أحمد عماد الدين.. إمبراطور السوق السوداء للدم
الثلاثاء، 18 أبريل 2017 04:40 ممصطفى الجمل
منذ اللحظة الأولى، وهو يتعامل بمنطق «القادم المرغم»، يفعل ما يحلو له، غير مكترث بما سيترتب على قراراته من كوارث، فلا أحد يقدر على إيقافه، وإن حدث فرحيله لن ينقصه شىء، دائماً ما يطرح اسمه ليتصدر القوائم فى موسم التغييرات الوزارية، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث حتى الآن.
ثورة الغضب التى أشعلها الدكتور أحمد عماد الدين راضى، وزير الصحة، خلال الأسبوع الماضى، بقراراه رفع أسعار أكياس الدم، من 90 إلى 450 جنيهاً لأى فصيلة، لم تكن الأولى من نوعها، كما أنها لن تكون الأخيرة، فى مسيرة الوزير الذى لم ينجز منذ دخوله الوزارة إلا أزمات أثرت كلها على صحة المواطنين.
قرار الوزير باستثناء المستشفيات الحكوميةوالتعليمية، والتأمين الصحى، والجيش والشرطة، والمؤسسة العلاجية، وأمانة المراكز الطبية المتخصصة، ومرضى الأمراض المزمنة، من التسعيرة الجديدة لأكياس الدم، يدعم خلق سوق جديدة سوداء للدم، ليصبح سلعة، كأى سلعة أخرى، لها سوقان متوازيان، الأمر الذى أثار غضب المواطنين والأطباءوالبرلمان على حد سواء، لأن هذه الزيادة، تعد بمثابة مأساة جديدة على المصريين، ولا سيما أن عددا كبيرا من المستشفيات، يعانى من نقص شديد فى أكياس الدم، الأمر الذى يمثل ضربة قاصمة لآلاف المرضى، الذين يعانون من الفشل الكلوى، ومرضى الأورام، والطوارىء.
عدد من الأطباء المعترضين على قرار الوزير، أشاروا إلى أن الزيادة التى أتت فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، أكدت ما كان يدور من حديث حول تحويل وزارة الصحة، لملف أكياس الدم إلى ملف تجارى، بحت تستهدف ربحاً منه، تعوض به خسائرها فى قطاعات أخرى.
المبرر الذى ساقه الوزير لقراره، بأن القرار يستهدف منع المستشفيات الخاصة من التربح، أتى بنتائج عكسية، بعد أن وصل سعر كيس الدم ببعض المستشفيات إلى 900 جنيه، وفى البعض الآخر كسر الألف جنيه.
لم تقف كوارث الوزير خلال الأسبوع الماضى، عند فضيحة أكياس الدم، فمازالت ثورة الأطباء قائمة على القانون الجديد للتأمين الصحى، والذى ورط الوزارة فى واقعة جديدة من نوعها، نظراً لأنها قامت بتكليف إحدى الشركات بصياغة القانون، مقابل عشرات الآلاف من الدولارات، إلا أن الشركة اكتفت بنقل قانون التأمين الفرنسى، وترجمته إلى اللغة العربية.
كوارث القانون الجديد، والتى أشار إليها عدد من كبار الأطباء، تمثلت فى رفع اشتراك الزوجة التى لاتعمل من 2 ٪ من إجمالى أجر زوجها، إلى 2.5 ٪، ورفع اشتراك الابن من 0.5 ٪ من أجر الوالد إلى 0.75 ٪، فضلاً عن إلزام أصحاب المعاشات بدفع اشتراك الزوجةوالأبناءوالمعالين ومساهماتهم.
كما ألمح القانون إلى قرب خفض الحكومة لنسبة إنفاقها على التأمين الصحى، حيث تم حذف الفقرة الخاصة، بألا يقل الإنفاق الحكومى عن 3 ٪ من الناتج القومى، بالإضافة إلى أن القانون يحرض بشكل مباشر على التسرب من التعليم، حيث نص القانون على وقف قيد الأبناء بالمدارس، إذا لم يقم الوالد بدفع أقساط التأمين الصحى الخاصة بهم.
قبل تلك الأزمتين، كانت هناك أزمة أخرى، ساقها الوزير بتصريحه، عن خصخصة المستفشيات التكاملية، تحت دعوى أن جزءاً كبيراً من المستشفيات التكاملية لا يعمل ومعطل، ويضرب أركانه الفساد، موضحاً أن الاستثمار فيها، وإدخال القطاع الخاص كشريك للقطاع الحكومى، أفضل من تركها على حالها، قبل أن يصرح بأن 10 ٪ فقط من المستشفيات الحكومية صالحة للاستخدام الآدمى، و90 ٪ الباقية غير صالحة.
فشل « عماد الدين» فى التعامل مع الأزمات، ظهر بشدة فى تعامله مع أزمة «الفيروس الغامض»، الذى أودى بحياة ثلاثة أطفال، دون التوصل إلى سبب حتى الآن، فضلاً عن أزمة لبن الأطفال، الذى كاد يفجر ثورة عارمة فى الشارع المصرى، لولا تدخل القوات المسلحة، وحلها للمشكلة فى أسرع وقت ممكن، قبل أن يعود الوزير ويصرح بأنه اكتشف أننا لدينا مصنع، ينتج أكثر من 36 مليون عبوة من لبن الأطفال، ليجدد ثورة المواطنين عليه.
وسط هذا الفشل الذريع، من قبل الوزيروطاقم مساعديه ومستشاريه، فى حل الأزمات التى يأن منها المصريون، حرص الوزير على اقتناء 6 سيارات من فئة BMW، يبلغ سعر الواحدة منها حوالى نصف مليون جنيه، مما أثار الغضب العام، فى ظل دعوات الحكومة المستمرة للتقشف.
كان لنقابة الصيادلةوالأطباء دور كبير فى الاشتباك مع وزير الصحة، بسبب التعرض لحقوقهاوعدم تحقيق مطالبها، فنقابة الصيادلة طالبت بتعديل هامش الربح الخاص بها، والالتزام بقانون التسعيرة الجبرية للدواء، وحل أزمات الدواء التى يتعرض لها السوق وإصدار قانون رجوع الأدوية منتهية الصلاحية للشركات، والتى كان يعانى من خسارتها الصيدلى، أما نقابة الأطباء، فطالبت بتعديل قانون بدل العدوى، والذى لم يتحقق حتى الآن رغم استمرار المفاوضات قرابة عام.