المطلقة بين مطرقة المجتمع وسندان الأبناء
الأحد، 21 مايو 2017 03:05 مكتبت عايدة السمنودى
فى ظل حالة التخبط والتشتت واختلاط القيم والمفاهيم التى تعيشها الطبقة الوسطى المصرية انتشرت بدعة جديدة بين أبناء هذه الطبقة ألا وهى الابتعاد عن الارتباط بالزواج من بنات المرأة المطلقة، وتضخمت هذه البدعة حتى طالت الأبناء الذكور أيضا وكأن هذا المجتمع المنافق دينيا وأخلاقيا كان ينقصه هذا البلاء، لم أصدق أذنى وأنا أستمع فى أسبوع واحد إلى أكثر من ثلاث مشكلات كلها تدور حول هذه البدعة، عندما أخبرتنى صديقتى عرضا عن تقدم شاب ذى خلق ووضع مادى جيد لخطبة ابنتها ورفض زوجها له لأنه تربى بين أبوين منفصلين بالطلاق، كانت حجته هو وغيره ممن عرفت لاحقا أن الشاب أو الفتاة التى تنشأ فى أسرة كهذه يسهل عليه أو عليها التخلى عن الحياة الزوجية المستقرة وعدم الصبر والتحمل، فهل وصل بنا الظلم والخلل النفسى أن نحكم على جيل تال لمن حدثت لهم هذه العثرة بالفشل كأنهم يحملون عارا عليهم التخفى به عن عيون مجتمعهم، هذا المجتمع الذى لا يتورع عن وصف الفتاة بأنها تربية امرأة، إننا نعيش مرحلة ردة حضارية شديدة أو خطورة تجاوزت التماهى مع بعض المفاهيم الدينية التى يساء تفسيرها ووصلت إلى أعراف اجتماعية أصبحت لها قوة ورسوخ تفوق تعاليم الدين، فلو قرأنا عن المجتمع الإسلامى فى بدايته ورغم كراهة الطلاق حتى وصف بأنه أبغض الحلال عند الله، إلا أنه كان يتم بيسر وسلاسة وفى معظم الحالات تتزوج المرأة بعد انتهاء عدتها بدون أن تواجه نظرة ازدراء أو تحقير من مجتمعها أو ذويها وقد يتكرر طلاقها وزواجها مرات عديدة بلا أى تحفظات، فماذا حدث حتى وصلنا إلى معاقبة أبناء المطلقات والحكم عليهم بالفشل المسبق كأنهم ارتكبوا جريمة وجب عليهم دفع ثمنها، وحتى أصبح قرار الطلاق مهما تجلت أسباب استحالة الاستمرار بمثابة انتحار اجتماعى للزوجة والأبناء وتبقى ملحوظة مهمة.. أن هذه الظاهرة ليس لها وجود فى الشريحة العليا من المجتمع المصرى، حيث لغة المال والنفوذ تجب ما عادها وكذلك لا توجد أيضا فى طبقات المجتمع المصرى شديدة الفقر والتى يمثلها ساكنو العشوائيات فليس هناك ما يخسرونه على أى حال، هاتان الطبقتان يتم الطلاق والزواج اللاحق والمتعدد بدون أى تعقيدات وإن اختلفت الأسباب والدوافع، فمتى ستعيد الطبقة المتوسطة النظر فى ما طرأ عليها من قيم وسلوكيات تشدها إلى الوراء بعد أن كانت هى قاطرة الحضارة فى المجتمع المصرى؟!