بالوقائع.. جرائم ترتكب بإسم الطفولة

السبت، 05 ديسمبر 2015 01:07 م
بالوقائع.. جرائم ترتكب بإسم الطفولة
سوزان حسني

لم تكن ثورة الـ 25 من يناير مجرد جرس دقه الخطر لإظهار كوارثنا السياسية فقط، وإنما جاء ليشمل كافة الظواهر المجتمعية الخاطئة، صحيح أنها صدمنتا كثيرًا بمخاطر لم تكن على بالنا.. إلا أن ذلك كان ضروريًا لإقامة بناءً صحيحًا خاليًا من كوارث ستدمر المجتمع بأسره.

فخلال ثلاث سنوات فقط منذ بداية الثورة، ازادت حالات القتل التي ارتكبها أشخاص أقل من 18 عامًا بشكل بشع، حيث وصل عدد هذه الحالات إلى 65 حالة حسبما قال العميد طلعت طلال الذي فقد ابنه الوحيد بعد أن قتله أربعة أشقياء أمام نادى دجلة الرياضي.

وبحسب قصة العميد، خرج نجل العميد طلعت طلال مستقلًا دراجته البخارية متوجهًا إلى نادي وادي دجلة بالمعادي، وعند خروجه من النادي وجد أربعة أشخاص يركبون دراجته وطلب أحدهم منه مفتاح الدراجة بلهجة فيها أمر وإجبار، وعندما رفض الولد ضربه شخص يدعى أحمد الليثى بمطواة في رقبته وعاجله المتهم الثاني رأفت صابر بطعنة أخرى في القلب وعندما شعر الولد بدنو أجله وشدة النزيف حاول الهرب لكن المتهم الثالث محمد حافظ عاجله بالضرب على رأسه بجزع نخلة حتى سقط القتيل فاقدًا للوعى، وفي أحد المستشفيات بالمنطقة لفظ أنفاسه الأخيرة وألقى القبض على الأشقياء الأربعة ممكن كانوا جميعهم تحت سن 18 عامًا.

وعقب مقتل نجل العميد طلعت قام ذئب بشرى آخر في المنيا بقتل الطفلة "هدى" ذات الأربعة أعوام وأخفى جثتها بعد أن فشل في اغتصابها فى حكاية مأساوية تذكرنا بحادثة مقتل الطفلة زينة.
وفي مدرسة عمر بن الخطاب الإعدادية بالإسكندرية، لقى الأستاذ سامي عبد المنعم خطاب مدرس التاريخ حتفه على يد طالب في الصف الثالث الإعدادي يُدعى إبراهيم، عندما اعترض الراحل على تسليم كتب المادة الدراسية للطالب المعروف عنه في المدرسة سوء السمعة والسلوك السيئ، إلا أن الطالب هدد المدرس في فناء المدرسة وأجبره على تسليم الكتب وعندما رفض الأستاذ عاجله إبراهيم بضربات شديدة في الصدر والعنق سقط على إثرها الأستاذ مغشيًا عليه بسبب إصابته بالضغط والسكر وأمراض القلب.

هذا بالإضافة لحادث الطفلة "زينة" التي قتلها اثنان بإلقائها من أعلى عقار بعد فشلهما في اغتصابها، بدأت الجريمة عندما اتفق علاء جمعة عزت أحمد (16 سنة) قريب حارس العمارة مع محمود محمد محمود كسبر(18 سنة) والمقيم بذات العقار، لمقابلته أعلى السطح لممارسة الرذيلة.

وفي أثناء صعود علاء وقف الأسانسير بالدور العاشر ليشاهد الطفلة البريئة زينة وهي تلهو وتلعب وحدها، فطلب منها أن تصعد معه للسطح حتى تشاهد كلب جديد جلبه أحد السكان ويعطيها بعض الحلوى، وببراءة الأطفال فرحت زينة وذهبت معه للسطح، فما كان منه إلا أنه اتصل بصديقه الشاذ يستعجله وأكد له أنه معه مفاجأة، فحضر مسرعًا صديقه، وبدأ يتحرشان بالطفلة إلا أنها شعرت بشيء غريب فرفضت ما قام به من تحرش وتحسس لبعض المناطق بأجزاء جسمها.

وبعد صراخها، قام علاء بكتم أنفاس زينة بعد وضع يده علي فمها وأجلساها على السور المطل علي المنور، وقاما بإزاحتها من أعلى السور لتسقط في المنور من ارتفاع أحد عشر طابقًا، لا لشيء سوى الخوف من الفضيحة!.

تشريعات دولية

إن التشريعات الدولية تمنع عقوبة الإعدام لمن هم دون سن الثامنة عشرة وهو الحكم الذي صدر ضد قاتلي الطفلة زينة.

وبما أن مصر ضمن الموقعين على هذه الإتفاقية الدولية، فإن جرائم الأحداث ازادت بشكل غريب وأصبح الحدث يرتكب جرائم القتل والاغتصاب والسرقة المقترنة بالقتل دون عقاب لهؤلاء؛ نظرًا لكونهم أطفال في عيون القانون، وهو ما استدعى الحاجة لتعديل بعض هذه القوانين وتغليب روح القانون واعتبار من هم دون ال‍ 18 عامًا ليسوا أطفالًا.

واستكمالًا لسلسة التناقضات.. نجد أن القانون الذي يمنع هؤلاء من العقاب بحجة أنهم أطفال، هو نفس القانون الذي يجيز لهم الزواج واستخراج بطاقة شخصية قبل هذه السن حتى يتسنى للمجتمع ضبط المسئولية الجنائية والأخلاقية.

وفي المادة 112 من قانون الطفل الساري حاليًا لا يحكم بالإعدام ولا بالإشغال المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذي زادت سنه على ست عشرة سنة ميلادية ولم يبلغ الثامنة عشرة وقت ارتكابه الجريمة، وأنه إذا ارتكب جريمة عقوبتها الإعدام يحكم عليه بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن المؤبد يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، وإذا كانت عقوبتها السجن المؤقت يحكم عليه بالسجن.

تعديل "قانون الطفل"

وبما أن المشرع لن يستطيع النزول بسن الحدث إلى خمسة عشر عامًا أو ستة عشر نظرًا لوجود نصًا دستوريًا لتحديد سن الحدث بـ 18 عامًا نصت عليه المادة 80 من دستور 2014، الأمر الذي يقف عائقًا في تعديل قانون الطفل بالنسبة لسن الحدث لأنه لا يجوز مخالفة الدستور، لكن من ناحية أخرى فان المشرع يستطيع تعديل بعض مواد قانون الطفل، بأن تطبق على الطفل الذي بلغ ست عشرة سنة فأكثر تلك العقوبات المقررة في قانون العقوبات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق