دراسة للقومى للتخطيط تطالب بخرائط للفقراء لنجاح برامج الدعم
الخميس، 27 أبريل 2017 01:00 ص
قالت دراسة عن المعهد القومى للتخطيط، إن تطوير منظومة الحماية الاجتماعية فى مصر أصبح ضرورة ملحة وخاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة التى يعانى منها المجتمع المصرى، لكن الدراسة شددت على أن برامج الحماية الاجتماعية بكافة أشكالها تعالج العَرَض وليس المرض، ولا تخرج الفقراء من تحت خط الفقر، مؤكدين على أن إخراج الفقراء خارج منطقة الفقر يحتاج إلى برامج تمكين للفقراء ودمجهم فى العملية الإنتاجية، بقدر ما تساعد فقط على التخفيف من وطأة الفقر من خلال مساعدة الأسر الفقيرة على تحمل جزء من تكاليف المعيشة المتزايدة بشكل مطرد.
وأشارت الدراسة، أن النجاح فى تنفيذ برنامج الحماية الاجتماعية كفيل بالقضاء على حالة الفقر المدقع فى مصر، حتى فى ظل شدة وعمق الفقر الذى يعانى منهما المجتمع المصرى، لكنه بحسب الدراسة يظل الواقع الفعلى يشير إلى صعوبة تحقيق هذا الهدف، حيث تظل قيمة التحويلات النقدية المحددة للحالات التى تنطبق عليها الشروط، ومدى ملاءمتها لتحسين الظروف المعيشية للفئات المستهدفة، محل جدل ونقاش واسع، فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك أسرة تنطبق عليها شروط برنامج تكافل ولديها ثلاثة أطفال فى مراحل التعليم المختلفة (ابتدائى وإعدادى وثانوى)، وإجمالى ما سوف تحصل عليه هذه الأسرة وفقاً لشروط البرنامج يبلغ نحو 565 جنيها شهريا، فى حين أن خط الفقر المدقع لهذه الأسرة قد يصل إلى أكثر من 1600 جنيه شهريا.
وأضافت الدراسة، إنه فى ظل معدلات التضخم غير المسبوقة التى صاحبت القرارات الاقتصادية الأخيرة بتحرير سعر صرف الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى، وما تلاها مباشرة من تحريك أسعار الوقود، والتى أدت إلى انخفاض كبير فى القوة الشرائية للعملة المحلية صاحبة ارتفاع فى مستويات الأسعار، فإن الأمر يستلزم إعادة النظر فى قيمة مخصصات الدعم النقدى لبرنامج تكافل وكرامة لتأخذ فى الاعتبار معدلات التضخم الحالية والمتوقعة.
وتساءلت الدراسة: "هل من الأجدى أن يتم التوسع بشكل رأسى من خلال التركيز على عدد محدد من الأسر والأفراد الذين يعانون من شدة الفقر، مع زيادة المخصصات الشهرية للحالات المستحقة لتتواءم مع ارتفاع تكاليف المعيشة، مما يساعد هذه الأسر على الخروج من براثن الفقر المدقع؟ أم استمرار التوسع الأفقى من خلال زيادة عدد الأسر المستفيدة مع ثبات المبالغ الشهرية المخصصة لهم، والتى تتضاءل قيمتها مع معدلات التضخم المتزايدة؟".
وأشارت الدراسة إلى أهمية وجود مؤشرات قياس واضحة لأثربرامج التكافل والكرامة، على مستوى معيشة الأسر الفقيرة، مؤكدة أن العبرة ليست بزيادة عدد المستفيدين بقدر ما هو مدى الاستفادة الحقيقة للأفراد والمجتمع من هذه البرامج، وخاصة فيما يتعلق بالحد من الفقر وتحسين مؤشرات الالتحاق بالتعليم والمؤشرات الصحية.
وأوضحت الدارسة أن القضية الأخرى الهامة فى ضمان وصول هذا الدعم النقدى إلى مستحقيه، وهو ما يرتبط بشكل كبير بوجود قاعدة بيانات حديثة ودقيقة وشاملة، ويتم مراجعتها وتحدثيها بصورة دورية، وتكون مبنية على خرائط الفقر وتوزيعه الجغرافى وخصائص الفقراء مما يساعد على تحديد الفئات المستهدفة، كما يرتبط أيضاً بهذه القضية، إحكام الرقابة على عمليات التنفيذ وما تتضمنه من اختيار الفئات المستهدفة وآليات صرف المستحقات المالية لها، وخاصة فى ضوء ما أثاره البعض عن حصول عدد من غير المستحقين على الدعم النقدى من برنامج تكافل وكرامة.
وأكدت الدراسة أنه البنك الدولى يساهم فى تمويل البرنامج بنحو 400 مليون دولار فى صورة قرض يتم منحه على ثلاث دفعات، وتتولى وزارة المالية تدبير باقى التمويل المطلوب، والذى بلغ فى عام 2016/2017 ما يقرب من 5.5 مليار جنيه، ساهم البنك الدولى فيها بنحو 1.4 مليار جنيه هى قيمة شريحة من القرض المخصص للبرنامج والجزء المتبقى والذى بلغ نحو 4.1 مليار جنيه تم تمويله من الموازنة العامة للدولة، ومن المتوقع أن تصل تكلفة البرنامج إلى نحو 6 مليار جنيه بنهاية العام الجارى.
وتساءلت الدراسة حول ضمان الاستمرار فى صرف الدعم النقدى بعد انتهاء فترة الثلاث سنوات المخصصة لتنفيذ البرنامج بعد الحصول على قيمة قرض البنك الدولى بالكامل، فهل ستتحمل ميزانية الدولة تكلفة البرنامج بالكامل وخاصة فى ظل التوسع المستهدف فى تغطية الأسر المستفيدة من البرنامج حيث من المتوقع أن تصل تكلفة البرنامج إلى ما يقرب من 10 مليار جنيه فى عام 17/2018 لتغطى نحو 1.7 مليون أسرة كما هو مستهدف، والتى حتماً سترتفع فى حالة زيادة الأسر المستهدفة فى السنوات التالية.
وأكدت الدراسة على ضرورة المواءمة والتكامل بين برامج الحماية الاجتماعية المختلفة التى تتبناها الحكومة وخاصة معاشات الضمان الاجتماعى وبرنامج الدعم النقدى تكافل وكرامة، من حيث شروط الاستحقاق والفئات المستهدفة فى كل منهما، وذلك بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من هذه البرامج وتحقيق الأهداف المنشودة منها، وغلق جميع المنافذ أمام حالات الفساد والرشاوى وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.
وحول شروط الاستحقاق المدرجة فى برنامج تكافل، والتى تلزم الأسر المستفيدة بانتظام أبنائها فى المراحل الدراسية المختلفة بنسبة 80%، وكذلك متابعة الحالة الصحية للأمهات والأطفال، شددت الدراسة على أنه من الضرورى إلزام الأسر المستفيدة من البرنامج بهذه الشروط يحتاج إلى منظومة متابعة على قدر كبير من الكفاءة والفاعلية، وأن تكون المتابعة بصفة دورية سنوية بحد أقصى وليس بعد ثلاث سنوات كما أعلنت وزارة التضامن الاجتماعى، كما تحتاج عملية المتابعة إلى تنسيق وتعاون مع الجهات المعنية وهى وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى ووزارة الصحة والسكان.