الملك فاروق كان «ضايع» والسادات خادم أمريكا ولميس جابر زوّرت التاريخ

الثلاثاء، 18 أبريل 2017 04:53 م
الملك فاروق كان «ضايع» والسادات خادم أمريكا ولميس جابر زوّرت التاريخ
الرئيس الراحل السادات
سحر حسن حاورت صنع الله إبراهيم:

عرفناه ثائراً، متمرداً على القهر والظلم والقمع فى كافة العصور، لا يزال يعيش على أطلال الزمن الجميل بين رواياته وترجماته وذكرياته، من فن وأدب وشعر وسياسة، جدران بيته البسيط فى أثاثه الغزير فى ثقافته، شاهدة على أجمل إطلالة لرموز الفن فى زمن الحب الجميل، صلاح جاهين وفريد الأطرش وكاريوكا وغيرهم. 
 
هو المبدع الكبير صنع الله إبراهيم، الذى رفض جائزة الدولة فى عصر مبارك عام 2003، لرفضه سياسته البوليسية القمعية.
 
كانت آراؤه الثورية فى نقد الأنظمة السياسية سببًا فى اعتقاله لمدة سبع سنوات فى زمن عبدالناصر، إلا أن ذلك لم يمنعه من إنصاف الرئيس الراحل، بعد أن قال إن الدولة توقفت عن تطورها مع آخر نفس فى عمر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، يؤمن كاتبنا الكبير، الذى التقيناه فى حوار خاص بأن دولة بلا معارضة حياة بلا روح، مشيراً إلى أن ضعف اليسار جزء من الشأن العام فى الدولة، من داخل صومعته خصنا الروائى الكبير صنع الله إبراهيم.. بالسطور المقبلة. 

رفضت جائزة مبارك عام 2003، فماذا عن موقفك لو رشحت لنفس الجائزة مرة أخرى؟
- جوائز  الدولة مسيسة على مدى العصور، لاستقطاب بعض المثقفين المرضى عنهم واستمالتهم لدعم اتجاهات الدولة، ولذلك فالجوائز تمنح دائمًا لمن لا يستحقها بالإضافة إلى الأهواء الشخصية لأعضاء اللجان فى اختيار صاحب الجائزة، ولو رشحت لها مرة أخرى بكل تأكيد سأرفضها أيضاً، لأن الظروف بشكل عام أسوأ من الماضى بسبب تبعية الدولة للغرب، وإصرارها على اتباع سياسة معادية للمستقبل تعمل على تدمير حياة الأجيال القادمة، من خلال نزيف القروض والارتباطات التى تعقد مع أعداء الوطن ومن ثم عضوية مصر فى حلف الأطلنطى المتهم بقتل آلاف الشهداء على مر التاريخ.

ماذا عن خصائص المثقفين المرضِى عنهم من الدولة من وجهة نظرك؟
- لا بد أن يكون قلمه سيالًا ومنتشرًا فى جميع الجرائد لكى يستطيع التأثير على الغالبية العظمى من المواطنين، كما أنه يتكلم فى كل شىء، رغم عدم فهمه فى أى شىء ومن ثم يطلقون عليه جميع الألقاب ومنهم خبير  واستراتيجى ودكتور وباحث ومفكر، نظراً لامتلاكه مقومات اللف والدوران، فى كل الأمور وليس لديه مبدأ فى تغيير كلماته ومواقفه بما يتوافق مع مصالحه الشخصية (المتلونون والمقتربون) ومنهم أنيس منصور الذى عاش يتلون لأكثر من مرة، ففى حياة عبدالناصر مجّده حتى أنه كاد أن ينتحر عند وفاته، ثم انقلب عليه ليحظى برضا السلطة، فادعى واختلق عليه الأكاذيب للتشكيك فى ذمته وتشويهه بعد وفاته. 

انتقادك  للأنظمة السياسية فى مختلف العصور كان سببًا فى اعتقالك، فماذا عن تقييمك لحكام مصر منذ عصر الملك فاروق؟
- الملك فاروق بشهادة كل من عاصره وكتب عنه «رجل جاهل وفاسق وضايع» بسبب ظروفه الأسرية وفساد اللحظات الأخيرة فى ترهل وكهولة نظام الملكية والشعب المصرى، بعيدًا عن مجموعة الإقطاعيين وأصحاب رؤوس الأموال وأعضاء البنوك والأجانب، والشعب كان حافيًا ومن ثم كان شعار الحركة الوطنية الجلاء بالدماء ومقاومة الجهل والحفاء والمرض. 

لميس جابر  دافعت- باستماتة- عن الملك فاروق وصوّرته فى شكل ملائكى حتى أن بعض الشباب تعاطف معه، فهل هذا تزوير للتاريخ؟
- بالتأكيد تزوير للتاريخ ولميس جابر ليست مؤرخة، وهناك اتساق كامل لوجهة نظرها فى كثير من المواقف من خلال منظومة واحدة للتقرب من السلطة، ومن ثم موقفها من قضية تيران وصنافير ولذلك استطاعت أن تحصل على امتيازات الدولة وتعيينها فى البرلمان.

سُجِنت فى عصر عبدالناصر.. ورغم ذلك ترى أنه من أفضل زعماء مصر، لماذا؟
- لكل فترة إيجابياتها وسلبياتها وعبدالناصر رئيس قرر أن يرتبط مصيره وحياته ومستقبله بمصير شعبه من خلال إقامة العديد من المشروعات الحيوية للشعب، والتى تدهورت من بعده، أما اعتقالى فى عصر عبدالناصر نتيجة لأنه كان رئيسا فردى القرار،  ولا يسمح بمشاركته فى الحكم، وهذا شأن كل الرؤساء الذين حكموا مصر من بعده، والأمثلة على ذلك كثيرة منها قراره بإغلاق مضيق تيران الذى تسبب فى حرب 67، وبنفس الأسلوب تم مؤخرا حفر تفريعة قناة السويس وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة على حساب المشروعات الأكثر أهميه للمواطنين ومنها أن العديد فى القرى فى نجوع صعيد مصر يفتقر إلى وجود مياه شرب نظيفة وعدم وجود صرف صحى وهى المشروعات التى توفر الحياة الآدمية للإنسان.

ما تقييمك للسادات ومبارك؟
- السادات كان خادماً مطيعاً للولايات المتحدة الأمريكية، طامحاً أن يتم استبداله واستخدامه محل إسرائيل فى رعاية مصالح أمريكا، ومن ثم فاتفاقية السلام كانت نوعًا من الهدنة الطويلة بلا حرب ولا سلام، ولذلك استمرت تبعية مصر اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً للولايات المتحدة الأمريكية، و«مبارك» استمر فى هذا المنهج أيضا، أما الأخطر حاليًا سعى النظام للجلوس بجوار إسرائيل فى حضن الولايات المتحدة. 

ما تقييمك لخطورة الإسلام السياسى على الشأن الثقافى؟
- الإسلام السياسى أدى لابتعاد المبدعين عن الابتكار والتجديد، فالإبداع قائم على التجاوز للمعايير الأساسية، فى كافة أنواع الفنون، وفى ظل التهديد  المستمر للمثقفين بإصدار أحكام قضائية، تتهمهم بازدراء الأديان، وخدش الحياء العام قضينا على الإبداع وانهارت الثقافة، فى ظل ازدهار أسوأ أنواع الفنون وتداولها فى الشارع المصرى ومنها أغنيتا «باحبك يا حمار»، و «آه لو لعبت يا زهر».

هل تدنى المستوى الثقافى يمثل انعكاسًا للشأن العام فى الدولة؟
- بكل تأكيد، فالمستوى الثقافى مرآة للشأن العام، ولو قارنا بين أغانى عبدالوهاب وأم كلثوم وقصائد أحمد شوقى لعرفنا الفارق بوضوح.

السد العالى مشروع  ملهم اجتمع عليه المبدعون والمثقفون فى مختلف مجالات الفنون من الشعر والتلحين والغناء، فهل لدينا مشروع ملهم جديد يجتمع عليه المثقفون فى مصر؟
- فى ظل الوضع الاقتصادى الحالى لا يمكن أن يخرج مشروع ملهم يجتمع عليه المثقفون، لأن المواطن الذى لا يجد قوت يومه كيف يمكنه التأمل فى لوحة فنية جميلة أو الاستماع إلى موسيقى تنمى الذوق العام.

ما تقييمك لثوره 25 يناير بعد مرور 7 سنوات؟
- الثورة فشلت فشلاً ذريعاً؛ لافتقادها القيادة المنظمة، والبرنامج الواضح والتخطيط الجيد، ما أعطى فرصة كبيرة للقوى المضادة بألوانها المختلفة لتجميع شتاتها والتخطيط، والتنفيذ للعودة إلى مقدمة المشهد من جديد، وبدرجة أكبر بكثير مما وصلوا إليه فى أيام مبارك؛ ليتحكموا فى مصير البلد من جديد، وهو ما حدث بالفعل من خلال عودة وزراء مبارك للتحكم فى مصير الشعب، بالإضافة إلى الوجوه النسائية التى انضمت للحكومة، وأغلبها لا ينتمى للشعب المصرى أبداً وانتماؤهم رأس مالى استعمارى لخدمة الولايات المتحدة والبنك الدولى، من خلال جلب القروض التى تنفق فى غير محلها، ما يجعل الدولة تترك للأجيال القادمة ديونًا لا حصر لها، ما يؤكد على وجود رؤية معاديه لمصالح الشعب، يتم تنفيذها من خلال بعض الوزراء بدرجة موظفين. 

ما تقييمك لدور الأحزاب السياسية من الشارع المصرى؟
- لدينا 100 حزب لا تقدم أى شىء للشعب، رغم دعمها مالياً من الدولة وذلك بسبب منعها من ممارسة أى نشاط سياسى، ومن ثم فالشباب الذين أفرج عنهم مؤخراً فى قضايا سياسية، ومنهم أحمد ماهر يطبق عليهم قانون الحجز الاحترازى بحيث يقضون 12 ساعة يوميا فى الحجز تحت مسمى الرقابة القضائية، وقد تعرضت لذلك بعد خروجى من السجن فى عصر عبدالناصر، ولكن كانت المراقبة تفرض على داخل بيتى، أما الآن الرقابة تتم داخل القسم بما يعد سجنا جديدا، بالإضافة إلى تشويه وسجن كل من يكشف عن فساد فى الدولة، ومنهم المستشار هشام جنينة، رغم كشفه للفساد بالمستندات تم الحكم عليه بالسجن، ما أدى إلى وصولنا لبرلمان كل هدفه تقريظ الحكومة والدفاع عنها. 

ما تقييمك لتفاعل أحزاب اليسار مع الشارع المصرى؟
- بسبب عدم وجود طبقه اقتصادية مزدهرة، وانتشار مئات الآلاف من العمال بدون عمل خفضت أصوات اليسار فى التعبير عن الطبقات الاجتماعية الفقيرة، لضعفهم أيضًا، حيث أنهم جزء من نفس المنظومة، فماذا يفعلون فى ظل توحش الأسعار وعدم وجود رعاية صحية للمواطن تفرض على الفقير شراء كيس الدم بمبلغ 450 جنيهًا ما يجعل الموت عليه أهون. 

هل فشل الثورة  مؤشر لإحباط الشباب وندمهم على فقد العزيز والغالى بلا هدف؟
- الثورة على «مبارك» كانت لا بد أن تتم، ولكن بنهاية مختلفة من خلال محاكمة «مبارك» محاكمات سياسية، ولكن ذلك لم يحدث، ورغم ذلك لا مجال لندم الشباب أبداً، لأن الأمل فى حياة أفضل موجود بشكل دائم. 

فى كل عصر كانت لك رواية تعبر عن ظروفه، فماذا عن الرواية التى يمكن أن تكتبها عن الوقت الراهن؟
- الفترة الحالية يمكن أن أجسدها فى رواية أطلق عليها مسمى (1970) وهو التاريخ الذى يمثل آخر نفس فى عمر الزعيم جمال عبدالناصر، حيث توقف بعده التطور الحقيقى للدولة.

ما تقييمك للمعارضة؟
- الدولة لا تسمح بوجود معارضة، وذلك منذ عصر عبدالناصر حتى أصبحت جينات الدولة لا تسمح بتبادل الرأى أو إعلاء أى صوت آخر مخالف لصوتها، رغم أن دولة بلا معارضة تساوى حياة بلا روح. 

لماذا لم تقدم على ترجمه أجزاء أخرى من التجربة الأنثوية؟
- بالفعل كنت أرغب فى ترجمة أجزاء أخرى من التجربة الأنثوية، ولكنى انشغلت برواياتى لأنها الأهم بالنسب لى. 

هل نشرت كل ما لديك عن مذكرات فى المعتقل؟ أم لديك ما لم ينشر بعد؟
- بالفعل لدى الكثير عن تجربتى فى المعتقل ولم أكتبه حتى الآن. 

ماذا عن أهم ما لم ينشر حتى الآن؟
- الخلافات التى نشأت بين أجنحة اليسار، والتى كانت تغذيها السلطة من خلال فرق مختلفة، ما بين الشيوعيين والناصريين والديمقراطيين، وللأسف كلهم لم يحسنوا التعامل بشكل إيجابى مع تلك الخلافات ما جعلها تنتهى بابتعاد كل فرقة عن الأخرى بفعل الحكومة من أجل تحطيم رموز المعارضة وعزلها عن الشعب، حتى أن بعض المعارضين بعد انتهاء فترة سجنه كان يُجبر على توقيع اعتزاله العمل السياسى، ومن كان يرفض التوقيع على ذلك كان يتم إلغاء الإفراج عنه. 

الشباب فى مصر  ينقسم إلى فريقين ما بين محبط مقبل على الهجرة غير الشرعية، وشباب الجامعات الأجنبية والمنتجعات السياحية، فهل يمكن أن يخلق هذا الوضع جيلا لديه انتماء للبلد؟
- قانون الحياة يؤكد أن خلايا الإنسان تتجدد بشكل دائم، وهو ما ينطبق على الشباب أيضا، ولذلك عندى أمل كبير فى خروج جيل واع  من الشباب قادر على تحمل المسئولية الوطنية فى كافة مجالات الحياة وأنه قادر على تجاوز أصعب الظروف بالأمل فى حياه أفضل. 

ما تقييمك لدور المؤسسات الثقافية للدولة تجاه الشباب؟
- رغم انتشار العديد من الفاعليات الثقافية، إلا أنها ليس لديها أى صدى مع الشباب، وذلك بسبب عدم اقتناع الشباب بسياسات الدولة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانون منها، فى حين موافقة الدولة على سياسة «إسرق وتعالى اتصالح»، ما يفتح باب السرقة، ثم إجراء المصالحات مع اللصوص وتبرئتهم. رغم أن كلمة «مصالحة» فى حد ذاتها، تؤكد على كونهم لصوصًا، ولكن الاتجاه العام يدعم تبرئتهم، بعد دفع بعض الملايين التى يعرفون كيف يعوضونها، باتباع نفس الطرق غير المشروعة ما يجعل الشباب يفتقد وجود المبدأ والقدوة، ويجعل الفاعليات الثقافية غير مؤثرة ولا وجود لها، ومثال على ذلك رفض الشباب لمكافحة الأمية بالمقارنة بجيلنا حيث كنا نتطوع لذلك من أنفسنا.

ما المطلوب من النخبة المثقفة لمواجهة العديد من الأزمات؟
- أتمنى أن تشارك النخبة المثقفة فى مصر فى تحرك جماعى، ولو فى شكل بيان  يعلن التمسك بالثوابت الوطنية، التى تشمل حماية مصالح الشعب، والعمل من أجل التنمية المستقلة وممارسة حياة سياسية سليمة، والتحرر من التبعية الاقتصادية، والسياسية الأجنبية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق