مصر على القائمة السوداء لمنظمة العمل الدولية .. الأسباب والنتائج وكيفية الخروج من الأزمة
الجمعة، 16 يونيو 2017 09:05 ممحمود عثمان
قال الدكتور نيازي مصطفى مستشار وزير القوى العاملة السابق، إن منظمة العمل الدولية هي المنظمة التي تختص بكل ما يتعلق بالشأن العمالي على مستوى مختلف دول العالم، عن طريق وجود ممثلين لأطراف العمل الثلاثة داخل المنظمة وهم الحكومات والعمال وأصحاب العمل، وهي المنظمة الوحيدة التي يتم تشكيلها بهذا الشكل.
وأضاف نيازي في تصريحات لـ«صوت الأمة»: المنظمة لديها العديد من الاتفاقيات وهناك 8 اتفاقيات لدى المنظمة يعتبر كل الدول الأعضاء بالمنظمة ملتزمين بها لمجرد عضويتهم في المنظمة دون التوقيع عليها، ومصر لا ينبع إلتزامها فقط بتلك الاتفاقيات من عضويتها في المنظمة إنما أيضا موقعة عليها.
لماذا أُدرجت مصر على القائمة السوداء؟
وعن إدراج مصر على قائمة الملاحظات القصيرة بمنظمة العمل الدولية والمعروفة إعلاميا باسم القائمة السوداء، قال نيازى إن المشكلة الحقيقية التي تتعلق بهذا الوضع سببها النقابات العمالية وقانون العمل 12 لسنة 2003، فالمنظمة أمهلت مصر كثيرا منذ عام 2011، وأعطت المنظمة مهلة لمصر العام الماضي، لكى يخرج قانون المنظمات النقابية وقانون العمل ملتزما بالمعايير التي حددتها المنظمة، ووعدت الحكومة بتلافى تلك الملاحظات ولكن لم تفى الحكومة بتلك التعهدات، وخالفت الاتفاقية 87 الخاصة بإنشاء التنظيمات النقابية، وهذه ليست المرة الأولى التي تدرج فيها مصر على القائمة السوداء لمنظمة العمل الدولية إنما المرة الرابعة.
آثار إدراج مصر على القائمة السوداء
يوضح نيازى أنه بمجرد إدراج مصر ضمن تلك القائمة فهذا يعنى أن الشركات الكبرى مثل ديزنى العالمية ستسحب استثماراتها من مصر، فشركة ديزنى أوقفت استيراد الملابس الجاهزة من مصر والتى يقدر حجمها بـ200 مليون دولار سنويا، وهذا ما يطلق عليه الشرط الاجتماعى، فالدول الأعضاء في المنظمة ملتزمة باتفاقية الجات، ومن ضمن بنودها أنه يجب على الدول الأعضاء في تلك الاتفاقية أن تراعى حقوق العمال، وفي ظل إدراج مصر على القائمة السوداء فتلك الشركات ستسحب استثماراتها من مصر، مثل شركات كلفن كلاين وبولو وغيرها من الشركات العالمية التي تستورد منتجات الملابس الجاهزة من مصر، فالمشكلة الحقيقية الثانية هنا هو أن مصر تبحث عن الاستثمارات والشركات الكبرى ستعزف عن الاستثمار في دول يوجد عليها ملاحظات من قبل منظمة العمل الدولية فيما يتعلق بحقوق العمال، وتلك المشاكل تعترض عمليات البيع والشراء، وستصنع أزمة في السوق التجاري.
وتابع نيازى، أما ما يتعلق بالاستيراد فذلك لن يكون فيه أزمة المشكلة الأساسية ستكون في الاستثمارات الآتية إلى مصر من دول أمريكا وأوروبا وليس الدول العربية، وهو ما سيمثل مشكلة في توفير العملة الصعبة خاصة بعد قرار تحرير سعر الصرف، والاحتياطيات النقدية الموجودة في البنك المركزي ستتأثر بذلك، واستمرار إدراج مصر 4 مرات على تلك القائمة في 10 سنوات يدفع إلى هروب المستثمرين.
من السبب في المشكلة؟
يرى مستشار وزير القوى العاملة السابق، أن المشكلة الأساسية في اتحاد عمال مصر، وأن الوزير الحالي محمد سعفان منتمى لاتحاد العمال، وأن اشتراطهم فكرة الوحدة النقابية وإصرارهم عليها في قانون المنظمات النقابية مخالف لاتفاقية منظمة العمل الدولية، والحكومة وضعت في مشروع القانون الموجود بمجلس النواب شروط تقيد التعددية النقابية ومطلوب تلافيها، فلجنة القوى العاملة بالبرلمان، واتحاد العمال، والحكومة مصلحتهم واحدة، وإدراج مصر في القائمة السوداء ليس وراءه أي أغراض سياسية فالمنظمة تهتم بحقوق العمال.
وأشار نيازى إلى أن الفكرة تكمن في إعطاء الحرية للعمال، فالاتحاد والحكومة يريدون وحدة نقابية دون قانون موحد يطبق على الجميع فمشروع القانون يطالب النقابات المستقلة بتوفيق أوضاعها طبقا للقانون الجديد، بينما يجب أن يتم تطبيق فواعد القانون على جميع الكيانات العمالية واتحاد العمال وكافة نقابته.
وأوضح نيازى أن وزير القوى العاملة أحمد البرعى استند في موافقته على إنشاء النقابات المستقلة عام 2011، طبقا للاتفاقية 87 باعتبارها قانونية في مصر لأن مصر موقعة عليها كما أن الدستور المصري أكد على احترام مصر لكافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الموقعة عليها، ولكن عقب ذلك انقلبت الحكومة على النقابات المستقلة وأصدر رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ووزير الداخلية، واتحاد العمال خطابات وكتب، تمنع المصالح الحكومية والهيئات والوزارات من التعامل مع النقابات المستقلة.
كيفية الخروج من القائمة السوداء
وأكد نيازى أنه لا يوجد حل أمام مصر من الخروج من القائمة السوداء إلا عن طريق الالتزام بمعايير منظمة العمل الدولية، والملاحظات التي أبدتها المنظمة على قانونى المنظمات النقابية وقانون العمل، مشيرا إلى أن الحكومة كانت تعمل بكل وسعها خلال الفترة الماضية لإدراج مصر في تلك القائمة، بعدم التزامها بمعايير المنظمة والتضييق على المنظمات النقابية، وعن كيفية تطبيق ذلك قال نيازى أنه من الممكن أن يتواصل ممثلى أطراف العمل المصريين المشاركين في مؤتمر العمل الدولي المنعقد بجنيف الآن على إنجاز التعديلات المطلوبة في قانون المنظمات النقابية وفقا لمعايير المنظمة، وتتابع معهم عبر انتهاء المؤتمر لجنة المعايير بالمنظمة للتأكد من تنفيذ تلك التوصيات وعقب إقرار القانون ملتزما بالمعايير المحددة، يمكن أن توصى لجنة المعايير برفع اسم مصر من القائمة السوداء، وقد يستغرق ذلك 6 أشهر إلا أن ذلك الحل مستبعد لأن المنظمة منحت الحكومة المصرية مهلة العام الماضي وعدت فيها الحكومة بإنجاز القانون مطابقا لتلك المعايير ولم تفي بتعهدها، أما الحل الثاني فهو أن يتم تلافى العيوب في هذا القانون وتلافى الملاحظات قبل حلول موعد مؤتمر العمل الدولي العام القادم، وتظل مصر مدرجة على تلك القائمة لحينها وذلك هو الأقرب للحدوث.
اقرأ أيضا: