عقوبة «المدرسون المتحرشون» غير كافية.. إحالتهم إلى التأديب «لا تسمن ولا تغن من جوع»
الجمعة، 28 أبريل 2017 07:04 مكتبت : هبة جعفر
«قم للمعلم ووفه التبجيلا كاد المعلم يكون رسولا»، إلا أن هذا المعلم لم يعد رسولا ينشر العلم والفكر والثقافة فتحول إلى ذئب بشري ينشر الرذيلة ويحرض على الفسق والفجور فلا يمر يوم دون حدوث جريمة التحرش أو الاعتداء على الأطفال وانتهاك برائتهم على أيدي رسل العلم، فلم تعد الأمهات تأمن على أطفالهم داخل جدران محراب العلم الذي كان في الماضي له قدسية خاصة ليتحول بعد أصحاب النفوس المريضة إلى مكان لنشر الإنحلال والتحرش واستغلال الأطفال وهتك أعراضهم.
الأزمة لم تعد في تكرار حالات التحرش الجنسي للأطفال بالمدارس، ولكن الأزمة الحقيقة تكمن في العقوبة الموقعة على مرتكبي جريمة التحرش التي تنتهي بإحالتهم للنيابة الإدارية التي تحيلهم للمحكمة التأديبية لتوقيع الجزاء عليهم والذي يقتصر على توقيع عقوبة الخصم أو اللوم أو التنبية أو في بعض الأحيان توقيع عقوبة الفصل، الأمر الذي لا يردع هؤلاء لمنع تكرار الواقعة مرة آخرى.
وكشف تحقيقات النيابة الإدارية في واقعة تقشعر لها الأبدان بعد أن استغل مدرس أزهري انعدم من داخل الرحمة ولم يدخل الوزاع الديني قلبه، وفاة رب الأسرة وأنها تعيش بمفردها هي وصغيرها ليبدأ في التقرب إليها مستغلا حالة الحرمان العاطفي التي تعيشها لينسج خيوطه عليها لتقع في فخ الخطيئة وتبدأ معه رحلة السقوط لتفاجأ بحملها.
فتحت السيدة «هـ. ع. ع»، ربة منزل، منزلها لمدرس صغيرها «ع. خ. ا»، الطالب بالصف الأول الإعدادي بمعهد أزهري بالعاشر من رمضان بعد أمنت له فهو من يعلم نجلها أصول الدين واللغة العربية ليبدأ المدرس باغتصابها لتفاجأ بعد تكرار المعاشرة أثناء إعطاء طفلها الدروس لتبدأ أعراض الحمل في الظهور وأن أمرهما سينكشف وينفضح بعد أن تنصل منها المدرس بكل سهولة رافضا الاعتراف بالطفل لتهرع على الفور لقسم الشرطة وتقدم بلاغا ضده وكذلك بلاغا في إدارة العاشر من رمضان التعليمية لإحالته للتحقيق ونتج لتجبره على الزواج منها منعا للحبس، ولكن النيابة الإدارية أحالته للمحاكمة التأديبية مع التوصية بفصله من العمل.
وباشر التحقيقات المستشار طارق ربيع، الوكيل العام لنيابة العاشر من رمضان، التي كشفت عن تعدد اللقاءات التي جمعت بين المدرس وربه المنزل خلال إعطاء طفلها الدروس الخصوصية للتحول علاقة العمل إلى علاقة حب بينهما، واعترفا الاثنين بهذه العلاقة التي اسفرت عن حملها وأزواجهما خوفا من الفضيحة.
ومن الوقائع الأخرى التي شهدتها الشرقية قيام عامل بالمدرس بالتحرش بالأطفال وملامسة أجزاء من أجسادهن وبعد تكرار الواقعة مع بعض الفتيات قامت بإبلاغ أهلهن الذين توجهن إلى المدرسة وقاموا بضرب العامل بـ«الشباشب» لاعتدائه على الأطفال وإدارة المدرسة لم تتحرك ليتم إحالته إلى النيابة الإدارية للتحقيق معه في تلك الوقائع والتحقيق مع الأطفال.
كما اعتدى مدرس ابتدائي بمغاغة على تلميذة عمرها 9 أعوام، وحاول تجريدها من ملابسها وتقبيلها، أثناء تلقيها درس خصوصي بمنزله.
فقد شعرت الأمر برفض طفلتها دخول الدرس والخوف الشديد من المدرسة وهو الأمر الذي فسرته في البداية بأن المدرس يعاقبها لعدم الاستذكار ولكن مع تكرار إصرار الطفلة على عدم الذهاب للدرس في كل مرة وبكائها والتوسل لوالدتها لتعلم الأم الكارثة فالمدرس دائم الاعتداء والتحرش بطفلتها أثناء إعطائها الدرس وبداخل حجرة منزله لتستشيط الأم غضبا ووتوجه إلى قسم الشرطة لتبلغ عن المدرس ليتم ضبطها ولكنه ينكر ما نسب إليه، وأرجع اتهامه لتعنيفه التلميذة لسرقتها بعض الأدوات المدرسية الخاصة به، أثناء حضورها درس خصوصي بمنزله بالتحري حول الواقعة وظروفها وملابساتها، وأن المدرس دائم التحرش بالأطفال أثناء إعطائهن الدرس بمنزله وتولت النيابة العامة التحقيقات، التي أمرت بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.
ومن الوقائع التى حققتها النيابة الإدارية وأحالتها إلى النيابة العامة قيام مدرس بإمبابة بتصوير 18 طالبة في أوضاع مخلة ومنافية للآداب وانتهت التحقيقات إلى ضرورة فصله من العمل لقيامه بأفعال اخلاقية لا تتناسب مع مهنته والرسالة المقدسة التي يقوم بها.
كما سبق وقضت المحكمة التأديبية بفصل مدرس لعرضه سيديهات إلكترونية تحتوي على مشاهد إباحية أمام الطالبات بمدرسة في السويس.
الغريب في قضايا التحرش بالمدارس أن المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ناشدت وزارة التربية والتعليم، في حكم لها بفصل مدرس من الخدمة عام 1989 لقيامه بالاعتداء الجنسى على طالبة، بفصل المدارس المشتركة، بحيث لا يتم تعيين مدرسين في مدارس البنات ولا يتم تعيين مدرسات في مدارس البنبن، غير أن القائمين على العملية التعليمية لم يأخذوا وقتها بالنصيحة القضائية، حتى استفحلت الظاهرة في وقتنا الحالي، وحدث ما حذرت منه المحكمة الإدارية العليا فأصبح قطاع التعليم يحتل المرتبة الأولى في جرائم التحرش الجنسي دون باقي القطاعات الحكومية.
وقال المستشار أحمد زرق، رئيس المركز الإعلامي للنيابة الإدارية، إن المدارس شهدت في الأونة الأخيرة انتشار التحرش الجنسي بشكل كبير وغير مسبوق وأن البلاغات التي تورد إلى النيابة في هذا الشأن يتم التحقيق فيها بشكل خاص لأنها تتضمن خطورة على المجتمع من ترك مثل هؤلاء الشياطين - على حد وصفه - داخل المدارس وفي حالة ثبوت الواقع يتم إحالتهم للمحكمة التأدييبية والمطالبة بتشديد أقصى عقوبهة عليهم.
وذكر رزق أن من أشهر الوقائع التي يتذكرها خلال عمله بالنيابة الإدارية للتعليم قيام مبعوث تابع لوزارة التربية والتعليم فى إنجلترا بارتكاب جريمة أخلاقية أثناء بعثته فتمت إعادته إلى مصر وتم التحقيق معه وأحيل إلى المحكمة التأديبية التي قررت خصم شهر من راتبه إلا أن النيابة الإدارية طعنت على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا وطالبت بتشديد الجزاء ليصل إلى الفصل.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل عقوبة الإحالة إلي المحكمة التأديبية والفصل من العمل كافية لردع هؤلاء الذئاب خاصة أن الفصل سلطة تقديرية للمحكمة كما أن قانون العاملين المدنيين نص على ألا يكون سبق فصله من الخدمة بقرار أو حكم تأديبي نهائي مالم تمض على صدوره أربع سنوات على الأقل، أي أن القانون منح للموظف بعد فصله حق العودة بعد مرور 4 سنوات على صدور القرار.