الحشد الشعبي والحدود السورية.. تطلعات وآمال لصالح إيران.. احتمالات لمواجهات مسلحة مع التحالف الدولي وسوريا الديقراطية.. وتعزيز التواجد الشيعي بالمنطقة
الإثنين، 12 يونيو 2017 04:07 م
في 17 أكتوبر 2016، بدأت قوات الجيش العراقي معركة «قادمون يا نينوى – تحرير الموصل»، لطرد تنظيم داعش من عاصمته المزعومة في العراق، مدعومة بميلشيات الحشد الشعبي المدعومة إيرانيًا، ووفقًا لبيانات الجيش العراقي والمعطيات على الأرض، فإن تلك القوات المشتركة حققت نجاحات كبيرة على مدار الأشهر الماضية، ونجحت هيئة الحشد – بعدما انضوت تحت لواء الجيش العراقي، في الوصول إلى الحدود العراقية السورية.
هيئة الحشد أعلنت أن بإمكانها دخول الأراضي السورية بعد انتهاء معركة الموصل، لكن بعد تحذيرات دولية تراجعت، واعتبر الأمين العام لـ«سرايا الخرساني» علي الياسري أن القائد العام للقوات المسلحة العراقية هو المعني بقضية دخول الحشد الشعبي إلى الأراضي السورية، متابعًا: «عندما يأمر القائد العام بأن يكون هناك تعاون دفاعي مشترك بين سوريا والعراق سوف يكون الحشد الشعبي على أهبة الاستعداد باعتبار أن لديه القوة والإمكانية والقدرة العالية».
وقال الياسري في حديث له أمس الأحد، نقلته وكالة المنار التابعة لحزب الله اللبناني: «إن هناك اتفاقية دولية يخضع لها العراق وسوريا وهي قضية الدفاع المشترك والعمل المشترك ومقاتلة الإرهاب وقضية دخول الحشد الشعبي إلى الأراضي السورية تتعلق بالسيد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وليست بالحشد الشعبي.
تساؤلات
مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، في ورقة بحثية قال إن وصول تلك الميليشيات للحدود بين العراق وسوريا وسيطرتها على العديد من المناطق الهامة أثار تساؤلات عدة حول توقيت هذا التحرك وأهدافه، التي لا يمكن فصلها، وفقًا لاتجاهات عديدة، عن الجهود التي تبذلها إيران من أجل تأسيس طريق بري يصل إلى البحر المتوسط، وذلك للتعامل مع التطورات الميدانية والسياسية التي تشهدها الأزمة السورية، والتي تبدي إيران تخوفات عديدة من تداعياتها السلبية المحتملة على مصالحها في سوريا.
تضمنت الورقة أن هناك مغزى للتوقيت، حيث يرتبط تقدم تلك القوات المنضوية تحت لواء الجيش ظاهريًا، ومحاولاتها إحكام السيطرة على الحدود بين سوريا والعراق باقتراب حسم معركة «دير الزور»، والتي تعد بمثابة إحدى المعارك الرئيسية في سوريا خلال الفترة الحالية، خاصة أنه سوف يتوقف عليها تداعيات مهمة ستؤثر على المسارات المحتملة للأزمة التي يبدو أنها مقبلة على تحولات إستراتيجية مهمة، لاسيما بعد ارتفاع مستوى الانخراط الأمريكي فيها، على خلفية التغير الملحوظ في سياسة واشنطن تجاهها، بعد تولي إدارة الرئيس دونالد ترامب مهامها في 20 يناير 2017.
معارك «دير الزور» التي يخوضها الجيش السوري تتزامن مع معركة «الرقة» التي دخلت في يومها الخامس، والتي تقودها ميليشيات سوريا الديمقراطية مدعومة بقوات خاصة أمريكية، لطرد داعش من عاصمته الأخيرة. سوريا الديمقراطية حذرت من دخول قوات الحشد.
تكمل الدراسة أن معركة دير الزور تمثل محددًا هامًا لأي وضع مستقبلي يمكن أن تشهده سوريا. ومن هنا يمكن القول إن وجود ميليشيا «الحشد الشعبي» على الحدود في ذلك التوقيت يمثل مؤشرًا لاتجاه الميليشيات الإيرانية لفرض نفسها على المشهد بصفتها داعمة للجيش السوري.
أهداف التواجد
يمكن القول إن الحشد الشعبي يسعى من خلال الوصول للحدود بين سوريا والعراق إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما:
المساهمة في تأسيس «الممر الإيراني»، حيث تمثل سيطرته على الحدود بين العراق وسوريا خطوة هامة في هذا الصدد، في ظل علاقاتها القوية مع إيران، التي تسعى من خلال ذلك إلى ضمان استمرار نقل الإمدادات لنظام الأسد والميليشيات الأخرى الموالية لها في سوريا ولبنان، وهو ما أكدته تقارير صحفية.
والهدف الثاني، التواصل مع النظام السوري، ربما تعزز سيطرة الحشد الشعبي على الحدود من احتمال اتجاه القوات النظامية السورية إلى التحرك من أجل الوصول إليها، وذلك في إطار التنسيق القائم بين الطرفين والذي تسعى إيران إلى توسيع نطاقه خلال المرحلة القادمة.
سيناريوهات
الخطوة الأخيرة لميليشيات الحشد ستفرض مسارين رئيسيين خلال المرحلة القادمة: الأول، ينصرف إلى الدخول في مواجهة مباشرة مع قوات التحالف الدولي، خاصة في ظل إصرار إيران على مواصلة مساعيها لاستغلال الحدود السورية- العراقية من أجل الحفاظ على دعمها للنظام السوري، خاصة في ظل تحذير أمريكي ودولي من دخول تلك الميليشيات إلى سوريا.
والثاني، يتمثل في تراجع الحشد الشعبي عن السيطرة على الحدود واتجاهها إلى التنسيق مع القوات العراقية، وهو ما قد يعود إلى دوافع عديدة يتعلق أبرزها بصعوبة استمرار تقدم الميليشيا لمواقع جديدة في محيط منطقة البعاج، نظرًا لوعورة تلك المنطقة التي تعتبر مركزًا للتنظيمات المتشددة، فضلًا عن تحذيرات التحالف الدولي، والتي اكتسبت أهمية وزخمًا خاصًا بعد الضربة التي وجهتها واشنطن للرتل العسكري التابع للميليشيات الموالية لإيران.
وهنا، فقد أشارت اتجاهات عديدة إلى أن الطبيعة الجغرافية لتلك المناطق سوف تجعل ميليشيا الحشد مكشوفة أمام طيران قوات التحالف الدولي، بشكل قد يزيد من احتمالات تكرار ضربة التنف مرة أخرى.