مصر لم تخرج.. لكنها لم تدخل!
السبت، 13 مايو 2017 06:06 م
المناهج المصرية هى بحد ذاتها مشكلة بل تبدو أم المشاكل، لقد أخنى عليها الذى أخنى على لبد، وأكل عليها الدهر وشرب
يعد «الزياط» من مصطلحات السوشيال ميديا التى لا تحتاج لشرح أو تفسير، إذ أن المصطلح يحمل دلالته ويكشف عن هويته فور النطق به، ولأن هناك «زياط» فهناك «زيّاطون» يصنعون هذا الضجيج الإلكترونى الذى سرعان ما ينتشر انتشار النار فى الهشيم ويهبط برماده على أرض الواقع فيزيدها قتامة على قتامتها. وقد «زاط» تويتر وفيس بوك وكذا بعض المواقع الإخبارية والفضائيات والجرائد حول خبر، خروج مصر من التصنيف العالمى للتعليم.
والقصة من أولها تقول: إن ثمة صفحة على الفيس بوك، زعمت أنها تابعة لجامعة القاهرة نشرت صورة للجامعة مصحوبة بخبر «خروج مصر من التصنيف العالمى للتعليم بعد حصولها على المركز 140 عالميا».
وخلال ساعات قليلة، قام الزياطون بالواجب ليتربع الخبر على عرش «الترند» المنشود!
لم يفكر أحد فى أن الصفحة التى بدأ انتشار الخبر منها هى فعلا لجامعة القاهرة أم لا؟
أولا: لا علاقة لجامعة القاهرة بالصفحة، والجامعة لم يصدر عنها تصريح واحد عن القصة من أولها لآخرها، ولكن الزياط مثل الحماقة التى أعيت من يداويها.
ثانيا: لدينا تصريح غاية فى الأهمية لمصدر مسئول وهو الدكتور أشرف حاتم، الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، الذى قال إن ما يتم تداوله من أخبار عن خروج مصر من تصنيف التعليم العالى والجامعات دوليا، كلام عار تماما عن الصحة.
وأشار حاتم، إلى أنه لا يوجد مصطلح علمى فى التصنيفات العالمية يعنى خروج مصر من التعليم، فهناك دول ضعيفة جدا وبها جامعات بارزة فى التصنيفات العالمية، فالتصنيفات تعتمد فقط على الجامعات أو التخصصات داخل الجامعات وليس الدول.
ثالثا: ها قد ثبت أن الأمر مجرد زياط، ولكنه لا ينفى حقيقة تراجع التعليم فى مصر، ففى العام 2015 أصدر المنتدى الاقتصادى العالمى تقريره عن مؤشر التنافسية السنوى فى مجال التعليم، وفيه احتلت مصر المرتبة قبل الأخيرة، على مستوى 140 دولة فى العالم.
رابعا: من ثالثا يجب أن نبدأ، فإن كانت مصر لم تخرج من التصنيف فإنها أيضا لم تدخل، فما معنى أن نلوك جميعا حقيقة احتلالنا للمركز قبل الأخير ثم يظل الأمر كأنه علكة نمضغها ثم يمضى كل منا لشأنه؟.
فحتى لو صعدنا عشرين مركزا أو ثلاثين أو خمسين، فهذا الصعود لا يعنى أن المراد من رب العباد قد تم وتحقق، إن سنغافورة وهونج كونج اللتين تحتلان المركز الأول فى التعليم على مستوى العالم لا تمثلان شيئا لو وضعناهما فى سياق المقارنة مع مصر، إن أصغر قرية مصرية، هى أعرق من البلدين، ولكن العراقة مرتبطة بالتاريخ، يعنى بالماضى الذى مضى، بينما الإحصاءات تعكس واقع الحال الآن.
مصر تعانى من وصمة وعار الأمية، ثم لا نجد خطوات جادة لمغادرة ركن العار هذا، ومصر تعانى من نقص فادح فى عدد المدارس والمعلمين بل والكتب الدراسية، هذا لو سلمنا بأن القائم الآن يمكن التعامل معه بوصفه مدارس فعلا وليس علبًا أسمنتية تخنق الدارس والمدرس.
المناهج المصرية هى بحد ذاتها مشكلة بل تبدو أم المشاكل، لقد أخنى عليها الذى أخنى على لبد، وأكل عليها الدهر وشرب، ثم عندما يتحدثون عن تطويرها يأتون بشيء هو كوحوش الأساطير التى تلتهم التلاميذ والمدرسين وأولياء الأمور.
هل قدم أحد، أى أحد، من أصحاب الكلمة المسموعة والأمر النافذ حلا جادا وبالضرورة منطقيا لكارثة الدروس الخصوصية؟.
قبل الحصول على إجابات لما سبق من أسئلة بديهية ومنطقية سنظل ندور فى دائرة إحصائيات هى فى الحقيقة تخص غيرنا من الذين أسسوا البنية الأساسية ثم دخلوا إلى مضمار المنافسة، نحن الآن فى مرحلة ما قبل المباراة، فلماذا نشغل أنفسنا بنتيجتها، فلنهبط إلى أرض الملعب أولا ثم لكل حادث حديث.