نوستالجيا رمضان الحلقة 21: موائد الرحمن
الجمعة، 16 يونيو 2017 01:16 م
في هذه الحلقات نقدم لكم ذكرياتنا مع شهر رمضان عبر السنين، كثيرٌ من الأمور تغيرت، ليبقى منها فقط الذكرى، التي سنستعيدها معكم كل يوم طوال الشهر الفضيل.
هذه واحة من أهم مظاهر التضامن في أي مجتمع، أن يُطعم الغني الفقيرَ، أن يشعر به ويساعده على قضاء حاجته من الطعام على أقل تقدير، وفي رمضان تمتليء الشوارع بموائد مجانية يجلس عليها من يشاء ليأكل ما يُقدَّم له عن طيب خاطر، بل ويزداد الاهتمام به سعيًا لاكتساب رضاءه في هذه الأيام المباركة.
موائد الرحمن سمة مميزة لشوارع مصر على مر عقود وعقود، ملمح لا تشاهده في أي بلد مسلم، مصر فقط تتفرد بأن يجلس محتاجوها يأكلون من أطياب الطعام في قارعة الطريق تحت خدمة أصحاب هذا الطعام والمتكفلين به، لو أن هذا المفهوم ساد لأكثر من مسألة، ترى إلى أين سنذهب؟!
لُب الفكرة يأتي من الثقة، أنت على ثقة بوجود من يحتاج للطعام، وعلى ثقة ببركة الأيام التي تقدم فيها هذا الخير، وعلى ثقة بالجزاء الذي يعطيك إياه الله نظير هذا المعروف، فيتغدق الجميع بالطعام دون تردد، في حين تفتقد كثير من التبرعات المتاحة للمواطنين بفقدان الثقة في المسئولين عنها وجهات صرفها، وبذلك يقل الدفع بها في مقابل الذكاه يد بيد أو عن طريق موائد الرحمن.
يقولون أن "العيش والملح" أفضل ما يجمع الناس، وأن العلاقات الطيبة تزداد على الموائد، وما أبرك من أن تمسى الموائد باسم الرزاق الرحمن، لذلك يجد أغلب المقتدرين ماليًا أن يستثمروا مع الله في هذه الموائد، التي يروا فيها تقربًا مع الناس خلال تناول الطعام، ويشعرون بمردود لهذا المعروف لحظيًا.
تجربة موائد الرحمن في مصر على مر عقود كانت هي الأجمل، حين تكون أجنبيًا تسير في شوارع مصر وقت المغرب ستُدهَش مما ترى، فما الحال إن كان الأمر هكذا يوميًا، أسبوعيًا، أو حتى شهريًا.
يمكننا تحويل فكرة موائد الرحمن إلى فكرة دورية أو شبه دورية في حياتنا اليومية، لكي تزيد فكرة التضامن بيننا جميعًا، من لديه طعام يساعد به الأخرين، ومن يتبقى منه القليل فهو كثير لدى أخرين، وهكذا..الكل يطعم الكل..وتصبح موائد الرحمن سمة مصر طيلة العام، ليس فقط وقت صلاة المغرب في رمضان.