الترجمة الكاملة لمقال المتحدث باسم الخارجية المصرية ردًا على «الإعلام الغربي»
الإثنين، 08 مايو 2017 08:09 م
نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية بموقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك"، اليوم الإثنين، ترجمة كاملة لمقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، السفير أحمد أبو زيد، الذي نُشِرَ منذ أيام على مدونة الوزارة باللغة الإنجليزية، بعنوان "مصر..نحو إعادة طرح الصورة الغائبة"، وهو المقال الذي يرد فيه أبو زيد على بعض الإنتقادات في الإعلام الغربي دون تحقق.
وقال أبو زيد في مقاله: "تمضي مصر عازمة نحو مرحلة جديدة من التجديد والتطوير السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والديني، حيث نجح المصريون في استعادة مصيرهم، عازمون على تحقيق غد أفضل لأنفسهم وللأجيال القادمة، كما يستشعر المرء روحا جديدة تبعث علي الأمل والتفاؤل على الرغم من التحديات المتزايدة التي تنازعها البلاد. فبعد سنوات من الاضطراب، تمكنت مصر من أن تخطو خطوات هامة نحو بناء دولة ديمقراطية تجسد قيم الحداثة والتنوير... تمكنت مصر أيضا من إعادة طرح دورها في بيئة جيوسياسية سريعة التغير، لتظهر كشريك فاعل لا غنى عنه يعكس صوت الحكمة والرشادة في منطقة تختلجها الصراعات والأزمات".
وأضاف: "ومع مرور الوقت، يتنامي الاعتراف بأن مصر استعادت دورها بقوة كمنارة للأمن والاستقرار، كما يتضاعف التقدير للجهود الرائدة التي تقوم بها مصر في مواجهة موجة الإرهاب المتزايدة، حيث تتصدر الصفوف الأمامية كما هي دوما في مواجهة هذه الظاهرة النكراء والأيديولوجية الخبيثة التي تغذي التطرف. وليست خطوط الاتصال المفتوحة واللقاءات المثمرة لمسئولين المصريين مع العديد من القادة في أنحاء العالم إلا ترجمة واقعية لدور مصر المتزايد على الساحتين الإقليمية والدولية. وعلى الجانب الاقتصادي تبدو الصورة أكثر وضوحا، حيث تتلقى الحكومة تقييمات مشجعة من المؤسسات المالية الدولية ووكالات الائتمان بشأن الإصلاحات الهيكلية غير المسبوقة التي تقوم بها، والتي تبشر بخير كبير للوضع الاقتصادي علي المدي الطويل".
وأوضح: "ولكن - في خضم كل هذا - يبدو أن ما سبق لا يلقي قبولا لدي بعض دوائر الإعلام الغربي، التي عادة ما ترسم صورة قاتمة لمصر ودورها في المنطقة، مفضلين التركيز على مزاعم التجاوز أو التقصير، حتى مع عدم وجود أدلة دامغة تثبت تلك الادعاءات".
وتابع:«ففي الآونة الأخيرة، نشرت صحيفة «الجارديان» افتتاحية أشارت فيها إلى فيلم وثائقي ملفق عن الجيش المصري، دون محاولة التحقق من صحته، رغم أن النظرة المعمقة لمحتوي الفيلم، وسلوك من ظهروا به، فضلا عما يرتدوه من زي، إنما تكشف بما لا يدع مجالا للشك بأنه فيلم لا يمت للواقع بصلة.
ويبدو أن محرر الفيلم ليس علي دراية بالتقليد الراسخ داخل الجيش المصري بعدم إطلاق الضباط والجنود لحاهم! ! مثال آخر لما سبق، هو المقال الأخير للكاتب «روبرت فيسك» في جريدة «الاندبندنت»، حين أشار إلي ذات الفيديو السابق، ليس فقط لدعم مقولات مغلوطة بشأن الجيش المصري والوضع في سيناء، ولكن لعقد مقارنات خاطئة مع بلدان أخرى، في تجاهل تام للجهود البطولية المبذولة في المعركة الطويلة والشرسة ضد الإرهابيين، والذي هم محاصرون الآن في منطقة نائية وصغيرة في شمال سيناء».
واستطرد: "والأدهي من كل ذلك، فقد التزمت وسائل الإعلام الأجنبية الصمت تجاه فيلم وثائقي آخر أنتجه مسلحون إسلاميون، وتمت إذاعته على قناة الجزيرة التلفزيونية في وقت سابق من هذا الشهر، يُظهر إطلاق النار على ضباط الجيش المصري من جانب قناصة إرهابيين. ولكن يبدو أن وسائل الإعلام تلك لا تري حاجة لتناول فيلم وثائقي قد يثير التعاطف مع الجيش المصري، أو يبرز السياسة التحريضية علي الإرهاب وتمجيده لدي تلك الوسائل الإعلامية!!".
وتسائل: "ويتساءل المرء لماذا تصر بعض وسائل الإعلام علي اتباع هذا النهج المغرض في تناول الشأن المصري، في الوقت الذي يتم فيه تجاهل الكثير من التجاوزات في مناطق أخري من العالم. وعلي الرغم من أنه لا يمكن إنكار التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، إلا أنه من الأهمية بمكان أن نرى الصورة كاملة، لتفهم ما تحمله اللحظة الراهنة من فرص هائلة لمستقبل أفضل. فنحن نسير قدما لاستثمار هذه الفرص، ومع ذلك، تفضل بعض وسائل الإعلام تكثيف الانتقادات للحكومة المصرية لتبرير افتراضاتهم المريبة، حتى لو اُضطروا إلى انتزاع الأمور من سياقها".
وتابع: "إن من شأن أي تغطية إيجابية عن مصر أن تكشف زيف ما يتم تقديمه من ادعاءات وافتراءات لا أساس لها من الصحة. فعلي سبيل المثال، لم تحظ مؤتمرات الشباب، التي تنعقد بشكل منتظم برعاية الرئيس، إلا بتغطية إعلامية ضئيلة. ويبدو أن المناخ السياسي المفتوح والحوار الشفاف الذي شهدته تلك المؤتمرات لا يتوافق مع الخطاب السلبي الذي تحاول بعض المنابر الإعلامية إبرازه. وثمة نماذج أخرى، منها حالة المجتمع المدني في مصر، حيث يوجد ما يقرب من خمسين ألف منظمة غير حكومية تعمل بحرية تامة، وهو ما لا يحظي بأي إشارة في الإعلام الأجنبي الذي يكتفي بالاستشهاد بحالات المنظمات غير القانونية التي لا تمتثل للقانون المصري. كما أن سلسلة قرارات العفو الرئاسي التي صدرت لإطلاق سراح السجناء من الشباب تتعارض مع الانتقادات المتزايدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان".
وأكمل: "من الناحية الاقتصادية، تثير بعض الأروقة الإعلامية شكوكا حول المسار المصري في الإصلاح الاقتصادي، في تجاهل صارخ للاعتراف الدولي الواسع بسلامة هذا المسار، والإشادة التي تلقتها الحكومة من كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن الخطوات والإصلاحات المتخذة لمعالجة اختلالات الاقتصاد الكلي للدولة. والواقع أن الدعم الشعبي الواسع لهذه الإصلاحات إنما هو مثال آخر على صلابة المصريين في مواجهة التحديات، حيث التف الشعب حول قيادته واثقا في قدرة هذه القيادة على توجيه دفة الاقتصاد في هذه الأوقات العصيبة".
وتابع: "إن القوالب النمطية عن "مصر التي تتدهور حالتها" دائما ما تطفو إلي السطح تزامنا مع أي مظهر من مظاهر النجاح في البلاد. ويبدو أن هذا الأمر ليس إلا جزءا من حملة تشويه للتجربة المصرية بشكل يعكس تحيزا ضد مصر، وهو منهج لا يبتعد عن المنطقية والعقل فحسب، بل يفتئت علي ذكاء قراء ومتابعي هذه المنابر الإعلامية".
وختم: "أخيرا، نؤكد علي أنه لا يوجد شخص فوق الانتقاد، حيث يعي كل مصري جيدا ما تواجهه البلاد في هذا الظرف الدقيق. إلا أننا نتطلع إلي نقد يلقي الضوء علي التحديات التي تمر بها البلاد، تلك التحديات ذات التكلفة السياسية والاقتصادية المرتفعة. إن مصر وشعبها في حاجة إلى تحليل موضوعي ذي مصداقية يعود بالنفع علي المجتمع، وهو يمضي بخطوات متفائلة نحو إعادة بناء دولته الديمقراطية التي تستوعب الجميع وتنظر إلي المستقبل".