علاقة «مصر وروسيا»..إلى أين بعد قمة «الرياض»

الخميس، 08 يونيو 2017 09:00 ص
علاقة «مصر وروسيا»..إلى أين بعد قمة «الرياض»
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

جولة جديدة من المباحثات الاستراتيجية بين مصر وروسيا، والتي بدأت منذ عام ٢٠٠٩ على مستوى وزيري خارجية البلدين، ومع تطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط انتقل الحوار الاستراتيجي إلى صيغة 2+2 لتصبح مصر الدولة السادسة التي ترتبط معها روسيا بهذا الإطار من المباحثات الاستراتيجية علي مستوي وزيريّ الخارجية والدفاع بعد الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان.

الحوار الاستراتيجي بهذه الصيغة الجديدة وصل إلى المرحلة الثالثة حيث كانت الجولة الأولى في نوفمبر ٢٠١٣ والثاني في فبراير ٢٠١٤ وهو ما يعكس الأهمية الاستراتيجية للحوار بين روسيا الدولة العظمى، العضو الدائم في مجلس الأمن ومصر القوة الإقليمية في المنطقة.
 
تحظي مصر بمكانة متقدمة في السياسة الخارجية الروسية، والقاهرة منفتحة على موسكو في حوار يشمل كافة المجالات في اطار سياسة خارجية متوازنة مع كافة القوى الدولية، وما قبل ملفات التعاون الاقليمي والدولي، فان ملفات التعاون الثنائي هي الابرز في ضوء المشهد الراهن بين القاهرة وموسكو.
 
ملفات ساخنة في اجتماع القاهرة بيان وزارة الخارجية يشير إلى أن مباحثات وزيرالخارجية سامح شكري ونظيره الروسي سيرجي لافروف من المقرر أن تتناول سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين في شتي المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية.
 
وأضاف المتحدث باسم الخارجية أن الوزيرين سوف يستعرضان أيضا القضايا والأزمات الإقليمية في كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق والمواقف المصرية والروسية إزاءها، فضلا عن تناول قضية الإرهاب في أعقاب الأحداث الإرهابية الأخيرة التي شهدتها مصر، بالإضافة إلي العواصم الأوروبية التي تعرضت لعدة أحداث إرهابية عنيفة مؤخرا مما يدق ناقوس الخطر بشأن تصاعد ظاهرة الإرهاب التي باتت تحصد الأرواح البريئة علي نحو مستمر.
 
ومن المفترض أن تبدأ المباحثات الشهر الماضي وتم الاتفاق ببن البلدين على تاجيلها الى نهاية مايو الجاري وتحديدا في ٢٩ مايو ٢٠١٧، بعد ايام من قمة الرياض التي شارك فيها الرئيس الامريكي وعدد كبير من الدول العربية والاسلامية والتي اهتمت بملف مكافحة الارهاب والتعاون المشترك، ملفات الحوار الاستراتيجي المصري الروسي بصيغة ٢+٢ هي ملفات ذات طابع سياسي وعسكري واقتصادي ثنائي واقليمي ودولي، فضلا عن مكافحة الارهاب والتطرف الى جانب تأخر رفع حظر الطيران وما إلى ذلك من تداعيات سلبية على التعاون المشترك بين البلدين وحتى لا يضر ذلك بسمعة روسيا داخل المجتمع المصري بعد ان ارتفعت شعبية بوتين بين المصرين عقب تاييده ثورة ٣٠يونيو ٢٠١٣ .

خلافات القاهرة وموسكو
 
لا شك ان العلاقات بين القاهرة وموسكو بدأت بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بشكل قوي اوحى للجميع بعودة قوية للتعاون في كافة المجالات خاصة مكافحة الارهاب الذي تعاني منه مصر منذ سقوط حكم الاخوان، ودعم الاقتصاد المصري الذي يسعى للنهوض من كبوته، والتي بدأت بوتيرة متسارعة من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات التجارية والعسكرية والمشاريع الاقتصادية الكبرى والتي تتضمن انشاء منطقة صناعية روسية في منطقة شرق بورسعيد بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ولكن رغم هذا الزخم الكبير الذي صاحب لقاءات الثمة والمسؤولين في البلدين على مدار المرحلة السابقة الا ان حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء والذي راح ضحيته ٢٢٤ مواطن روسي في اكتوبر من العام ٢٠١٥ تراجع هذا الزخم مع قرار الكرملين حظر الطيران بين البلدين وتحذير المواطنين من السفر الى مصر.
 
ورغم تفهم الادارة المصرية لاليات اتخاذ القرار في روسيا، فان المجتمع المصري بات يطرح الكثير من التساؤلات حول استمرار حظر الطيران رغم الاجراءات الامنية التي تمت في كافة المطارات والتي شهدت توافد عدد كبير من لجان المتابعة والتفتيش من روسيا ودول اخرى.
 
تصاعدت التساؤلات داخل المجتمع وفي اوساط النخبة عن اسباب استمرار الحظر خاصة على خلاف مناطق اخرى من العالم لم تتخذ فيها روسيا نفس الموقف. المجتمع المصري يرى ان هناك تعنت روسي واضح يتعلق بعودة السياحة في حين ان المسؤولين الروسي اكدوا اكثر من مرة ان روسيا تدعم الاقتصاد المصري وتريد ان ترى مصر قوية في كافة المجالات.
 
تساؤلات المجتمع في مصر مشروعة، وتردد روسيا في اتخاذ قرار رفع الحظر له مبررات الامنية والسياسية، خاصة وان الرئيس عبد القتاح السيسي اوضح خلال مؤتمر الشباب الذي عقد مؤخرا في الاسماعيلية بان تنشيط السياحة يحتاج الى اتخاذ اجراءات امنية كاملة وشاملة وهو الوضع الذي تحاول مصر الوصول اليه خلال المرحلة المقبلة.
 
تري مصر انها استجابت لمطالب اللجان الروسية لتعزيز الاجراءات الامنية فس المطارات حيث تعاقدت مع شركة عالمية لتقييم الوضع الأمنى، كما قامت بإنشاء شركة خاصة لتأمين المطارات من الخارج والداخل، وكذلك إعادة هيكلة انظمة الأمن وتغيير أجهزة الكشف عن المفرقعات، وغير ذلك من الإجراءات التي بلغت تكلفتها ما يزيد عن ٤٥ مليون دولار، ويعتقد انها كفيلة للمساهمة فى قرار رفع الحظر.
 
استمرار الحظر يضع العلاقات بين البلدين أمام تحد صعب فى مواجهة الرأى العام المصرى الذى يتوق لعودة السياحة الروسية باعتبارها قاطرة الاقتصاد الذى يمر بمرحلة من أصعب مراحل تاريخه المعاصر، وهي فرصة تجاوز الازمة المشهد الراهن يشير الى وجود ازمة تتعلق بملف عودة الطيران وهذا ما يفسر توقف المفاوضات حول انفاق سلامة الطيران منذ فبراير الماضي لاسباب ربما تعود الى شروط روسيا بوجود فريق امني بشكل دائم في المطارات المصرية.
 
 
لا شك ان استمرار قرار حظر الطيران له انغماسات سلبية على الاتصالات المباشرة بين البلدين والجولة الثالثة من المباحثات والتي تجرى في القاهرة بصيغة ٢+٢ تعتبر فرصة جيدة لمناقشة كافة الملفات بوضوح والاتفاق على أسس تجاوز الازمات والعقبات التي يمكن ان تعرقل مسيرة التعاون بين البلدين ، تحيطها الأجواء الصعبة بجولة المباحثات هذه المرة على عكس الجولات السابقة، حيث تصاعد التوتر بالمنطقة ومطالب بمزيد من الجهد للقضاء على البؤرالارهابية، ناهيك عن حالة الدفء التي وصلت إليها العلاقات الثنائية بين القاهرة وواشنطن عقب انتخاب ترامب . لقاءات وزيرا خارجية روسيا بالقاهرة في ٢٩مايو٢٠١٧ تحمل آمل كبيرة لتنشيط كافة علاقات التعاون على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي، واتخاذ الخطوات الكفيلة بمواجهة وازالة العراقيل المختلفة.
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق