عرب جيوجرافيك

فى «الويك إند» اللى قررت إنه يكون بيتوتى، تابعت بمنتهى الاستمتاع وعلى مدار ساعة تقريبا، برنامجا على قناة «ناشيونال جيوجرافيك» عن مراحل تصنيع السيارة «البورش» فى ألمانيا من أول طقطق لغاية ما تدور، السيارة بتمر بـ5 مراحل، ابتداء من صناعة الهيكل مرورا بتجميع الموتور مع الوصلات الكهربائية،انتهاء بالدهان والتلميع،طبعا مش عايز أقولكم على الصناعة الألمانية لأنكم أكيد عارفنها، لكن عن الدقة المتناهية والاهتمام بكل التفاصيل وبالذات «الفينش» اللى هو آفة الصناعات المصرية، وعن آلية وديناميكية سير  العمل حدث ولا حرج، كل شىء محسوب بالدقيقة والثانية، منظومة عمل تسير بمنتهى الجدية والإتقان، لا صراعات ولا حتى تداخل فى المهام، كل شخص يدرك ما هو مطلوب منه بالضبط ويؤديه على أكمل وجه وبسرعة متناهية،

 

والأهم من ده كله وأكثر ما استرعى انتباهى، النظافة، نظافة المصنع المتناهية التى توحى لك أنك تتجول فى فندق 5 نجوم، لمعان الأرضية يشعرك أنها مصنوعة من زجاج، هل تتخيل مصنع سيارات لا يوجد به نقطة شحم أو زيت على الأرض؟! مديرو الأقسام والفنيون والعمال يرتدون معاطف ناصعة البياض وكأنهم أطباء فى مستشفى عالمى، شىء فى منتهى الإبهار، على رأى إخوانا الشوام، أشى يخطف العقل.

 

وبعد انتهاء هذا البرنامج، أمسكت بالريموت لأتجول بين قنواتنا العربية، فلم أجد سوى رغى، رغى، رغى، نفس الكلام، نفس المترادفات، نفس السفسطة، نفس الهرطقة، نفس التفاهة، نفس الهيافة، نفس السطحية، فأدركت طبعا سبب ما وصلوا له، وسبب ما وصلنا نحن إليه، لماذا هم يبرعون فى صناعة سيارة قوية فيها كل الرفاهيات والكماليات، ولماذا نفشل نحن فى بناء وطن يلبى أبسط أحلامنا وطموحاتنا.