البابا كيرلس.. صديق الزعيم عبدالناصر

الثلاثاء، 18 أبريل 2017 04:22 م
البابا كيرلس.. صديق الزعيم عبدالناصر
جمال عبد الناصر

يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل متحدثاً عن العلاقة بين البابا كيرلس والزعيم الراحل جمال عبدالناصر: «كانت العلاقات بين جمال عبدالناصر وكيرلس السادس علاقات ممتازة، وكان بينهما إعجاب متبادل، وكان معروفاً أن البطريرك يستطيع مقابلة عبدالناصر فى أى وقت يشاء، وكان كيرلس حريصاً على تجنب المشاكل، وقد استفاد كثيراً من علاقته الخاصة بعبدالناصر فى حل مشاكل عديدة».
 
اسمه عازر، ولد ببلدة طوخ النصارى بدمنهور فى مصر فى الجمعة 2 أغسطس سنة 1902، ووالده هو يوسف عطا المحب للكنيسة وناسخ كتبها ومنقحها المتفانى فى خدمة أمه الأرثوذكسية حريصًا على حِفظ تراثها.
 
بدأ عازر منذ الطفولة المبكرة حبه للكهنوت ورجال الكهنوت فكان ينام على حجر الرهبان، فكان من نصيبهم ولا سيما أن بلدة طوخ هذه كانت وقفا على دير البراموس فى ذلك الوقت ولذلك اعتاد الرهبان زيارة منزل والده لِما عُرِفَ عنه من حُب وتضلع فى طقوس الكنيسة.
 
بدأ حياة فضلى تشتاق نفوسنا لها متشبهًا بجيش شهدائنا الأقباط وآباء كنيستنا حماة الإيمان الذين أرسوا مبادئ الإيمان المسيحى للعالم أجمع، المبنية على دراستهم العميقة فى الكتاب المقدس فكان عازر مُفْلِحًا فى جميع طرقه والرب معه؛ لأنه بِقَدر ما كان ينجح روحيًا كان ينجح علميًا، إذ بعد أن حصل على البكالوريا، عمل فى إحدى شركات الملاحة بالإسكندرية واسمها «كوك شيبينج» Cook Shipping سنة 1921 فكان مثالا للأمانة والإخلاص ولم يعطله عمله عن دراسة الكتب المقدسة والطقسية والتفاسير والقوانين الكنسيّة تحت إرشاد بعض الكهنة الغيورين وفق كتابات كنسية.
 
ظل هكذا خمس سنوات يعمل ويجاهد فى حياة نسكية كاملة، فعاش راهبًا زاهدًا فى بيته وفى عمله دون أن يشعر به أحد، فكان ينام على الأرض بجوار فراشه ويترك طعامه مكتفيًا بكسرة صغيرة وقليلًا من الملح.
 
اشتاقت نفسه التواقة للعشرة الإلهية الدائمة؛ للانطلاق إلى الصحراء والتواجد فيها، وبالرغم من مقاومة أخيه الأكبر فقد ساعده الأنبا يوأنس البطريرك الـ113، وطلب قبوله فى سلك الرهبنة فى دير البرموس بوادى النطرون، بعد أن قَدَّم استقالته من العمل فى يوليو سنة 1927 «تلك التى صدمت صاحب الشركة والذى حاول استبقاءه برفع مرتبه إغراءً منه، ولكن عازر كان قد وضع يده على المحراث ولم يحاول أن ينظر إلى الوراء»، فأوفد البابا معه راهبًا فاضلًا؛ وهو القس بشارة البرموسى «لاحقًا : الأنبا مرقس مطران أبوتيج» فاصطحبه إلى الدير وعند وصولهم فوجئوا بإضاءة الأنوار ودق الأجراس وفتح قصر الضيافة وخروج الرهبان وعلى رأسهم القمص شنودة البرموسى، أمين الدير لاستقباله، ظنًا منهم أنه زائر كبير! وعندما تحققوا الأمر قبلوه على أول درجة فى سلك الرهبنة فورًا مستبشرين بمقدمه، إذ لم يسبق أن قوبِل راهب فى تاريخ الدير بمثل هذه الحفاوة واعْتُبِرَت هذه الحادثة نبوة لتقدمه فى سلك الرهبنة وتبوئه مركزًا ساميًا فى الكنيسة.
 
تتلمذ للأبوين الروحيين القمص عبدالمسيح صليب والقمص يعقوب الصامت، أولئك الذين كان الدير عامرًا بهم فى ذلك الوقت، وعكف على حياة الصلاة والنسك، ولم تمض سنة واحدة على مدة الاختبار حتى تمت رسامته راهبًا فى كنيسة السيدة العذراء فى الدير، فكان ساجدًا أمام الهيكل وعن يمينه جسد الأنبا موسى الأسود وعن يساره جسد القديس إيسيذوروس، ودعى بالراهب مينا وذلك فى السبت 17 أمشير سنة 1644 الموافق 25 فبراير سنة 1928 م، وسمع هذا الدعاء من فم معلمه القمص يعقوب الصامت قائلًا «سِر على بركة الله بهذه الروح الوديع الهادئ وهذا التواضع والانسحاق، وسيقيمك الله أمينًا على أسراره المقدسة، وروحه القدوس يرشدك ويعلمك».
 
فازداد شوقًا فى دراسة كتب الآباء وسير الشهداء، وأكثر ما كان يحب أن يقرأ هو كتابات مار إسحق فاتخذ كثيرًا من كتاباته شعارات لنفسه مثل «ازهد فى الدنيا يحبك الله».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق