المفتي : حديث «جئنكم بالذبح» ضعيف ولا يمكن الاستناد عليه
الأحد، 18 يونيو 2017 11:08 ص
واصل مفتي الديار المصرية شوقي علام، حلقاته في برنامج «مع المفتي»، المذاع على قناة الناس، حيث تحدث في حلقة أمس عن حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم «جئنكم بالذبح» بقوله: «إن هذا الحديث الوارد بلفظ «تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ» لم يخرجه البخاري ولا مسلم بهذا اللفظ، بل أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وليس سنده بالقوي، كما قال الحافظ ابن حجر وغيره، وهو سند لا يمكن الاستدلال به منفصلًا في قضية خطيرة كهذه».
وتابع علام قائلًا: «وعلى فرض الأخذ بصحته، فيجب فهم سياق الحديث والظروف المحيطة به، التي يُفهم منها أنها كانت على سبيل التهديد والتخويف، وهذه الظروف المحيطة يصورها لنا سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص فيقول عن قريش: « قَدْ حَضَرْتُهُمْ وَقَدِ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا فِي الْحِجْرِ فَذَكَرُوا فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ صَبْرِنَا مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ؛ سَفَّهَ أَحْلَامَنَا، وَشَتَمَ آبَاءَنَا، وَعَابَ دِينَنَا، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، لَقَدْ صَبرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَلَمَّا أَنْ مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَمَرَّ بِهِمُ الثَّالِثَةَ فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، ثُمَّ قَالَ: «تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ». وفى رواية أخرى قال سيدنا عبد الله بن عمرو: "بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي حِجْرِ الكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ، فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا».
وأشار المفتى إلى أن لفظ «الذبح»، يمكن أن يستعمل على سبيل المجاز في التهديد والهلاك والتزكية، كما يستعمل أيضًا في التحوُّل كما في قول سيدنا أبي الدرداء «ذَبحُ الْخَمْر: الْمِلْحُ وَالشَّمْس»؛ أي إن الخمر عندما تتعرض للشمس والملح تتحول وتطهر وتُزال خواصها فتصبح حلالًا كما أحل الذبح الذبيحة.
ورد علام على من تساءل بأن الأصل هو استعمال الألفاظ على معناها الحقيقي وهو الذبح بقطع الأوداج بقوله:«إن مسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده لا تدل على أنهم أرادوا الحقيقة، بل وُجد من القرائن ما يصرف هذا الشيء عن حقيقته، ومنها أن الذبح له موطن واحد فقط، ولا يكون إلا بما يؤكل وهو ذبح الحيوان، أما ذبح الإنسان فهو يُعد من المُثلة المنهي عنها حتى في ميدان الحرب الذي يُعد ميدان شفاء الصدور».
وأضاف المفتى : حتى في حالة القصاص الشرعي فإنه يتم بأيسر وسيلة، ولا يقصد منه تعذيب الإنسان عند خروج روحه، وكذلك في الحيوانات نجد أن النصوص الشرعية تشير إلى استعمال الرحمة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ؛ لِيُحِدَّ شَفْرَتَهُ ثُمَّ لِيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».
وأشار المفتي إلى عدة مواقف كانت الفرصة فيها سانحة لاستخدام القتل والذبح، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل شيئًا من ذلك ، كما في صلح الحديبية وفي فتح مكة ، فقد حقن رسول الله صلى الله عليه الدماء في الحالين ، بل كان هذا مسلكه صلى الله عليه وسلم في كل موطن ، وعندما قال أحد الصحابة: " الْيَوْم يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْيوم يومُ المرحمة».
وتعجب المفتي، من تناسي هؤلاء المتطرفين أدلة الرحمة والتعايش، والتركيز على هذا الموقف المخصوص بفئة معينة وزمان معين ومكان معين وسحبه وتعميمه على مسلك الإسلام ومسيرته.
واختتم علام موضحًا الغاية من التصدي للفكر المتطرف قائلًا: «نريد أن نَقِيَ شبابنا ونحميَه مما يقرءونه ويسمعونه من هذه المجموعات الإرهابية كداعش وغيرها على مواقع التواصل الاجتماعي وغيره، لأن هذه المفاهيم السقيمة مخالفة لقواعد العلماء في الاستنباط ومخالفة لمسيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام».
موضوعات متعلقة
المفتي: المجموعات الإرهابية انطلقت من قاعدة الحاكمية