لا يغرنكم استعراض داعش
الخميس، 13 أبريل 2017 02:25 م
بث تنظيم داعش الإرهابي مقطعًا مصورًا أسماه «صاعقات القلوب»، رصد فيه عمليات قنص لعدد من جنود الجيش المصري في سيناء، الأمر الذي تعاطى معه رواد مواقع التواصل الاجتماعي ما بين محلل ومتعاطف، غير أن الأكثرية ارتدت ثوب صحفيين الإسلام السياسي، مؤكدين أن التنظيم في حالة قوة وأن القبضة الأمنية للدولة ضعيفة.
الإصدار الأخير مهد له أنصار بيت المقدس الموالي لداعش بحملة دعائية، نجحت في الحشد الإعلامي وبات الكثير ينتظرون الإصدار بلهفة كي يروا ماذا يفعل التنظيم في سيناء.
في مساء الثلاثاء، بثت صفحات تابعة للتنظيم الإصدار المرئي، أظهر عمليات قنص لعدد من الجنود، باء أغلبها بالفشل، وأظهر مدى قوة رجال لا يخشون الموت، واجهوا طلقات الرصاص غير آبهين بالمصير المجهول.
90 % من عمليات التنظيم التي تضمنها الإصدار تم عرضها في إصدارات سابقة، فالتنظيم سبق له إصدار مقطعًا باسم «لهيب الصحراء- سيناء» بتاريخ 10 مارس من العام الجاري، تضمن أغلب تلك اللقطات لكنه لم يحقق الانتشار المطلوب، فقد تضمن هو الأخر وجود أرتال عسكرية يزعم تحركها في شوارع سيناء؛ لكنها لم تعد موجودة.
هناك عدة حقائق تغافل عنها رواد التواصل الاجتماعي، كشف الإصدار أهمها أن التنظيم في مأزق حقيقي خاصة في ظل تآكل حواضنه الجغرافية في كافة مناطق وجوده، فالتنظيم في العراق بات يستحوذ على 6 % من الدولة العراقية بعدما كانت 40 % في 2014، كذلك الحال في سوريا، وعن سيناء انقطعت نقاط الاتصال مع عواصمه وبالتالي نجحت القوات المصرية في توجيه ضربات موجعة له.
والتنظيم اعترف بتلك النجاحات على صحفيته «النبأ» الأسبوعية بمقتل أمير التنظيم أبو دعاء الأنصاري، في 17 أغسطس من العام الماضي.
دفعت تلك النجاحات التنظيم الإرهابي إلى إعادة التفكير في استراتيجياته الإرهابية فابتعد عن المواجهة المباشرة، وانتهج القنص والعمليات الانتحارية عبر مفارزه الأمنية.
هناك مؤشر أخر وهو أن قدرات التنظيم التسليحية باتت ضعيفة، وهو ما كشف عنه في إصدار «لهيب الصحراء» فباءت أغلب عمليات استهداف الأرتال العسكرية بالفشل ولم تحقق أهدافها، فالقدرة التفجيرية للمفخخات ضعيفة إلى درجة كبيرة.
في ظل الضربات المتكررة، بحث التنظيم عن انطلاقة جديدة يؤكد من خلالها «وجوده» من خلال اللعب على وتر الطائفية والمذهبية ومحاولة تأجيجها، بدأت بتفجير الكنيسة البطرسية أول العام الجاري، واستهدف المسيحيين في حوادث اغتيالات مباشرة في سيناء، دفعت عشرات العائلات إلى الانتقال السكني لمحافظات الجوار، خشية من القتل.
بث التنظيم بعدها إصدارًا مصورًا أكد تبنيه لتفجير «البطرسية» وعزمه استمراره في استهداف الكنائس وروادها، وبالفعل تبنى تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية في بداية أسبوع الآلام بأحد الشعانين.
التنظيم وضع نفسه في صراع مجتمعي ولم يعد الصراع مقتصر على مواجهة النظام السياسي، وبالتالي فإن النتيجة محسومة بالفشل، فهو أظهر مدى جهلة بطبيعة المجتمع المصري.
ورغم أن الضربات التي ينفذها الإرهاب موجعة، غير أنها تؤكد خسارته القريبة وتعكس حالة الارتباك التي يمر بها في ظل تشديد الحصار الأمني ومنعه من إنشاء كيانات إرهابية في القطر المصري بعيدًا عن سيناء.
على عكس ما سعى التنظيم في شن حرب نفسية جديدة إلا أن المعطيات الأولى لتعاطي رواد التواصل الاجتماعي مع الفيديو، أكدت اعتراف أغلب المعارضين للدولة بأنها في حالة حرب وأكدوا عن دعمهم الكامل لرجال القوات المسلحة والشرطة المصرية.
ورغم محاولات التنظيم لمخاطبة شباب الدولة بأن التحاقهم بالجيش يجعلهم أهداف سائغة للقتل خاصة أنهم دروعًا بشرية للقادة والضباط، على حسب زعمه، فإنه نسى أن هناك رجال ينتظرون الشهادة فاتحين صدورهم للموت، لا يضرهم من خالفهم وخذلهم ولا من ترصد لهم.