«صوت الأمة» في رحاب الوادي المقدس.. دير سانت كاترين أهم مقصد سياحي ديني وأقدس بقاع سيناء (صور)
الثلاثاء، 02 مايو 2017 07:39 م
في حضن جبل كاترين الصخري يقع دير سانت كاترين، محاطا بعدد من الأدراج من جهة اليمين وأشجار من الزيتون تواجه مبناه الرئيسي وكأنها رسول سلام إلى العالم بأن هنا تلتقي الأرواح الصافية والقلوب الخالية من أدران وأهواء الحياة.
بوابة وحيدة ضيقة على شكل قوس بعرض لا يتعدى 80 سم وبارتفاع نحو متر ونصف تبدأ بممر ضيق تتصل بنهايتها بباحة صغيرة لبهو صغير على اليسار ومكتبة ضيقة إلى جهة اليمين، ومن جديد تبدأ بوابة أكثر اتساعا تطل على الجزء الثاني من الدير.
من داخله تفوح رائحة البخور وفي كافة جنباته مشاهد تاريخية ودينية عتيقة، ومئات الزائرين من كل حدب وصوب يتجولون ويستمعون لمعلومات حول تاريخ وجغرافية الدير الذي يعد أهم المزارات السياحية الواقعة قرب المقاصد السياحية في دهب ونويبع وطابا وشرم الشيخ.
لا يميز دير سانت كاترين، الذي تعرضت نقطة تأمينه لهجوم إرهابي، قبل أسبوع ، كونه واحدة من أقدس البقاع في محافظة جنوب سيناء، بل وفي مصر كلها، ولكن لكونه يعد أقدم دير مسيحي في العالم.
يقع دير سانت كاترين بمحيط جبل موسى، وجبل الرؤية، وهي المنطقة التي تجلى فيها المولى تعالى، إلى سيدنا موسى، عليه السلام.
وحسب الرواية التاريخية، أن الدير بني بناء على أمر الإمبراطورة هيلين، والدة الإمبراطور قسطنطين، ولكن الإمبراطور جستنيان هو من قام فعليا ببناء الدير، في عام 545م ليحوي رفات القديسة كاترين التي كانت تعيش في الإسكندرية.
وحسب مصادر من قبيلة الجبالية بسانت كاترين أن «دير سانت كاترين» يخضع لسلطة رهبان وكهنة من اليونان، وليس رهبان وكهنة الكنيسة القبطية المصرية، وظل الدير لسنوات طويلة تحت وصاية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
وأشارت المصادر إلى أنه عقب انهيار الامبراطورية البيزنطية في القرن الخامس عشر الميلادي، أعلن القياصرة الروس انفسهم رعاة رئيسيين للدين الارثوذكسي المسيحي.
وأضافت: تحول دير سانت كاترين إلى عنايتهم الخاصة، حتى أعلنت روسيا عام 1689 رسميا رعايتها للدير، حيث تعد كاترين إحدى القديسات الأكثر إجلالا في روسيا، كما أن وسام القديسة كاترين كان أعلى وسام يقلد للنساء الروسيات قبل عام 1917.
وتشير المصادر إلى أن الدير يحتوي على كنيسة تاريخية بها هدايا قديمة من ملوك وأمراء العالم، منها ثريات من الفضة وبه بئر يقولون يقال إنه بئر موسى.
وتوجد داخل الدير شجرة يقال إنها «شجرة سيدنا موسى»، التي اشتعلت بها النيران فاهتدى إليها سيدنا موسى ليكلم ربه، وفقا لما ورد في الكتب الدينية المقدسة، وفي القرآن الكريم فإن الدير يقع في «الوادي المقدس طوى».
ويعد دير سانت كاترين بمثابة قطعة من الفن التاريخي، فهناك الفسيفساء العربية والأيقونات الروسية واليونانية واللوحات الجدارية الزيتية والنقش على الشمع وغيره، كما يحتوي الدير على مكتبة للمخطوطات يقال إنها ثاني أكبر مكتبات المخطوطات بعد الفاتيكان.
وبالإضافة لرفات القديسة كاترين، توجد بالدير «معضمة» تحوي رفات جميع الرهبان الذين عاشوا في الدير، ويسمح للسياح بزيارة الدير من الصباح الباكر وحتى الظهر.
ويغلق الدير أبوابه أمام الزوار ليتفرغ الرهبان لواجباتهم الدينية، ويلتزم جميع السياح بالاحتشام في الملبس عند دخول الدير، وتتوفر هناك أثواب فضفاضة يرتديها الزوار قبل دخول الدير.
كان المدخل الوحيد للدير عبارة عن باب صغير على ارتفاع 30 قدما، وصمم لحماية الدير من الغرباء والدخلاء، حيث كان يتم رفع زوار الدير من خلال صندوق يحركه نظام من الروافع والبكرات، أما الآن فهناك باب صغير أسفل سور الدير.
ويوجد هناك مسجدا صغيرا، قام الحاكم بأمر الله، أحد حكام مصر في العصر الفاطمي، ببنائه داخل الدير لحمايته من الهجمات التي كان يتعرض لها من وقت لآخر.
ويمثل دير سانت كاترين أهمية كبيرة بالنسبة لأهالي سانت كاترين وخاصة قبيلة «الجبالية»، حيث يتولى شباب القبيلة تأمين الدير من الداخل، لجانب توفير خدمات الطعام والشراب والخدمات اللوجستيه.
ويمثل الدير بالنسبة لأبناء قبيلة «الجبالية» أكثر من موقع عمل، واكتسبوا من خلال تواجدهم بالدير عدة لغات ومنها الانجليزية واليونانية، ويحرصون على أمنه وحمايته لكون احد أهم رموز مدينتهم التي تشتهر بالسياحة والمقاصد الدينية المقدسة.
بساحة الدير ينتشر عدد من أبناء بدو سانت كاترين بجمالهم المزركشة بالمشغولات التراثية البدوية ، لخدمة زوار الدير ومحبي وهواة سياحة السفاري على ظهر الجمال ، أو الجولات القصيرة حول الدير بأجور مناسبة.
ويشهد الدير مناسبات اجتماعية تجمع بين رهبانه وأبناء قبائل سانت كاترين ورجال الجيش والشرطة وخاصة على مائدة شهر رمضان المبارك التي يعدها الدير تكريما لأهالي المدينة وتعزيزا للوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.
فيما تشهد البوابة الرئيسية التي تعرف باسم بوابة «السلسلة» عدة محلات «بازارات» لبيع الملابس والأزياء البدوية التراثية والمشغولات الأخرى كالمطرزات من حقائب اليد والمباخر والإكسسوارات والأثواب المصنعة بأيدي شباب وفتيات بدو سانت كاترين.