ماذا يحمل الرئيس الأمريكي في حقيبته للشرق الأوسط؟

الأحد، 14 مايو 2017 08:58 م
ماذا يحمل الرئيس الأمريكي في حقيبته للشرق الأوسط؟
ترامب
كتب- محمود علي

حددت الزيارات الأولى لرؤساء أمريكا السابقين إلى الشرق الأوسط، خطط تحركاتهم تجاه القضايا والأزمات المشتعلة بالمنطقة، حيث مهدت تلك الزيارات وفتحت الطريق إلى سياستهم المستقبلية، ويأتي الدور هذه المرة على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي سيزور المنطقة في 19 مايو الجاري، والذي يحمل في حقيبته إلى السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلي الكثير من الأهداف، فما هي وما دلالات زيارته في ذلك التوقيت؟

بخلاف ما حددته القنوات الأمريكية الرسمية عن أسباب الزيارة، التي أكد فيها مساعدون للرئيس الأمريكي بأنها استعراض أمام حلفاء أمريكا المقربين بالعزم على مواجهة التطرف والتعصب حول العالم، وإنها لدحض انطباعات عن أن ترامب معادي للمسلمين.

- صفقات التسليح

في خضم معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في العام الماضي خرج دونالد ترامب أمام أنصاره في مقر حملته الانتخابية ليوضح توجهه تجاه الخليج، وبالأخص السعودية التي ستكون محطته الأولى، حيث لوح الملياردير الأمريكي بوجوب دفع الدول الحليفة وبالأخص السعودية «ثمن الحماية الأمريكية» متهمًا إياها بعدم المساهمة بشكل عادل في كلفة الدفاع الأمريكي عنها، قائلًا «يجب دفع الدول (أتعاب الدفاع) أو (الخوة) لتلقيها الحماية من الولايات المتحدة من جديد»، ذاكرا السعودية وعدداً من الدول الأخرى، ومكررا تصريحات له بأنها «دولة ثرية».

عبر هذا التصريح الذي أطلقه ترامب أكثر من مره خلال حملته الانتخابية عن سياساته المحبذة اتجاه ما أسماه بالدول الثرية والغنية في الخليج كرجل أعمال أمريكي لدية القدرة على التسويق لمنتجاته، وما أن دخل الملياردير الأمريكي البيت الأبيض إلا وتخلى نسبيًا عن تلقائيته أو بالأحرى بلاهته التي كان يتعامل بها في حملته الانتخابية ليتم ترجمة ذلك في صفقات عسكرية وتصريحات دبلوماسية اتجاه السياسة الخارجية.

لم يكرر الرئيس تصريحاته ولكن قبل أيام من زيارته إلى السعودية كشفت الصحف الأمريكية عن الإتاوة ودفع الحماية التي تحدث عنها ترامب في تصريحاته السابقة، وتمثل ذلك بإعلان مسئول أمريكي كبير لرويترز قوله «أن الولايات المتحدة الأمريكية على وشك استكمال سلسلة من صفقات الأسلحة للسعودية تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار، ويمكن أن ترتفع القيمة الـ 300 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة لتعزيز قدراتها الدفاعية»، ليفسر بهذه الصفقة متابعون اختيار ترامب للسعودية لتكون محطته الأولى بعد تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة.

- التحالف العربي الأمريكي مع إسرائيل

وفيما يخص الأهداف الأخرى للزيارة، فإن الصفقة الكبرى التي كشفتها الصحف العالمية بعد أيام من قدوم ترامب إلى البيت الأبيض، التي تؤكد بأن ترامب يرغب في إنشاء حلفًا عربيًا أمريكيًا يكون فيه الاحتلال الإسرائيلي لاستهداف طهران خير دليل على اختيار السعودية للزيارة العدو اللدود لبلاد فارس، حيث أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي هربرت ريموند ماكماستر أن ترامب سيعلن عن مشروع كبير  يطالب فيه باتخاذ موقف قوي ضد إيران، مؤكدًا أن جولة ترامب التي تبدأ بزيارة الرياض، سيشجع فيه الرئيس الأمريكي شركائنا العرب والمسلمين على اتخاذ خطوات جديدة شجاعة من أجل تعزيز السلام ومواجهة هؤلاء، من داعش إلى القاعدة إلى إيران إلى نظام الأسد، الذين بحسبه يثيرون الفوضى والعنف ويتسببون في الكثير من المعاناة عبر العالم الإسلامي وخارجه».

هذا الحلف الذي كشفته الصحف العالمية قبل شهور ويعيد قراءته بين السطور في تصريحات مستشار ترامب أنشأ لاستهداف طهران، والتنظيمات الإرهابية، ولم يكن الشحن الأمريكي عبر الإدارة الجمهورية الذي سبق الزيارة تجاه إيران ما هو إلا وسيلة، تعبر من خلالها صفقة الأسلحة العسكرية إلى السعودية وتشكيل الحلف العربي الإسرائيلي المزعوم، وعلى الرغم من أن إدارة أوباما الديمقراطية استغلت نفوذ إيران وتدخلها عبر العديد من الدول العربية في مقدمتهم سوريا والعراق واليمن لتكون طهران شرطي المنطقة بتوقيعها على الاتفاق النووي وتكون مصدر إزعاج للدول الخليجية لإنعاش سوق السلاح الأمريكي مرة أخرى، يبدو أن السياسات الأمريكية العريضة باقية لن تتغير ولكن تنفيذ الرؤية اختلف عبر الجمهوري، وذلك عبر إشعال حربًا مذهبية بين العرب وطهران تكون إسرائيل هي الوحيدة المستفيدة منها.

- حرب السنة والشيعة

مقدمات الحرب المذهبية بين السنة والشيعة جميعها قدمها الرئيس الأمريكي على طبق من ذهب قبل زيارته لمن يحاولون تفتيت المنطقة، حلفًا عربيًا إسرائيليًا لمواجهة طهران تشارك فيه تل ابيب بدور المراقب ليس إلا، عن طريق التنسيق الأمني و تبادل المعلومات وضبط الحدود، أسلحة ستوردها الإدارة الجمهورية لمنطقة الشرق الأوسط بمئات المليارات من الدولارات، لتوظيفها في الحرب السورية والعراقية واليمنية بحجة مواجهة النفوذ الإيراني والذي كانت تدعمه الإدارة الأمريكية السابقة، كل هذه المقدمات قد تشعل في غضون شهور أو سنوات قليلة على أقصى تقدير حربًا بين السنة والشيعة في المنطقة كانت الدول العربية وإيران بغنى عنها إذ ما غلب صوت الحكمة والتوافق في الفترة الأخيرة.

من سيحارب؟

القوة العسكرية الأقوى في الشرق الأوسط والجيش المصنف ضمن أول عشرين جيشًا في العالم في هذا الحلف العربي الإسرائيلي الذي تدعمه أمريكا في المنطقة هو الجيش المصري الذي حاول في الآونة الأخيرة الابتعاد عن أي تدخل عسكري خارجي، فالحرب التي أدخلتها السعودية في اليمن وتشكيلها تحالف عربي لمواجهة المتمردين الحوثيين وقوات على عبد الله صالح ما زالت مستمرة دون تحقيق أهدافها كاملة، لاسيما بعدما اقتصرت القاهرة على مشاركتها في التأمين البحري وخاصة في باب المندب، الأمر الذي سيتوجب على واشنطن إقناع الحلف الحديث بوجوب دخول الجيش المصري كلاعب رئيسي لمساندة العرب ضد إيران.

لكن دور مصر على مر التاريخ يدفعها إلى اليقظة وعدم التورط في دخول هذه الحرب المذهبية، حيث دائمًا ما دعت القاهرة من خلال سياسة متوازنة إلى التسامح والتعايش السلمي والحوار ونبذ التعصبات للمذاهب والأعراق وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وإعلاء صوت الحكمة والتحاور والاستماع لجميع الأطراف، الأمر الذي يؤكد انه من صعب أن تتدخل في حرب تدرك كافة شعوب المنطقة نتائجها السلبية وخير دليل على ذلك الحروب الأخيرة التي رفضت مصر المشاركة فيها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق