«ميادة»خذلها الفقر.. وأوقعها حظها العاثر في براثن عجوز ديوث
الإثنين، 05 يونيو 2017 02:37 مهبة جعفر
لم تذق عيني ميادة النوم، ليلة أمس، كانت تستعد لحدث سيغير مجرى حياتها، تنتظر بزوغ الشمس، فقد أصبح القلق شريكا، لها منذ وطأت أقدامها هذا البلد الغريب، في ظل حديثها مع نفسها أخرجها رنين المنبه لتشير عقاربه، إلى تمام الساعة السابعة صباحاً، لتنهض من مرقدها وتسرع الخطو باتجاة الحمام تغتسل، لعلها تنفض عن ذهنها تلك الهواجس، التي تسيطر عليها، لتخرج وترتدي العباءة السوداء، التي أصبحت تلاصق جسدها، وتنظر إلي المرآة تتطلع إلي وجهها بنظرة حزن، فقد شحبت ملامحها وفقدت بريق عينيها، فهي ابنة الـ18 عاماً، ولكن ملامحها أصبحت تشبه ذات الأربعين، تنتهدت بقوة لتخرج الحزن من داخلها فلا وقت للتفكير، فقد حان وقت الرحيل، فأكملت غطاء شعرها وألقت نظرة أخيرة علي غرفتها لتحكم غلق الباب خلفها، وتنزل أدراج المنزل العتيق متجة إلي موقف السيارات، تنتظر أن تستقل ميكروباص، يوصلها لتحقيق حلمها الأخير، وما أن لمحته من بعيد، تقدمت بخطوات سريعة متحفز خوفا من تلاصق الرجال بجسدها وبعد أن اعتدلت في جلستها حتي هاجمتها الهواجس واصراخ الداخلي مرة أخري لتبدأ محاولتها لتهدأ من رَوعها.
أفاقها صوت سائق الميكروباص، لينبهها بأنها وصلت لمبتغاها، فهي الآن تقف أمام ذلك المبني العتيق المسمي بمحكمة"زنانيري" فهي محطتها الأخيرة لتحقيق حلم الإنفصال عن ذلك الكهل العجوز "الديوث" كما يطلق عليها.
دخلت المحكمة ليتلقفها الزحام، وتبدأ عينيها في التجول بحثاً عن أرقام القاعات، وما أن تستقر عينيها علي القاعة 9، حتي تتهللل أساريرها وتدلف داخلها تختار مقعد قريباً من منصة القضاء بعيدة عن أعين المراقبين لها، وأسندت رأسها علي كتفيها لتعاودها الذكريات منذ أن نشأت في ذات البيت الصغير القابع في اقصي بلدة فقيرة بمحافظة المنيا فهي الأبنة الكبري بين خمسة أطفال غيرها فوالدها رجل كبير يعمل مزارع بالأجرة لدي علية القوم بالقرية ووالدتها حني الفقر ظهرها ومحو الجهل عقلها لم تنال إي قسط من التعليم لم تنس ذلك اليوم الذي طرق فيه بابهم رجلاً في سن والدها طلباً القرب منهم ويتزوج من صغيرته التي لم تتم عامها الـ17 لم تفكر الأم والأب أنهم يبعوها بدراهم معدودات فقد دفع ذلك الكهل خمسة الأف جنيه وأسورة ذهبية ليقوم بشحنها كـ"البضائع الرخيصة" إلي بيته في القاهرة بمنطقة الحوامدية .
في هذا المنزل المكون من أربعة غرف، ستعيش مع هذا الرجل حاولت أن تمني نفسها بالحياة الجديدة، ولكن الصدمة كانت أقوى منها فقد وجدت في انتظارها ثلاث فتيات، غيرها يخرجوا عليها معلنين ترحيبهم بها، فهي الضيف الجديد وهم زوجاته الثلاثة، واستسلمت لقدرها ففي أول ليلة وجدت غريباً يقتحم غرفة نومها يجبرها بمساعدة زوجها، على خلع ملابسها، وتسليم شرفها له مقابل حفنة من الجنيهات تحصل عليها زوجها، لتفيق علي الحقيقة النكراء فهي العضو الجديد الذي سينضم إلي الشَبكة، التي يديرها زوجها لممارسة الدعارة مع زبائن يعرفهم جيداً، ونفس الأمر يتكرر في باقي الغرف مع زوجاته ليجلس هو في صالة المنزل، يجمع الأموال من وراء بيع أجسامهن، وبعد انتهي العميل منها، خرجت وأمسكت بتلابيب زوجها، فكيف يفعل بها ذلك ويبيع شرفه للغريب، ولكن لا أذن تسمع ولا لسان ينطق، قررت الاتصال بأهلها فما كان ردهم سوى «عيشي حياتك مصدقنا خلصنا منك»، لتجد نفسها تقف بمفردها أمامه فلا أهل ولا سند، فقررت الانتحار مرتين لتتخلص من ذل زوجها، الذي بدأ في عقابها بالضرب لرفضها مجالسه زبائنه من العرب والأجانب ، بل أنه يضع لها المخدرات في الشراب، ويجبرها علي تناول الخمور حتي لا تفضحه أمام الزبائن.
"محكمة " أخرجتها كلمة الحاجب من شرودها لتقف في انتظار خروج هيئة المحكمة للمنصة، وتنظر خلفها لتجد القاعة تكتظ بالناس فيأخدها تفكيرها مرة أخرى، متسائلة كيف ستقف وتقص حكايتها أمام هذا الجمع الغفير، وكيف تمكنت من الهروب علي يد رجل عجوز رق قلبه لحالها وقرر أن يطلبها في منزله مقابل مبلغ أكبر من المال، ليوافق علي الفور زوجها، لتعلن بعدها عدم العودة للمنزل فقد عرفها العجوز علي محامية شابة بأحد المنظمات الحقوقية، ساعدتها في الحصول علي مسكن بسيط، وعمل شريف يعينها علي ظروف الحياة، وأقامت لها دعوى خلع أمام المحكمة لتخلصها من الديوث الماكر.
اقرأ أيضا: