بلوزة من ورق العنب
الأحد، 21 مايو 2017 03:20 م
كانت ابنة الجيران فى المرحلة الابتدائية عندما جاءتنى لأذاكر لها الدراسات قبل الامتحان بيوم واحد باعتبارى أستاذة جامعية أمتلك عصا سحرية تشرح المنهج كله فى ساعتى زمن.
المهم، البنت لا تفقه شيئا وعقلها أنظف من الصينى بعد غسيله بفيرى وبريل معا، ونظرًا لضيق الوقت رأيت أن أكتفى بحل بعض الأسئلة معها فى محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
صادفنا سؤال عن النباتات التى تدخل فى صناعة الملابس وبدا كما لو أن السؤال فاجأها كثيرا، وبدت غير مصدقة أن هناك نباتا-ياللعجب!- تصنع منه الملابس، فتحت عينيها الواسعتين وراحت تنظر فى اللاشئ ببلاهة وتقول: نبات بنعمل منه الهدوم؟! جزر؟ ما ينفعش. خيار؟ ما ينفعش. ورق عنب؟.. فقاطعتها قائلة: عندك. كله إلا ورق العنب، ممكن جدا نصنع منه الملابس. ورقة جنب ورقة ممكن نعمل جيبة ماحصلتش أو بلوزة خضراء تسر الناظرين.
نظرت لى فى شك لا تعرف إن كنت صادقة أم كاذبة، فمن يدرى ربما لورق العنب استخدامات أخرى غير المحشى؟ وعندما يئست منها تماما وخشيت على صحتى من السكر والضغط والشلل قلت لها إن هناك نباتا اسمه القطن وآخر اسمه الكتان اعتاد الناس أن يصنعوا الملابس منهما. ثم انتقلنا إلى سؤال آخر عن اسم الكوكب الذى نعيش فيه، استدعت من الذاكرة- بعد جهد جهيد- اسمى كوكبين أرجح أنها سمعت المعلم يذكرهما فى الفصل، فقالت مرة الزهرة وقالت مرة المريخ وقلت أنا الأرض فصاحت فى دهشة عظيمة: إيه ده؟ هو فيه كوكب اسمه الأرض؟
المشكلة ليست فى أن البنت لا تفهم شيئا ولا تعرف الفرق بين الألف وكوز الدرة، المشكلة أنها تنجح كل سنة مما يجعل خروجنا من التصنيف العالمى للتعليم أمرا طبيعيا، وأن المسألة مسألة وقت لا أكثر، بل إنى أرى أن التصنيف العالمى كان مهذبا معنا جدا فى الحقيقة إذ صبر على وجودنا فيه كل هذا الوقت.
مدرسة بكلية الألسن جامعة عين شمس