«التحريات الفشنك»..«مفتاح الفتن» لتمرير «القبضة الأمنية»
الثلاثاء، 18 أبريل 2017 12:49 م
«التحريات وحدها لا تكفى كدليل إدانة»..مبدأ قانونى ارسته محكمة النقض، فى الوقت الذى يقطن الآلاف خلف القضبان، بسبب الخطأ فى التحريات أحد أبرز الدفوع التى يتقدم بها المحامين فى القضايا.
جرة قلم من ضابط مباحث تتسبب أحياناَ بزج أبرياء خلف غيابات السجون، نتيجة «تحريات مكتبية» تُجرى عادة على يد أمناء شرطة وخفراء ومخبرو المباحث، ممن يعتمد عليهم ضباط المباحث فى كتابة محاضر التحريات، وفى النهاية تكون تلك «التحريات فشنك» كما حدث مع آيه حجازى وزوجها و 6 آخرين فى قضية «مؤسسة بلادى».
يقول الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى بكلية الحقوق جامعة عين شمس، أن التحريات لا تصلح أن تكون دليلاَ حتى لو كانت الدليل على الورق، حيث أن التحريات لا تعبر إلا عن رأى مجريها، والمحكمة لا تأخذ برأيه، بإعتبار أنه لابد أن يساندها أى دليل أخر يدعمه بناءاَ للمادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية.
وأضاف «الجنزوري» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أنه إنه من حق المحبوس الذى يتم تبرئته أن يقيم دعوى تعويض على وزارة الداخلية نتيجة لخطأ الضابط الذى يعمل بالوزارة فى إجراء التحريات ما نتج عنه حبس متهم برىء، مشيراَ إلى أنه فى حالة صدور حكم البراءة من ضمن الإستثناءات طلبات التعويض عن الحبس الإحتياطى تكون 5 جنيهات تعويض عن اليوم الواحد.
بينما وصف محمد رشوان، الخبير القانونى، التحريات المكتبية بأنها «مفتاح الفتن»، مؤكداَ أن محكمة النقض قالت عنها منذ أكثر من 150 سنه أنها مجرد رأى لا تعبرلا عن رأى مجريها، أى أنها مهما وصلت لا تجاوز الرأى، وأنها لا تصلح أبداَ أن تكون دليل بذاتها ولا يصح التعويل عليها وحدها أبدا في حكم الإدانة، وأنها بل تخطت محكمة النقض ذلك بأن قررت أن التحريات تعرف بأنها الشهادة السيئة والمشبوهة حيث أن لصاحبها مصلحة فى إدانة المتهم والمعارضة لمبدء الأصل فى الإنسان البراءة لذلك احيطت قانونا بشروط عديدة.
وأضاف «رشوان» فى تصريحات خاصة، أنه يلزم أن تكون جدية ومستغرقة للوقت الكافى ولا تتعارض مع الواقع والأدلة ولابد أن تكون كافية كفاية تدل على أنها أُقيمت على أسس سليمة وأن تشرح الواقعة وتميز مرتكبها تمييزا دقيقا لا لبس فيها، مؤكداَ أن التحريات هو ذلك الإجراء الذى كانت ومازالت النيابة تطلبه من مأمور الضبط وجهات البحث لاكتشاف حقيقة واقعة معينة ومن يقف خلفها واسبابها ورأى جهة الضبط فيها، وردد قائلا: «للاسف منذ زمن ليس ببعيد تحولت التحريات الى الدليل الوحيد ضد متهم والسبب الوحيد لحبسه وتوارت المبادىء التى قررتها محكمة النقض عندها».
ويقول وحيد الكيلاني المحامي الحقوقي أن التحريات التي يقوم بإجرائها ضباط المباحث والجهات الشرطيه لا يجوز أن يعول عليها في الدليل الجنائي لأنها تكون مجموعة من الأدلة والقرائن التي يستقيها الضباط، إما من مصادر غير موثوق فيها من المصادر الخاصة للضباط، مؤكداَ أنه دائما المصدر السري هم المرشدين وهؤلاء إما من أرباب السوابق الذين يعرضون خدماتهم للضباط وأحيانا يكيدون للمتهمين لمحاولة فرض سيطرتهم علي المناطق التي يمارسون فيها نشاطهم الاجرامي، أو أن تكون تلك التحريات مصدرها رجال البحث من المخبريين السريين وهي نتاج جلسات مع العامة يجوز أن تؤثر فيهم إشاعة أو معلومة خاطئة.
وأضاف «الكيلانى» فى تصريحات خاصة أن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأى غيره، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بإعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة.