مفتي الجمهورية: الأفكار المتطرفة والفتاوى الشاذة أساس العنف والإرهاب
الأربعاء، 14 يونيو 2017 10:49 ص
قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية خلال حلقة برنامج «مع المفتي» على قناة الناس، إن الفكر المتطرف هو أساس مشكلة الإرهاب، لأن أساس الإرهاب هو فكرة أو فتوى أو تفسير لنص في شرع الله ولكن بتأويلات وبرؤية فاسدة.
وأضاف أن كل المجموعات والتنظيمات الإرهابية ترتدي عباءة الدين وتقوم بإغراء الشباب بهذه التأويلات الفاسدة وتقنع الناس بأسلوب أو بآخر أن التفسيرات التي انتهوا إليها في النص الشرعي تفسيرات صحيحة.
وفند علام هذا الكلام بقوله: هذا الكلام غير صحيح بالمرة، وأن مسيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم ) ومسيرة المسلمين من بعده لا تؤيد هذا الفهم إطلاقًا بل هو فهم مغلوط بلا شك، لأن الفكر المتشدد هو عكس الاتجاه فالاتجاه الصحيح في التيسير والأخذ بيد الناس برفق كما كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) فكان رفيقًا ورحيما بأهله وولده والناس أجمعين، فلم يستخدم العنف أو الضرب في حياته إطلاقًا، بل كان رحيمًا حتى بالحيوان فقد عاتب رجلًا أتعب ناقته.
وقارن علام متعجبًا بين هذه الرحمة وبين بما يفعله الإرهابيون من القتل بدم بارد وتدمير البيوت وقتل الأطفال، وتقطيع الأشجار، وخطف أُناس يعيشون في أمن وسلام.
وأضاف المفتي أن هذه العمليات الإرهابية إنما هي ثمرة للفكر المتطرف الذي حاد عن الصواب والذى أثمرعن هذه الأخطاء الكبيرة التي هي جرائم حقيقية يرتكبها هذا الإرهابي الذى يتبنى مثل هذه الأفكار ليس في حق المسلمين فقط وإن كانوا الأكثر تضررًا إلا أنها في حق البشرية كلها.
وناشد علام الناس وخاصة الشباب أن يدركوا أن العلم له قواعد وأصول وينبغي أن يؤخذ هذا العلم من أصحابه لا من أولئك الذين تبنوا مثل هذه الأفكار ولا من الذين يعيثون في الأرض فسادًا، محذرا من الفهم الخاطئ لقول الله عز وجل " وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ " ( المائدة 44) والتي يستند إليها المتطرفون في قضية الحاكمية، بأن ذلك الفهم عمل على توسيع دائرة الكفر فقال: وبطبيعة الحال فإن هؤلاء الحكام يحكمون أُناسا وشعوبًا، ومن يرتضى من الشعوب بهؤلاء الحكام فهو داخل في الدائرة، إلى أن ينتهي الأمر بنتيجة حتمية وهى مواجهة هؤلاء الحكام والشعوب ومواجهة كل من رضى بحكم هؤلاء لأنه داخل في الدائرة أو هذه البؤرة، مما يؤدى في النهاية لحالة من الصراع الحقيقي.
وأشار المفتي إلى أن الإرهابي الموجود في سيناء أو سوريا أو العراق أو ليبيا مستند لهذه الدائرة ومعتقد أنه يقتل كفارًا، فهو يستحل قتل هؤلاء الناس بهذه الدعاوى الباطلة، ومن يبقى منهم على قيد الحياة يصبح أسيرًا، ومن ثم يستجلب مصطلح الأسير في غير موطنه، وكذلك يستجلب مصطلح السبايا بأخذ من تبقى كذلك على قيد الحياة رقيقًا، وبذلك يُعيد الأمة الإسلامية مرة ثانية إلى أشياء قضى الإسلام في مراحل سابقة من الزمن، والاتفاقيات دولية على خلافها الآن، وهى منطقة خطرة بلا شك.
وحذر المفتى من توسيع دائرة الكفر مؤكدًا أن القاضي وحده هو من يحدد ذلك قائلًا: " أي إنسان قال لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الدين ولا يخرج منه إلا إذا جحد ذلك وجحوده إنما يثبت أمام القضاء.
وعن التفاسير الصحيحة لقول الله عز وجل «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» ( المائدة 44) أوضح فضيلته أن العلماء اتجهوا إلى اتجاهين في التفسير، الأول: أن هذه الآيات نزلت في غير المسلمين، وسحبها وإسقاطها على المسلمين من سمات منهج الخوارج، كقول سيدنا ابن عمر (رضى الله عنهما): بأنهم جاءوا إلى آيات نزلت في الكفار وجعلوها في المسلمين، فهذه الأية منها فيسحبونها على المسلمين.
وتابع علام في بيان الاتجاه الثانى لتفسير الأية قائلًا: وعلى التسليم بأنها نزلت في المسلمين فليس المقصود بما لم يحكم بما أنزل الله على وجه الإطلاق، ولكن المقصود من لم يحكم بما أنزل الله جحودًا لما أنزل الله وإنكارًا له فيكون في هذه الحالة كافرًا، والذى يحدد الكافر على وجه التعيين وعلى وجه التحديد هو القضاء.
وأضاف المفتي أن الذي اتجه إليه المفسرون يؤيده تكرار الأيات بألفاظ مختلفة مثل: فَأولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ، فَأولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، فَأولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ.
ونبّه المفتي إلى أن الفهم الخاطئ لهذه الآيات قد يتسبب في قلب القضية على روؤس هؤلاء التكفيريين بأن الخطاب في الأيات على العموم ويمكن فهمها على أنها ليست للحكام فقط فكل من يرتكب ذنبًا أو جريمة ( وهؤلاء التكفيريين منهم ) فقد خالف حكم الله عز وجل وبالتالي ليس حاكما بما أنزل الله، وبالتالي الأيات تشملهم، ولكنه دعا إلى التمسك بالتفسير الصحيح للأيات كما فسره العلماء المعتبرين.
وأردف المفتي موضحًا ضوابط هذا التفسير الصحيح قائلًا: وهو كفر دون كفر وفسوق أو ظلم ولا يجب أن نقول إن كل من لم يحكم بما أنزل الله يكون كافرًا على هذا النحو بل يجب أن ننظر لكل قضية على حدة فلو كان جاحدًا منكِرًا فيكون مصيره إلى الحكم بالكفر ويكون عن طريق القضاء، وإذا لم يكن منكِرًا أو جاحدًا وإنما عصى فقط ولم يحكم بما أنزل الله كسلًا فيكون عاصيًا، وإن كان هناك من المبررات وانتفاء الشروط ومن انتفاء الأسباب ووجود الموانع فهو مطبق لما أنزل الله وحاكم به.
وحدد المفتى موطن الخلل عند أصحاب الفكر المتطرف بأنهم لم يفهموا النص على الوجه الصحيح الذى فسره العلماء، وعندما أردوا أن ينزلوا النص على الواقع لم يفهموا الواقع ولم يفهموا كيفية الربط بين النص والواقع.
واختتم حديثه قائلًا: هذه المنظومة المتكاملة التي تديرها مصر في منظومتها التشريعية تعطينا اطمئنانا أن الشريعة موجودة تشريعًا وعبادة وتكليفا وغير ذلك، ولا ينبغي أن نجبر الناس حتى يكونوا مثاليين فهذا ضد البشرية، فالبشر يصيبون ويخطئون، ودور التشريع ودور التطبيق هو إدارة حسنة لنأخذ الناس بالرفق لينصاعوا لأوامر الله عز وجل.
موضوعات متعلقة
عميد كلية الدعوة: علي جمعة أعاد الرواق الأزهري لجامع الأزهر