«التتبع الدوائي» خطة لجنة مجلس الوزراء لمحاربة الدواء المغشوش.. التطبيق يبدأ بـ 100 صيدلية تمهيدا لتعميمها بالمحافظات.. «الصيادلة»: ربط التقنية بالتأمين الصحي الجديد.. و«الإيبسو» تعرض تطبيقها مجانا لمصر
الثلاثاء، 16 مايو 2017 05:32 م
في منتصف مارس الماضي، أصدر المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، قرار رقم 540 لسنة 2017، بتشكيل لجنة تتولى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتنفيذ الخطة طويلة الأمد لتطوير منظومة الصحة في مصر، والتي ترتكز على التوسع في صناعة الدواء خلال فترة من 12 إلى 24 شهر، وتنفيذ الخطة متوسطة الأمد خلال تسعة أشهر.
وتفعيلا لذلك، عقدت اللجنة اجتماعا يضم عدد من المختصين بتطوير النظام الدوائي لوضع إجراءات تشغيل نظام «التتبع الدوائي»، على علب الدواء والمعروف بالباركود لمواجهة ظاهرة انتشار الأدوية المغشوشة والمهربة التى تضر بصحة المرضي والاقتصاد القومي.
ولتوضيح تفاصيل عملية التتبع الدوائى، قال الدكتور جورج عطالله عضو مجلس نقابة الصيادلة، فى تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، إن منظومة التتبع الدوائى هى أحد الوسائل التى تساعم فى منع غش الدواء، من خلال تقنيات حديثة تسمح بتتبع خط سير عبوة الدواء بداية من التصنيع ووضع الباركود، ثم توريدها من المصنع إلى الموزع ثم الصيدليات، للتأكد من سلامة تلك العبوات وكونها أصلية أو مغشوشة، من خلال الباركود ثنائى الأبعاد، والذى يحمل اسم الشركة واسم المنتج وتاريخ الصلاحية ورقم التشغيلة، من خلال تخصيص رقم مميز لكل عبوة ولا يتغير.
وأوضح أنه تم الاجتماع مع كل من GS1 وIMS والإيبسو، لتوضيح أحدث التقنيات، مشيرا إلى أن شركة GS1 تمنح الترقيم الدولى معتمد بالخارج، وكود لمصر، وIms شركة تجرى ربط معلوماتى بين جميع الصيدليات والشركات، وتتيح معلومات حول معدلات البيع والشراء والحركة الدوائية فى السوق، وتقدم البرنامج مجانا لكل الصيدليات، أى أن النقابات لن تتكلف مليما واحدا للتنفيذ.
أما الإيسبو، فقال عطالله: «تتيح تقنية لطبع الباركود على عبوات الأدوية، بـ32 سيريل أو رقم مسلسل جميعهم مُشفر لا يتم قرائتهم إلا من خلال برنامج محدد، والورق الخاص بالباركود مصنع بالنانوتكنولوجى»، لافتا إلى أنه من التوقع أن يخرج المشروع إلى النور قبل نهاية العام الجارى، حيث يتم حاليا إجراء الدراسة المالية للمشروع.
وتابع: «التنفيذ سيبدأ من الشركات والمصانع، لضمان أن كل عبوة يتم توريدها للصيدليات تم وضع الباركود عليها، ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية وهى الصيدليات حيث سيتم تقسيمها لقطاعات، خاصة أن محافظتى القاهرة والجيزة بهما حوالى 25 ألف صيدلية، أى أكثر من ثلث صيدليات مصر، وبالتالى سيتم تقسيمهم إلى قطاعات، لتلافى أى مشاكل قد تحدث أثناء التنفيذ ومعالجة الأخطاء التى ستظهر مع التطبيق».
واستطرد: «كما أنه سيتم ربط تلك التقنية بمنظومة التأمين الصحى الجديدة، أى أنه سيتيح من خلال كارنيه الاشتراك بالتأمين الصحى لأى مريض أن يتعرف على الأدوية الخاصة به، وصرفها، ويتم ربطها بالبنوك لسداد قيمة تلك الأدوية»، لافتا إلى أن مصر بها 155 مصنع للأدوية، و4 آلاف شركة، مؤكدا أن التتبع الدوائى ليس فقط يمنع غش الأدوية، إلا أنه يمثابة دعم لوجيستى، حيث يمكن من خلاله التعرف على نواقص الأدوية فى أى منطقة، وعلاجها من خلال الوصول إلى المناطق المتوفر بها ذلك الصنف، بالإضافة إلى أن هناك حوالى 25% تجارة موازية لسوق الدواء المصرى غير خاضعة للضرائب أو الرقابة، والأدوية المغشوشة والمهربة، والذى سيمكننا من القضاء عليها.
ولفت إلى أن لجنة مجلس الوزراء، تعمل حاليا على دراسة لتطوير مصانع قطاع الأعمال، ودراسات للشراكة مع مصانع كبرى لإنشاء مصانع للمواد الخام، ودراسات للمصانع الخاصة المتوقفة عن الانتاج لمساعدتها، ودراسات للمشاكل التى تعوق الأدوية المصرية فى التصدير للخارج، ومعها الصلاحيات مفتوحة.
الربط بالتأمين الصحى
من ناحيته، قال الدكتور محى إبراهيم نقيب الصيادلة، فى تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، إنه جارى دراسة إمكانية الربط الإلكترونى للصيدليات والتتبع الدوائى من المصنع والموزع ثم الصيدليات، والتى تقدمت بها إحدى الشركات العالمية، لافتا إلى أن التكلفة سيتحملها شركات الأدوية والنقابة، وأعضائها التى قد تتمثل تكلفتها عليهم فقط على شراء الكمبيوتر.
وأضاف نقيب الصيادلة: «الربط الإلكترونى هو نوع من أنواع توفير المعلومات من خلال أحد البرامج المختصة لإطلاع الصيادلة على التداخلات الدوائية، ومجلات عالمية للتعليم الصيدلى المستمر، وفى حال وجود أدوية تتداخل معا فيمنح البرنامج إنذار للصيدلى بذلك»، لافتا إلى أن النقابة منذ عام تعمل مع شركة الـIMS ، وتم الاجتماع بوزارة الصحة أكثر من مرة، واقتربت الشركة من الانتهاء من البرنامج، وخلال الفترة المقبلة سيتم تجربة البرنامج بها لقياس مدى نجاح التجربة ولحل مشاكله قبل تعميم التجربة.
وأشار إلى أن هيئة العلماء العرب، أجرت تجربة تعتمد على وجود نت فى كل الصيدليات، وهو أمر غير متوفر على مستوى الجمهورية، مما يعنى صعوبة تطبيق التتبع بذلك النظام، مؤكدا أنه جارى الدراسة حاليا للاختيار بين كافة التجارب، للوصول إلى منظومة سليمة بأقل تكلفة، ومن المتوقع تلقى تجارب أخرى خلال الفترة المقبلة.
تخوفات من التربح
الدكتور علي إبراهيم، أمين عام اتحاد الصيادلة العرب ورئيس هيئة العلماء والخبراء العرب «ابسو»، أكد لـ«صوت الأمة»، أن هيئة الإبسو هى أول منظمة على مستوى العالم تقترح حل تقنى للقضاء على الدواء المغشوش، وهو عبارة عن باركود بتكنولوجيا النانو، وأرقام مكودة، ومطبقة بالاتحاد الأوروبى وبالولايات المتحدة الأمريكية، وتم عرضه من قبل وزراء الصحة العرب وجامعة الدول العربية فى مؤتمر عالمى فى عام 2010 فى مصر، مؤكدا أنه حل جاهز لدى المنظمة، وفى حال وجود رغبة لدى مصر فى التطبيق، فيمكن تطبيقه بدءا من صباح غدا، رغم عدد الصيدليات الكبيرة بها.
وتابع: «تم طرح البرنامج بالتعاون مع جامعة الدول العربية ومجلس وزراء الصحة العرب، على أن يطبق داخل مصر مجانا، خاصة أنها تقنية يمكن أن تحسن من سمعة الدواء المصرى بالخارج، فأى دولة عربية أو إفريقية مشتركة فى هيئة العلماء العرب، ستشاهد الباركود على عبوة الدواء فسيمنح ذلك سمعة عالمية للدواء المصري».
ولفت إلى أن الباركود لن يتم تطبيقه إلا بضوابط، من خلال فرق متخصصة من أبسو وهيئة العلماء العرب، ومنظمة الصحة العالمية، والتى ستكون معنية بدراسة الشركات والمصانع والتأكد من توافر المعايير العالمية فى التصنيع والإطلاع على خطوط الإنتاج، وبعد التأكد من ذلك يتم منح كل شركة كود خاص بها، مضيفا: «وفى حال مطابقته للمواصفات العالمية يتم منحه كود محدد، وفى حال توافر كل ذلك يتم ربطه من خلال النانو تكنولوجى، لتصبح أى عبوة دواء تخرج من مصنع، تم التأكد من أن المواد التى دخلت فى تصنيعها صحيحة، ومطابقة للمواصفات والمقاييس العالمية، مما سيعطى إنطباع جيد حيال الدواء المصري».
وأبدى تخوفه، حيال ما وصفه بوجود اتجاه لوضع «مجرد باركود»، قائلا: «هناك العديد من الشركات التجارية التى تهدف إلى الربح دون النظر إلى أى جوانب أخرى، لكن لتحسين المنظومة نأمل أن يخرج المشروع بشكل جيد، والهيئة العلمية والاستشارية ستحاول توصيل صوتها لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الصحة وللنقابة للوصول إلى شكل ونظام صحيح».
شركات التول
فى سياق متصل، قال على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية: «إن تطبيق التتبع سواء على شركات التول أو المصانع فهو نظام جيد، وإمكانية تطبيقه ليس بها مشكلة، إلا أن الأزمة تكمن فى مدة الإلتزام بتطبيق الأمر بشكل سليم، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الاختراع أعلنت أنها تبدأ فى 2009 وتنتهى فى 2023 للإنتهاء من تطبيق التتبع الدوائى، فكيف لوزارة الصحة المصرية أن تطبق الأمر نفسه فى عامين؟، بالمقابل أعلنت المملكة العربية السعودية عدم قدرتها على التنفيذ خلال 3 سنوات، ومدت 5 سنوات أخرى للتطبيق، بالرغم أن إجمالى الصيدليات بها فقط 8 آلاف صيدلية، وتملك سوق منظم وأنترنت أسرع وإمكانيات مادية أفضل من مصر».
واستطرد: «الحديث عن التصدير الآن مبكرا، خاصة أن 90% من الشركات أمامها ما يقرب من 5 سنوات للتصدير بعد تطبيق الباركود، كما أن تطبيق التتبع الدوائى سيحتاج إلى سيولة دولارية، والتى سيصعب على الدولة فى الوقت الحالى توفيرها، وبالتالى لا حاجه إلى التسرع بالتطبيق، واستغلال الوقت فى الدراسة للوصول إلى نتائج دقيقة».
اقرأ أيضا
«الصيادلة» تبحث تطبيق التتبع الدوائي لمحاربة الأدوية المغشوشة والمهربة