإسلام فى عهد السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى.
أجمع علماء الأنساب والمؤرخون على اتصال نسب القطب الدسوقى بالحسين بن على بن أبى طالب، فهو «إبراهيم الدسوقى، بن عبدالعزيز أبوالمجد، بن قريش، بن محمد المختار، بن محمد أبوالنجا، بن على زين العابدين، بن عبدالخالق، بن محمد أبوالطيب، بن عبدالله محمد الكاتم، بن عبدالخالق، بن أبوالقاسم، بن جعفر الزكى، بن على الهادى، بن محمد الجواد، بن على الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن على زين العابدين، بن الحسين بن على بن أبى طالب زوج السيدة فاطمة الزهراء بنت النبى محمد».
أما نسبه من والدته فهو ابن السيدة فاطمة بنت أبى الفتح الواسطى خليفة أحمد الرفاعى فى مصر، والذى لعب دوراً كبيراً فى تأسيس بنيان الطرق الصوفية فى مصر، كما أنه من شيوخ أبى الحسن الشاذلى.
يقام له فى مدينة دسوق احتفالان سنوياً، أحدهما فى شهر أبريل يسمى بالمولد الرجبى، والثانى فى أكتوبر وهو الاحتفال بمولده الذى يُعد من أكبر الاحتفالات الدينية فى مصر، حيث يزور مسجده الكائن بقلب المدينة أكثر من مليون زائر فى المتوسط خلال أسبوع من داخل مصر وخارجها. ويحتفل بالذكرى 77 طريقة صوفية من مختلف أنحاء العالم، ويعد من أكبر احتفالات الموالد فى مصر. فمن مظاهر الاحتفال، أن يمتطى خليفة المقام الإبراهيمى حصاناً، ويزف به فى معظم شوارع دسوق بعد صلاة العصر فى اليوم الختامى للاحتفال.
مكانة القطب الدسوقى وطريقته كانتا من الأسباب الهامة لتصبح دسوق عضوا فى منظمة العواصم والمدن الإسلامية.
تقول الصوفية إن إبراهيم الدسوقى بشر بمولده قبل أن يولد، فكان هناك بقرية سنهور المدينة جنوب شرق مدينة دسوق شيخ من كبار الصوفية وقتها اسمه محمد بن هارون، وكان على صلة وطيدة بوالد الدسوقى «أبى المجد عبدالعزيز»، فكلما رأى ابن هارون أبا المجد قام له وشدّ على تكريمه إياه، حتى لاحظ أصحابه ذلك وسألوه عن سبب ذلك، فقال لهم إن فى ظهره ولياً يبلغ صيته المشرق والمغرب، وبعد ذلك بمدة رأوه قد ترك القيام فسألوه عن السبب، فقال لهم إن القيام لم يكن لشخص أبا المجد بل لبحر فى ظهر وقد انتقل إلى زوجته.
نسب له أتباعه ومريدوه العديد من الكرامات الخارقة للعادة، والتى يشكك بها بعض المتصوفين بجانب غير المتصوفين من أهل السنة والجماعة. وقد انتشرت طريقته فى مصر والسودان خصوصاً، بجانب بعض الدول الإسلامية والأوروبيّة، وتفرعت من طريقته العديد من الطرق الأخرى.
ولد -على أرجح الأقوال- فى يوم 30 شعبان عام 653 هـ بمدينة دسوق فى عهد السلطان عز الدين أيبك السلطان الأول للدولة المملوكية، وقيل إنه فى ليلة مولده ظهرت له أول كرامة، حيث كان ابن هارون حاضراً عند أبى المجد والد الدسوقى فى الليلة التالية للتاسع والعشرين من شعبان، حيث اتفق وقوع الشك فى هلال رمضان، وفى هذه الحالة لا يعرف إن كان المسلمون سيصومون فى اليوم التالى أم لا، فسأل ابن هارون أم الدسوقى عن إذا كان رضع فى هذا اليوم، فقالت إنه منذ أذان الفجر لم يرضع، فقال لها أن لا تحزن فسوف يرضع -الدسوقى- ثانية بعد أذان المغرب، ويعنى بقوله أن الدسوقى قد صام، وعلى أساس معرفته بهذا الأمر أمر الناس بالصوم.
وقد نسب للدسوقى عن كرامته الأولى فى كتابه الحقائق أنه قال: إن الفقير مَنّ الله عليه من ظهر أبيه ولطف به فى الأحشاء، فحين وضعتنى أمى كنت مبشراً فى ذلك العام بالصيام، ولم ير الهلال، وإن ذلك أول كرامتى من الله.
