القاهرة تقطع يد الدوحة في ليبيا.. وتنهي سنوات الهجر والخصام بين «حفتر» و «السراج»

الخميس، 04 مايو 2017 11:50 م
القاهرة تقطع يد الدوحة في ليبيا.. وتنهي سنوات الهجر والخصام بين «حفتر» و «السراج»
حفتر والسراج
كتب- محمود علي

بعد أعوام من الجهود المصرية في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبين لوضع حد للأزمة المتفاقمة والصراع المحتدم منذ سقوط الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، توصل الفرقاء أول أمس إلى اتفاق بين رئيس حكومة الوفاق الليبية  فائز السراج، والقائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر خلال لقاء جمعهما في أبو ظبي، فماذا دار من كواليس خلال هذا اللقاء وماذا حدث قبله وما مستقبل ليبيا بعده ومن الدول التي كانت لها الفضل في التوصل إلى الاتفاق؟

قبل الاتفاق؟

حاولت القاهرة خلال الشهور الماضية، درء الخلافات بين حكومة الوفاق التي تم تشكيلها برعاية أممية ويعترف بها المجتمع الدولي، والبرلمان الليبي في طبرق وما ينبثق عنه من جيش ليبي، حيث استضافت الكثير من جولات الوساطة بين الأطراف الليبية المتنازعة، فبعد تشكيل لجنة خاصة بالأزمة الليبية ترأسها رئيس أركان الجيش الفريق محمود حجازي، عقدت مصر أكثر من اجتماع مع أطراف ليبية عدة لمحاولة تقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل.

16601671_996727247124924_7935338004560616065_o-1170x380

 

وبعد توقيع اتفاق الصخيرات وتحديدا في 17 ديسمبر 2015، كان لمصر بحكم الجوار، جولات من الوساطة حيث نجحت القاهرة في عقد أول لقاء بين حفتر والسراج شرقي ليبيا، في يناير من عام 2016 بحسب بيان صادر عن مكتب السراج، ولكن ما لبثت أن اشتدد الانقسام بين الجانبين على خلفية ضغوط داخلية وخاصة من جماعة الإخوان وخارجية من قطر وتركيا على السراج بعدم الاعتراف بحفتر كقائد عام للجيش الليبي والتمسك بالمادة الثامنة في «الصخيرات» والتي قد تقصيه من منصبه، الأمر الذي رفضه البرلمان الليبي وقيادة الجيش الليبي مطالبين بإدخال تعديلات عليه، مؤكدين ابتعاد القوات المسلحة عن أي تفاهمات سياسية.

و عقدت اللجنة المصرية المختصة بالأزمة الليبية في القاهرة خلال الشهور الماضية شملت رئيس مجلس النواب عقيلة، ورئيس المجلس الرئاسي فايز سراج، والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، وأعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة، وممثلي أعيان وقبائل ليبيا، وممثلي المجتمع المدني، والإعلاميين والمثقفين الليبيين من كافة المناطق الليبية، وفي فبراير الماضي توجت الجهود المصرية بجمع حفتر والسراج في القاهرة لعقد لقاء، إلا أنه لم ينجح بعدما تمسك الجانبين بمواقفهم، لكن القاهرة بنت علي موقفهما الكثير من النتائج التي أشارت إلى قرب حلحة الأزمة والتوافق بينهما.

شكل الاتفاق

بحسب المصادر الليبية، فإن مسودة الاتفاق التي حصلت عليها «صوت الأمة»، ووقع عليها  السراج وحفتر شملت عدة نقاط أبرزها، توحيد الجيش الليبي وعمله تحت السلطة المتمثلة في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.

مسودة الاتفاق بين السراج وحفتر
مسودة الاتفاق بين السراج وحفتر

وكذلك توحيد الجهود لمحاربة الارهاب بجميع أشكاله على كامل التراب الليبي، وتعديل التشكيلة الوزارية بما يضمن تمثيل كفة الأطرف، التأكيد على وحدة ليبيا ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها، المصالحة الوطنية وعودة المهاجرين، وتشكيل فريق عمل مشترك وفتح قنوات حوار جديدة للتنسيق والمتابعة.

كما نصت المسودة على التعجيل بالاستفتاء على الدستور والدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة في أجل أقصاه 2018، على أن تتفعل المسودة فور التوقيع عليها من طرف المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، وتقول مسودة الاتفاق، إن بنودها لا تتعارض مع الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات المغربية.

ماذا يعني الاتفاق بين السراج وحفتر؟

يعني الاتفاق بين أقوى طرفين في المعادلة الليبية متمثلين في حكومة الوفاق والجيش الليبي المنبثق عن البرلمان برعاية مصرية إماراتية، وتحريك غربي بواسطة إيطاليا التي يستقي أغلب الدول الأوربية المعلومات عن ليبيا منها، لما لها من ثقل ودور قوى في الملف الليبي، انفراجة كبيرة وقرب حل للأزمة إذ اجتمعت الدول الفاعلة الإقليمية والدولية الفاعلة على ضرورة حل الأزمة لما لها من تأثير سلبي على المنطقة والهجرة غير الشرعية، وهو ما ذكرته صحيفة الجارديان في عددها أمس حيث قالت إن للرئيس السيسي دور حاسم فى عملية المصالحة من البداية إلى جانب كلا من إيطاليا والإمارات العربية المتحدة.

وينظر الليبيون للقاء وما نتج عنه من اتفاق بإيجابية واسعة، لاسيما وأنه أخرج من المعادلة بما لا يدع مجالًا للشك الدول الراعية للجماعات المسلحة في ليبيا بما فيها قطر وتركيا، وفوت عليهم فرصة تقسيم البلاد، حيث لطالما ضغطت هاتين الدولتين لمشاركة الميلشيات المسلحة وجماعة الإخوان في أي اتفاق، كما دعمت جماعات ليبية متشددة منافسة للجيش الليبي بعد محاولتها الفاشلة في انضمام مسلحين منتمين لعملية فجر له، وهو ما رفضه حفتر والبرلمان، وهو ما يبرر عدم ترحيبهم بالاتفاق الأخير.

فيما أعربت دول العالم عن دعمها لهذا الاتفاق، حيث  رحبت فرنسا عبر خارجيتها باللقاء الذي جمع بين حفتر والسراج  معربة عن دعم فرنسا لجميع المبادرات الرامية إلى تعزيز الحوار بين مختلف الأطراف في ليبيا، كما  أعلن مبعوث الأمم المتحدة رئيس بعثتها للدعم في ليبيا، مارتن كوبلر، عن ترحيبه باللقاء، كما رحبت وزارة الخارجية الروسية باستعداد مجلس النواب والقيادة العامة للجيش الليبي والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ومجلس الدولة الانخراط في حوار بناء يهدف للخروج بحل سياسي للأزمة الليبية.

كما رحبت إيطاليا  باللقاء الذي عقد  في الإمارات وبالآثار المترتبة «باعتباره تطورا إيجابيا نحو حل الأزمة في ليبيا»، وقال وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو لفان، إن لقاء السراج وحفتر في أبو ظبي كان «مشجعا»، مشيرا إلى أن الدبلوماسية الايطالية لمست «أصداء إيجابية» على الساحة الليبية، عبر مصادر ليبية وإماراتية، وشددت على الحاجة للتركيز على «التعزيز المؤسسي للدولة» في ليبيا المبني على «توازن بين كل من الحكومة والبرلمان والقوات المسلحة».

ورحبت مصر باللقاء، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد في تصريح خاص لصحيفة «البيان» الإماراتية تعليقًا على اللقاء، إن «مصر ترحب بكافة الجهود الرامية لرأب الصدع السياسي في ليبيا، ودعم التوافق بين الأطراف الليبية من أجل تنفيذ اتفاق الصخيرات».

وأكد الناطق باسم الخارجية المصرية، أن مصر ستواصل جهودها من أجل دعم الحوار وتنفيذ الاتفاقات التي يتم التوصل إليها بين مختلف الأطراف الليبية من خلال التنسيق مع آلية دول جوار ليبيا والآلية الثلاثية مع كل من تونس والجزائر وكافة الأطراف الدولية والإقليمية ذات الصلة، وبما يضمن الحفاظ على وحدة واستقلال الأراضي الليبية ويسهم في إرساء الأمن والاستقرار في البلاد ويحقق تطلعات الشعب الليبي الشقيق.

ماذا بعد لقاء الإمارات؟

هناك تخوفات ليبية عدة من أن السراج سيواجه الكثير من الصعوبات الكبيرة في قدرته على إقناع القيادات الإسلامية في طرابلس عند عودته للعاصمة بالاتفاق مع حفتر، لاسيما وأن القوى المتشددة المعارضة للقائد العام بالجيش الليبي في طرابلس قد تقوم بمنعه من مزاولة عمله من هناك، وهو ما سيهدد باندلاع اشتباكات بين ميليشيات.

وقالت وسائل إعلامية ليبية، إن هناك اجتماعات لعدد من قيادات بعض من الكتائب المحسوبة على التيار المتشدد داخل مدينة مصراتة، وتركزت على تجهيز قوة الكتائب المسلحة للاستعداد للهجوم على القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني.

وبحسب بوابة إفريقيا الإخبارية- نقلًا عن مصادر لها، فإن هذه الكتائب المسلحة تحاول أن تكسب مواقع لها داخل مدينة طرابلس، لكن نفس المصادر أكدت أن القوات التابعة لحكومة الوفاق أعلنت حالة الاستنفار التام، للرد على أي هجوم محتمل، وأنها لن تسمح لهم بالعودة إلى العاصمة طرابلس، كما أعلنت هذه القوات مباركتها لأي خطوات تقوم بها حكومة الوفاق من اجل المصالحة الوطنية، في إشارة إلى الاتفاق بين السراج وحفتر.

ورغم كل هذه الصعوبات، إلا أن تأكيد القوات التابعة لحكومة الوفاق على الالتزام بالاتفاق السياسي ينظر له بإيجابية واسعة، ستنعكس على الأرض بحسب مصادر ليبية في التهدئة بالجنوب الليبي، ومعالجة انتشار التشكيلات المسلحة وتنظيم حمل السلاح، مضيفه في تصريحات لـ «صوت الأمة» أن لقاء مرتقب ثان يجمع حفتر والسراج في القاهرة قبل منتصف الشهر الجاري سيحدد النتائج النهائية للاتفاق وقد يكون من بينها إلغاء وزارة دفاع الوفاق وإبعاد الوزير المهدي البرغثي عن حقيبته.

موضوعات متعلقة:

ردود فعل إيجابية تجاه لقاء السراج وحفتر بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة