شيخ الحارة
الأحد، 30 أبريل 2017 07:32 موليد كامل
ولأن حياتنا ما هى إلا عبارة عن حزمة صراعات، فهو ينتقل بنا من صراع إلى صراع.. يبحر فى تفاصيل الحارة المصرية بكل خصائصها.. ويسبح فى أزقة الغورية والمغربلين والأزهر والحسين.. نشعر وكأننا نشاهد أمامنا المآذن العالية الشامخة والمساجد التاريخية الشاهدة على تاريخنا وحضارتنا.. وكأننا نمر أمام بيت الغورى وبيت زينب خاتون وبيت السحيمى.. كأنك ترى سبيل الوالى خسرو باشا وسبيل سليمان أغا وكل الأسبلة الأثرية التى يكتظ بها شارع المعز وكل المناطق التاريخية العتيقة.. كل هذا وأكثر نسترجعه معه.. إنه عبق التاريخ.
ثم يغوص فى أعماق شخوص هذه الحوارى الفقيرة.. ليستخرج لنا مكنونات تلك الشخوص بكل ما فيها من صراعات وتناقضات.. صراع على الجاه والمنصب والثروة والميراث.. حتى الصراع على لقمة العيش البسيطة.. ويظل الخير والشر هما محور كل صراع.
ومن خلال نافذته «الأرابيسك» ترى الإنسان المصرى.. مجسدا فى حسن النعمانى بكل أصالته وشممه وكبريائه وعزة نفسه.. وفى صراع عائلى آخر نتذوق معه طعم «الشهد والدموع».. ويبلغ الصراع أشده عندما نشد معه الرحال فى «رحلة أبو العلا البشرى» فى محاولة لإعلاء القيم النبيلة على أطماع النفس البشرية.. ثم ينتقل بنا فى صراع طبقى بين ترف وارستقراطية جاردن سيتى وعراقة وأصالة «ليالى الحلمية».. ثم نشتم معه رائحة البحر فى حوارى الإسكندرية وليالى المنشدين فى «زيزينيا».. ثم ينكأ على جراحنا بشدة ليخرج منها تقيحات عصور وأزمنة فاتت.. تركت وراءها آثارا لم تندمل.. خلفت أجيالا تخلفت بفضل منظومة تعليمية بالية.. ولكن يبقى «ضمير أبله حكمت» يقظا فى مواجهة تلك المنظومة المهترئة، ثم يستمر الصراع ولا يتوقف.. بين نور العلم وظلام الجهل.. ولكنه لا يستسلم ولا يرفع «الراية البيضا» حتى يحافظ على القيمة التاريخية لفيللا د.مفيد أبو الغار..
إنه قطرة من غيث شيخ الحارة المصرية
الرائع الراحل أسامة أنور عكاشة
محاسب