ويعتقد معظم أتباع الدسوقى فى أن شيخهم لما بلغ من العمر سنة، أقعد أرواح أولياء الله الطيارة فى الأرض، ولما بلغ سنتين؛ علم المسلمون من الجن قراءة القرآن، ولما بلغ التاسعة من عمره، فك رموز وطلاسم السماء، ولما بلغ اثنتى عشرة سنة، نقل مريدوه -أى التواقين إلى حضور مجالس علمه- من النار إلى الجنة، ولما بلغ ثلاث عشرة سنة، أصبحت الدنيا كلها كالخاتم فى إصبعه يقلبها كيف يشاء، ولما بلغ خمس عشرة سنة، خاطب الملاك جبريل، ولما بلغ ست عشرة سنة جاوز سدرة المنتهى فى السماء السابعة، ولما بلغ من العمر سبع عشرة سنة رأى ما خطه القلم فى اللوح المحفوظ وما يخطه مرأى العين.
دخل الدسوقى خلوته فى سن ثلاث سنين ليتعبد، وخرج منها فى سن ثلاث وعشرين سنة ليدفن والده أبوالمجد بقرية مرقس بلدة والده المقابلة لمدينة دسوق فى الضفة الغربية لنهر النيل - فرع رشيد- فحلف عليه بعض الفقراء والمساكين ألا يدخلها، فجلس تجاهها فعطلت أحوال سائر الناس واشتغلوا بالنظر إليه، وبسبب ذلك أرخى برقعاً على وجهه.
يرى بعض الصوفيين أن الدسوقى يمكن تصوره مسلما طيبا مباركا، علمه والده واهتم به منذ أن كان صغيراً، وكان نبوغه ظاهراً للجميع، خصوصاً بعد أن أتم حفظه القرآن وتفقّه على مذهب الشافعى، لذلك بُنيت له خلوة بدسوق مكان ضريحه الآن.
كان لإبراهيم الدسوقى صلة وطيدة بالصوفية، حيث كانت له صلة بالطريقة الرفاعية من جهة أبيه، فكان أبوه من أعيان خلفاء أبى الفتح الواسطى، وقد ألبس خرقته لولديه موسى وإبراهيم.
أما الطريقة الشاذلية، فقد يُفهم من كلام إبراهيم الدسوقى المنسوب إليه أن له صلة وطيدة بينه وبين أبوالحسن الشاذلى، إذ يقول:
أنا فككت طلاسم سورة الأنعام التى لم يقدر على فكها الشاذلى خالى.
ويقصد الدسوقى أن الشاذلى خاله فى الطريقة وليس بالنسب. وقد نسبه بعض علماء الطريقة الشاذلية إليهم، مثل: الحافظ أبوالفيض محمد مرتضى الزبيدى والحسن بن الحاج محمد الكوهن الفاسى، الذى نسبه إليهم بقوله عنه: «سيدى إبراهيم الدسوقى الحسينى الهاشمى الشاذلى».
أما صلته بالطريقة البدوية فكانت تظهر فى صلته بأحمد البدوى نفسه فى طنطا عن طريق مريدى كل منهما، إذ كان هؤلاء يتولون تبليغ ما يطلب منهم فيترددون ما بين مدينتى دسوق وطنطا، وقيل إن البدوى بعث إلى الدسوقى ما نصه:
«أما سمعت وعلمت أننا أخذنا العهود والمواثيق على بعضنا؟ أما سمعت وعلمت أن الله حرّم خيرى الدنيا والآخرة على من يفرق بيننا؟ أما سمعت وعلمت أن الله لعن من يقول هذا على طريقة وهذا على طريقة؟ أما تعلم أن الله لعن من يقول هذا له مجلس ذِكر؛ وهذا ليس له مجلس ذِكر؟ أما تعلم أن الله تعالى فتح على من لم يفرق بيننا؟».
وصلة البدوى بالدسوقى تظهر أيضاً فى اشتمال حزب الدسوقى الكبير على كلمات كثيرة من حزب البدوى، وهذا يدل على وجود رابطة روحية قوية بين هذين القطبين من وجهة نظر الصوفية.
الدسوقى له رأى واضح فى التصوف، فمن الجانب الروحى، أشار إلى أن ليس مكنون التصوف الحقيقى هو لبس الصوف فقط، ولكنها عبارة عن تدرج روحانى للوصول إلى حقيقة التصوف ذاته، فلا حاجة إلى لبس الصوف الخشن لإنسان قد وصل إلى مقامات اللطافة وخرج من مقامات الرعونة، وعاد ظاهره الحسى إلى باطنه الإلهى، فيكون بذلك قد وصل إلى حقيقة التصوف بالتدرج والترقية. وكان دائماً ينصح مريديه بضرورة صفاء نفوسهم وتجردها من كل الأوصاف الدنيئة، لكى تتم ترقيتهم إلى المقامات العليا.
ويظهر فى الجانب النظرى لتصوف الدسوقى فى شِعره الذى يوضح أنه أحد القائلين بالحقيقة المحمدية، بل وصل إلى أبعد من ذلك، فالنبى محمد فى رأى الدسوقى هو قبضة من نور الله، أى أنه ليس بشراً، بل هو جزء من ذات الرب، كان يحيا كملك فى الملكوت قبل خلق آدم، فلما خلق الله آدم حَلّت فيه الحقيقة المحمدية ثم انتقلت إلى ابنه شيث ثم إلى إدريس النبى، وظل ذلك النور المحمدى ينتقل من نبى إلى نبى حتى وصل إلى النبى محمد، باعتباره خاتم الأنبياء؛ وانتقل إلى على بن أبى طالب ثم إلى ابنه الحسن، وانتقل من قطب إلى قطب حتى ظهر القطب الدسوقى، فحلّ فيه ذلك النور أو الحقيقة المحمدية كما حلّت فى النبيين من قبل، ولكنها اتخذت اسماً جديداً، فأصبح من يحل فيه ذلك النور يُسمّى قطباً، وهو آخر الأقطاب ورئيسهم.
وقد سطع نجمه فى العلوم والمعارف وانتشرت طريقته حتى وصل صيته إلى كل أرجاء البلاد، منذ أن ترك الخلوة وتفرغ لتلاميذه، ولما سمع السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى بعلم الدسوقى وتفقهه وكثرة أتباعه والتفاف الكثيرين حوله، أصدر قراراً بتعيينه شيخاً للإسلام، فقبل المنصب وقام بمهمته، وكان يهب راتبه من هذه الوظيفة لفقراء المسلمين، كما قرر السلطان بناء زاوية يلتقى فيها الشيخ بمريديه يعلمهم ويفقههم فى أصول دينهم، وهى مكان مسجده الحالى، وظل الدسوقى يشغل منصب شيخ الإسلام حتى توفى السلطان بيبرس، ثم اعتذر عنه ليتفرغ لتلاميذه ومريديه.
وفى عهد الملك الأشرف خليل بن قلاوون حدث صدام بينه وبين الدسوقى بسبب فرض بن قلاوون المزيد من الضرائب غير المبررة على رعايا الدولة، فبعث له الدسوقى رسائل ينصحه فيها ويزجره ويطلب منه الرحمة بالناس وإقامة العدل. فروى المبغضون للدسوقى ووشوا به عند السلطان، وأغروه بقتله حتى لا يحدِث فتنة فى البلاد، فبدأوا بإرسال طرد عبارة عن شهد مسموم كهدية من السلطان للدسوقى، فتسلم الدسوقى الهدية ثم جمع فقراء المدينة، وقال لهم: «هذا شهد إن شاء الله تعالى، كلوه ولا مبالاة بإذن الله». فأكله الفقراء ولم يؤثر فى أحد بحسب ما روى فى كتب الصوفية.
وفى المرة التالية أرسل له السلطان أحد الأمراء ليقابله، وهو الأمير عز الدين. فركب الأمير إلى دسوق، فلما وصل، نصب خيمته على شاطئ النيل، وأرسل أحد أتباعه ليستدعى الشيخ للمثول بين يديه، فأرسل الشيخ من قبله من يقول له: «اجلس فى خيمتك». فلم يقدر الأمير على الحركة وأصبح مشلولاً، وأبطأ خبره على السلطان، وكثرت الشائعات وأصبحت المسألة مسألة تتعلق بكرامة السلطان وهيبته التى أصبحت فى الميزان، فإما أن يقتل الشيخ أو يذله على الأقل، وإما أن يعترف أنه أقل من أن يخضع أحد رعاياه لسلطانه.
وأرسل السلطان وفداً من قبله ومعهم سبع يلقى إليه من يغضب عليهم السلطان، ولما وصلوا إلى دسوق وعلموا بأمر الأمير، قصدوا خلوة الشيخ، فلما اقتربوا من خلوته خرج لهم الدسوقى، فهاج الأسد وقطع الطوق من رقبته وذهب شطره، فخشى عليه مريدوه، فطمأنهم قائلاً: «إنه لا يفترس إلا الغافل». وحسب ما تقول الروايات أن الأسد كاد يفترس الوفد المرافق له، وجرت أمور بعد ذلك علم منها السلطان أنه وقع فى حبائل الوشاة، ورأى السلطان أنه من الأفضل أن يسافر إلى دسوق ليعتذر للدسوقى عما حدث، ثم عرض عليه ما شاء من العقار والمال، فرفض أن يطلب شيئاً لنفسه، وطلب من السلطان أن يترك نصف جزيرة الرحمانية المواجهة لدسوق للفقراء ينفقون منها على مصالحهم، فوافق. فبشره الشيخ بالنصر على الصليبيين فى عكا. ويقول المتصوفة إن بعد رجوع السلطان من عكا منتصراً، أصبح يكاتب الدسوقى، ويبدأ رسالاته بعبارة «مملوكك خليل».
يقول بعض المتصوفة وغير المتصوفة من أهل السنة إن أبناء الطريقة الدسوقية وفروعها قد خالفوا طريق شيخهم الدسوقى، وبعدوا تماماً عن التصوف العملى السنى الداعى إلى العمل بالقرآن والسنة النبوية. وأن الدسوقى كان يخشى من أتباعه هذه الأيام أن يدنسوا طريقته ويسيئوا إليها ببعدهم عن طريقه، فقد قال:
يا أولادى ناشدتكم بالله، لا تسيئوا إلى طريقى، ولا تلبسوا فى تحقيق، ولا تدلسوا ولا تدنسوا، وإن كنتم صحبتمونا لتأخذوا مِنّا أوراقاً من غير عمل فلا حاجة لنا بكم.
أما بما يتعلق الأمر فى اعتقاده بالحقيقة المحمدية، فيرى غير الصوفية أن هذا إفراط وغلو فى النبى محمد، بل هى إحدى شطحات الدسوقى. ويردد البعض أن هذا كفر محض لوصوله لدرجة تقرب لتأليه النبى محمد، وأن الصوفية والشيعة يلتقيان عند تلك النقطة فى اعتقاد أن الحقيقة المحمدية أصل كل الموجودات، بجانب نظرية تتابع الأئمة عند الشيعة «الإثنا عشرية» بالمقارنة بتتابع الأنبياء ومن بعدهم الأقطاب. ويشتبه فى أخذهم عن فلسفة أرسطو. ونظرية القطبانية -التى يعد فيها الدسوقى قطب الأقطاب- لا تختلف فى شىء عن ما قررته فلسفة أفلاطون.
وبالنسبة لوحدة الشهود ووحدة الوجود عند الدسوقى، فيقول البعض إن هذا المذهب يشبه السوفسطائية إلى حدِ كبير. كذلك يعتقد أن مبدأ الحلول عقيدة زائفة منقولة غلواً فى الدسوقى.
مؤلفات الدسوقى
كتاب الجوهرة،
ولم يشتغل الدسوقى بالتأليف فليس له كتب كثيرة، وأبرز ما كتبه الدسوقى هو «كتاب الجوهرة»، ويعتبر المرجع الرئيسى لطريقته، وله نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية، ونسخة مخطوطة بمكتبة الأزهر الشريف، ونسخة مخطوطة بجامعة ليدن بهولندا،
أما النسخة المنشورة المتداولة لهذا الكتاب فمتفق أنه لا يصح نسبة جميع ما فيها إلى إبراهيم الدسوقى، لاشتمالها على كثير من العبارات التى تتناقض مع أفكاره، وأن هناك أفكارًا مدسوسة حسب رأى البعض. وقد طبع هذا الكتاب أكثر من مرة وتمت مراجعتها، فكشف به اختلافات جوهرية. كما أن المناوى قد وصف الكتاب بأنه «مُجلَّد ضخم وفيه عجائب»،
والكتاب الذى فى السوق لا يتعدى 300 صفحة. وأشهر نسخة طبعت عام 1998 بالقاهرة، وسميت بالجوهرة المضيئة، وذُكر فيها أنه تم نقلها عن مخطوطة الكتاب بالمتحف البريطانى بلندن.
وهناك نسخة أخرى طبعت عام 2007 باسم «الجوهرة المضيئة فى سلوك الطالب ونصح البرية».
وله كتاب «الرسالة» وفيه قواعد لمن يريد أن يسلك طريق الفقر والزهد، ولم يطبع. وقد أشار إليه الكركى فى لسان التعريف فى عدة مواضع فقال: «نهى الشيخ -يعنى الدسوقي- فى رسالته عن أمور منها القول بالمشاهدات قال: فإن كل هذه نفوس وشهوات». وقال فى موضع آخر: «كما أشار إليه أستاذنا فى رسالته حيث قال: الطرق شتى وطريق الحق مفردة والسالكون طريق الحق أفراد».
وله كتاب برهان الحقائق ويجمع الكتاب بين ذكر حقائق طريقته وحقائق المعارف، ويشير إليه الكركى فى كتابه «لسان التعريف» فيقول: «وكما قال أستاذنا الدسوقى -قدس الله روحه- فى كتابه الجليل الفائق الموسوم بالحقائق المشتمل على تصوف ورقائق ومواعظ وكرامات وحقائق». وقد أشار إليه البقاعى أيضًا فى طبقاته عند ترجمته للقطب الدسوقى إذ قال: «ومن كلامه فى كتابه المسمى برهان الحقائق».
أما بالنسبة لمسجد الدسوقى فهو يعد واحدا من أكبر ثلاثة مساجد فى مصر بعد الأزهر وعمرو بن العاص، مقسم إلى جناحين، جناح خاص بالرجال، وجناح للسيدات من طابقين على مساحة 600 متر، يفصل بينهما غرفة ضريح إبراهيم الدسوقى وشقيقه شرف الدين موسى فى غرفة منفصلة تقع تحت القبة مباشرةً. وبداخل مسجد الرجال 140 عمودا وبغرفة الضريح 8 أعمدة؛ بالإضافة لعدد 10 أعمدة بمسجد السيدات. وللمسجد 4 مآذن وقبة واحدة، و11 بابا رئيسيا من جميع الجهات وبه صالون لاستضافة كبار الزوار ومكتبة إسلامية جامعة. وللمسجد حرم خاص يُمنع فيه دخول السيارات، وملحق به حدائق بها نافورات ونُصب تذكارية وتطل على الميدان الإبراهيمى ثم حدائق الميدان الإبراهيمى.
وتعود قصة بنائه إلى السلطان بيبرس الذى قرر بناء زاوية يلتقى فيها الشيخ بمريديه يعلمهم ويفقههم فى أصول دينهم، وهى مكان مسجده الحالى، وبعد أن مات دفن الدسوقى بخلوته الملاصقة للمسجد،
ولقد التف مريدو الدسوقى وتلاميذه حول أخيه شرف الدين أبى العمران موسى، وظل يباشر تدريسهم بنفس الزاوية حتى توفى ودفن بجانب شقيقه، واستمرت الدراسة بهذه الزاوية حتى توسعت وأصبحت مسجداً عرفت بالمسجد الدسوقى.
وفى عهد إسماعيل بن إيواظ حاكم مدينة دسوق -الذى حكم بعد وفاة الدسوقى مباشرةً حوالى عام 1277 والذى كان أحد مريدى الدسوقى كذلك- رأى أن المسجد أو الزواية التى دفن بها الدسوقى غير ملائمة كفاية وتصدعت حوائطها، لذلك أمر أن يُقام له مسجد كبير مناسب لمكانته ومقامه. وقد كان بأن أزال الزاوية وأقام مكانها مسجداً كبيراً على شكل صخرة به عدة إيوانات، كما أمر أن يُقام له ضريح عظيم يليق بالدسوقى.
وفى عهد السلطان قايتباى أمر بتوسعة المسجد وبناء ضريح لمقام إبراهيم الدسوقى وفى عام 1880، أمر الخديو توفيق ببناء مسجد سيدى إبراهيم الدسوقى وتوسعة الضريح. وبنى المسجد على مساحة 3 آلاف متر مربع.
وفى عام 1969 وفى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، قامت الدولة بالبدء فى توسعة المسجد على مساحة 6,400 متر مربع، وافتتح الرئيس محمد أنور السادات مع الإمام الأكبر عبدالحليم محمود شيخ الأزهر التوسعات الجديدة فى 23 يوليو عام 1976 فى ذكرى ثورة يوليو، وقد بلغت تكاليف هذه التوسعات حوالى 750 ألف جنيه ليسع أكثر من 25 ألفا من المصلين. وأصبح به 11 بابا وصالون لكبار الزوار ومكتبة إسلامية جامعة فيها المراجع الكبرى فى الفقه الحديث والأدب، وهذه المكتبة يقصدها طلاب العلم والمعرفة من الباحثين وطلاب الجامعة من شتى البلاد فى مصر.