لماذا تأخر القضاء على داعش والقاعدة في العراق وسوريا؟

السبت، 13 مايو 2017 09:00 م
لماذا تأخر القضاء على داعش والقاعدة في العراق وسوريا؟
تنظيم القاعدة
كتب - محمد الشرقاوي

209 أيام هي عمر معركة تحرير الموصل، حتى الآن، من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، والتي تتزامن مع معارك أخرى دائرة في سوريا في مناطق متفرقة، غير أن تأخر حسم المعارك دفع البعض إلى القول بأن تلك التنظيمات أشد قوة وانتشارًا ولم يعد بمقدور الجيوش النظامية القضاء عليها، إلا أن الأمر بخلاف ذلك، فالاستراتيجيات التي تعتمدها تلك الجيوش هي السبب وراء ذلك.

الأوضاع على الأرض، تؤكد تآكل مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، فرقعة« داعش»، وصلت إلى 10 % من مساحة الموصل العراقية، وأصبح محاصرًا في مناطق بالرقة السورية، وبفضل نجاحات قوات سوريا الديمقراطية، هربت عناصره إلى دير الزور الحدودية ومناطق أخرى.

في دراسة لتحركات القوات العسكرية تجاه التنظيمات الإرهابية وبالأخص«داعش»، أسماها مركز المستقبل للدراسات المتقدمة: «لماذا برزت ظاهرة القضم التدريجي في سوريا والعراق؟»، تقول إن تلك الجيوش النظامية والميليشيات الداعمة لها في سوريا والعراق «مليشيات شيعية»، تعمل وفق استراتيجية يُطلق عليها «قضم تدريجي»، للأحياء، والقرى، والمناطق، والبلدات، والمخيمات، داخل المحافظات التي استولت عليها التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة.

وأرجعت الدراسة اعتماد تكتيك القضم إلى عددٍ من العوامل المترابطة، تتمثل في التبدل المستمر  بالمواجهات بين الأطراف المتنازعة في ساحات القتال، وتعذر السيطرة على المناطق الجغرافية المركزية، والتفرغ للسيطرة على المناطق الجغرافية الأخرى، وتجنب الخسائر في صفوف القطاعات الجماهيرية، وتقليص الدمار الحادث في البنية التحتية، ورفع الروح المعنوية للقوات المقاتلة، وقطع خطوط الإمداد والتمويل بين الجماعات المسلحة، وتداخل مناطق السيطرة، وتفعيل نموذج اللا مركزية، وتأمين الخطوط الحدودية المشتركة.

 

القضم التدريجي

ويعني تكتيك القضم التدريجي: «سيطرة جيوش الدولة بشكل تدريجي وبطيء على أجزاء محدودة من الأحياء، أو المناطق، أو القرى، أو البلدات الصغيرة، أو الطرق، أو الشرائط الحدودية المطلوب التقدم فيها، وتثبيت وضعها بعد فصل تلك الأجزاء، ثم الانتقال للسيطرة على أجزاء أخرى صغيرة، وهكذا حتى اكتمال  السيطرة على المناطق، إضافة إلى تأمين أجزاء ثانية، على نحو يؤدي إلى تجزئة جبهات القتال أو ساحات المواجهة بين أطراف الصراع».

وتحتاج تلك السياسة إلى مقومات لا تملك الجيوش الموازية بعضها، وهي الدعم الجوي، والعنصر البشري القتالي، والدعم اللوجيستي، وهو ما يفسر نجاح الجيش السوري، في استعادة السيطرة على مدينة محورية مثل حلب، بتطبيق استراتيجية القضم البطيء منذ عام 2013 بحصار مناطق المعارضة المسلحة، فقد سيطر على بلدة، ثم أمن القرى المجاورة، ثم انتقل إلى المطار والتلال، ثم المدن الصناعية، حتى فرض الحصار على المدينة بأكملها، حتى أتم سيطرته في 2016.

هناك مجموعة من العوامل تؤكد أهمية تلك الإستراتيجية وتشابها في عدد من المناطق العربية، وعلى رأسها عدم وجود مسرح عمليات محدد، مع ضيق المناطق الجغرافية، إضافة إلى استحالة السيطرة دفعة واحدة على مناطق النزاع؛ لاتساع الرقعة الجغرافية.

 

تتابع الدراسة، أن التفرغ للسيطرة على مناطق جغرافية أخرى يعد أحد العوامل لاعتماد تلك الإستراتيجية، ويحقق ذلك التكتيك هدفين رئيسيين: أولهما، إنهاك الخصم واستنزاف موارده التي أصبحت محدودة بفعل الحصار، وثانيهما، تقليص مساحة السيطرة بما يقلل هامش المناورة ومساحة الاشتباك.

ويُشكِّل اتفاق المدن الأربع «كفريا، الفوعة، الزبداني، مضايا»، الذي تم التوصل إليه بين فصائل معارضة على رأسها «هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام»، من جانب وإيران، وحزب الله، من جانب آخر، إمدادًا للنظام السوري بعناصر مسلحة جديدة من كفريا والفوعة في وقت يعاني فيه نقصًا في العتاد البشري، ويحاول عسكرة المجتمع للحفاظ على بقائه.

معوقات أخرى

ومن بين المعوقات التي تواجه القوات النظامية في تحرير المدن،  تجنب الخسائر في صفوف السكان المدنيين، وبالتالي فهي تُستخدم الأسلحة الخفيفة خلال العمليات داخل الأحياء السكنية لحماية المدنيين، وهو ما قامت به القوات العراقية لطرد تنظيم «داعش» من مدينة الموصل.

 

 كما تسعى الجيوش النظامية إلى حصار الميليشيات الإرهابية في الأحياء المسيطر عليها، عبر منع إدخال المقاتلين، والأسلحة، والمساعدات الغذائية، والأدوية الطبية، وقصف المستشفيات، واستهداف المصانع، فضلاً عن إدامة الهجوم العسكري فترة طويلة، وتبديل العناصر المقاتلة بهدف إراحتهم.

 

وانتهت الدراسة، إلى أنه لم يعد من الممكن انتزاع السيطرة على مناطق أو مدن في بؤر الصراعات العربية دفعة واحدة، خاصة في سوريا والعراق، وإنما الاستحواذ على الحواجز، والمواقع، والنقاط، والتلال، والأحياء، باعتبارها نقاطًًا استراتيجية للإمساك بالأرض ومناطق التمركز، وربط جميع المناطق المسيطر عليها، في مواجهة قوات الخصوم، والحد من مسارات انتقالها، ومخازن أسلحتها، ومنافذ إمدادها، وبقايا جيوبها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق