سببت صدمة لـ«وزير التعليم».. مناهج الصف الرابع الابتدائي تعتبر بلاد النوبة «خارج مصر».. ونهر النيل تحول فيها إلى بحيرة.. والأجهزة العضوية تحشو الكتاب
الجمعة، 21 أبريل 2017 03:23 مريم محمود
«أنا اتصدمت لما مسكت كتب رابعة ابتدائي.. مستحيل يكون طفل اللي يدرس الحاجات دي».. بهذه الكلمات عبر الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني عن حشو المناهج الدراسية التي تظل أزمة للطلاب وأولياء الأمور منذ سنوات طويلة، واعدا بتخفيف مناهج الابتدائية والإعدادية بنسبة 40%.
حصلت «صوت الأمة» على نسخ من كتب الصف الرابع الابتدائي لمعرفة ما تحتويه هذه المواد، ولا يقدر الطالب على استيعابها في خلال 3 أشهر للتيرم الواحد، وهذه المدة الزمنية التي يعتبرها أولياء الأمور غير مناسبة مع دراسة هذا الكم من الدروس، في البداية تصفحنا كتاب «الدراسات الاجتماعية» الذي يحتوي على كم هائل من الدروس في 72 صفحة.
تبين أن الكتاب يحتوي على 11 خريطة، بالإضافة إلى 11 درسًا ما بين موقع مصر، سطحه، أهميته، المناخ والنباتات، نمو السكان، المناخ والنبات الطبيعي، وأقاليم مصر القديمة، استقرار الإنسان في الوادي، عوامل قيام الحضارة المصرية القديمة، بالإضافة إلى وجود بعض المفاهيم الذي اعتبره أولياء الأمور غير مناسبة لفكر وسن الطلاب أبرزها في «زيادة الإطماع الاستعمارية فى السيطرة على موقع مصر على مر التاريخ»، كذلك مفاهيم الحدود السياسية.
لم تتوقف محتويات فقط على كمية هذه المفاهيم المعقدة، ولكن الأنشطة كذلك تعتبر حشو لا يفيد الطالب ففي الأنشطة يكون المطلوب التعريفات الصحيحة لـ«التعداد السكاني» والمحافظات الجاذبة والطاردة، أسباب خلو الصحاري والجبال من السكان والمشكلات الناتجة عن الزيادة السكانية.
أما في كتب العلوم تعتبر الأزمة الكبرى لطلاب الصف الرابع الابتدائي، حيث أكدت زهراء خالد أحد أولياء الأمور أن الطلاب في هذا الصف يدرسون لأول مرة مادة العلوم ويقومون بدراسة أجهزة الإنسان الهضمي والتنفسى بأكملها، بالاضافة إلى خلايا النباتات والحيوانات، والطاقة وأشكالها وآليات تحويلها، بالإضافة إلى بعض الدروس عن الكهرباء ومصادرها قائلة: «يعني كأنهم بيدرسوا أحياء وفيزياء».
وعن طبيعة الاسئلة خلال الامتحانات بمنهج مادة العلوم قالت زهراء في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، إنها تأتي بشكل معقد للغاية دون مراعاة أنه لأول مرة يتم تدريس العلوم للصف الرابع الإبتدائى، قائلة: «كثرة المنهج كمان مش بتدى فرصه للمدرس أنه يدربهم على أنواع الأسئلة.. الأسئلة جزء منها كمان غير مباشر».
أما عن منهج الرياضة فتتضمن مناهج الصف الرابع الابتدائى بعض الدروس المعقدة مثل (الكسور، العلامات العشرية، الاشكال الهندسية، والتحويلات)، قالت نها بسيوني أحد أولياء أمور طلاب الرابع الابتدائي، إن دروس التحويلات هي كارثة من كوارث منهج الصف الرابع الابتدائي، والتي تتضمن التحويل من اللتر إلى الميلي لتر والعكس، وكذلك السعة والأوزان والتحوين من الطن الى الكيلو جرام والعكس قائلة: «مشكلة التحويلات إنها كتير وقرروا يخلوا التحويلات كلها مرة واحدة علشان كدة كله بيدخل في بعضة عند الطالب الذي لا يتعدى عمره العشر سنوات».
على الجانب الآخر طالب ائتلاف أمهات مصر يطالب بتقليل الفجوة الكبيرة بين منهجى الصفين الثالث والرابع الإبتدائي في جميع المواد الدراسية، حيث إن هذه الفجوة تجعل الطالب يدخل في توهان ذهني لعدم الربط التسلسلي بين الصفين، ما يسبب له صدمة قد تؤثر في تقبل معلومات الصف الرابع بطريقة سلسة.
وقالت عبير أحمد رئيس ائتلاف أمهات مصر لـ«صوت الأمة»، إن هناك مادتين تتم دراستها لأول مرة ومنهما مادة العلوم التي تحتوي على تفاصيل دقيقة وشاملة لاتهم التلميذ في هذا السن الصغير. وأضافت أن مادة الدراسات الإجتماعية بها الكثير من الأحداث والأسماء الخاصة بالملوك وسيرتهم التي تحتاج إلى الحفظ ما يفقد الطالب اللذة والإنتماء الوطنى عند دراسة تاريخ بلده من الكم الرهيب المطالب بحفظه.
وأشارت إلى أن مادة اللغة العربية تلحق بها قصة لأول مرة وكأنها كتاب منفرد مع المطالبة أيضاً بكتابة موضوع تعبير لم يسبق وأن تدرب عليه من قبل.
وفجرت عبير مفاجآت تم استقبلها من أولياء الامور من قبل والتى تحتوى على كم من الأخطاء في كتب الوزارة والتي لم تتم مراجعتها جيدًا ما يؤثر بالسلب على مستقبل التعليم في مصر، قائلة: «على سبيل المثال خريطة مصر الموجودة فى مادة الدراسات الإجتماعية بالصفحة 66 من كتاب التدريبات بالفصل الدراسي الثاني والتى بها الكثير من الأماكن الخاطئة مؤكدة أن معالم الخريطة جميعها خاطئة، ففى النقطة الأولى بالخريطة مكتوب خليج وهو في الأصل نهر النيل، وفي النقطة الثالثة مكتوب بحيرة، وهي الأصل صحراء غربية، أما في النقطة الرابعة مكتوب دولة وهي الأصل بحيرة ناصر».
وعلى الرغم من أن بلاد النوبة بلاد داخلية لمصر الى أن في مادة الدراسات الإجتماعية بالفصل الدراسي الثاني داخل مناهج الصف الرابع الابتدائي، تعتبر النوبة من الدول الخارجية بدليل أحد فقرات الكتاب التي تقول: «وما كانت ترسلة مصر من بعثات تجارية إلى دول الخارج وأن من ضمن هذه الدول النوبة».
وطالب الائتلاف بضرورة وضع مناهج تلائم سن الطالب، وتحث روح الانتماء والولاء لوطنه بالإضافة إلى مناهج تعزز القيم والاخلاق وتتناسب مع المدة الزمنية للترم.
فى سياق متصل كشفت منى أبو غالي، أدمن حملة التعليم أمن قومى عن كمية الشكاوي المتعدده التي تستقبلها الحملة من أولياء أمور طلاب الصف الرابع الابتدائي، بسبب حشو المناهج وصعوبتها قائلة: «كيف لطالب صف ثالث أبتدائي لم يتعرف من قبل علي العلوم والدراسات يدخل رابعه ابتدائي يلاقي الكم الهايل من الاجهزه العضويه بكل تفاصيلها وكمية سهول وجبال وخرائط وكان الطالب سيلتحق بالجامعه بعد الصف الرابع».
وقالت أبو غالي أنها تتمني من قيادات وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أن يفهموا أن طلاب الصف الرابع الابتدائي، ما زالو اطفال يلعبو ويلهوا ويجب استثمار عقولهم وليس حشوهم وفقد معالم طفولتهم وتخريج جيل لا يفقه شيء سواء الحفظ والتلقين.
وأقترحت إستبدال الاجزاء الصعبة بأنشطة مبسطة على شكل أعمال يدويه يقوم بها الطالب لتهيء له بعد ذلك ما سيدرسه من مواد اخري مثل العلوم والدراسات بالاضافة الى الابتعاد عن الحشو الزائد الذي يضر بالعملية التعليمية نفسها موجهة رسالة الى وزارة التربية والتعليم قائلة: «ارحموا طفولة اجيال كرهت ان تتعلم بمثل هذه المناهج.. فكل الشكاوي من ثقل المناهج وكمية الدروس وصعوبتها وليس هناك مدرسين علي قدر كبير من احتواء الطلبة».