المراكز البحثية تصنع القرار الأمريكي
الثلاثاء، 11 أبريل 2017 09:25 مكتب/ هشام السروجي
معهد واشنطن حرك «ترامب» للحرب السورية.. «دينيس روس» طالب بضربة ضد الجيش السوري و«آيزنشتات» شدد على توجيه المزيد... و«بوتين» يتوقع ضربات جديدة
للمراكز البحثية سطوة في صناعة القرار الأمريكي، خاصة وأن من يخطون سطورها هم أفراد كانوا في يومًا ما داخل معامل صناعة القرار الأمريكي، وعلى دراية كافية بالمصالح الأمريكية، وكذلك الأهداف الإستراتيجية متوسطة وبعيدة المدى، الأمر الذي يؤهلهم أن يلعبوا دور البوصلة في تحديد الأغراض المراد تحقيقها للإدارة الأمريكية، وساكني البيت الأبيض، حتى وأن غابوا عن المشهد.
دينيس روس المساعد الخاص للرئيس السابق أوباما، طالب بتوجيه ضربة عسكرية ضد الجيش السوري، في الرابع من أبريل، أي قبل يومًا واحدًا من شن القوات الأمريكية هجومًا صاروخيا ضد أهداف عسكرية سورية.
وشدد في مقالًا له نشر على البوابة الإلكترونية لمعهد واشنطن، لدراسات الشرق الأدنى، والقريب من دوائر صنع القرار الأمريكية، على توجيه الضربة في أسرع وقت، مشيرًا إلى أن إدارة «ترامب» في طريقها نحو صياغة سياستها بشأن سوريا، إلا أن هذه اللحظة يجب أن تبلور تركيزها على أنه لا يمكنها التصدي فقط لـ تنظيم «داعش»، ولا يمكن تحقيق النجاح ضد تنظيم «داعش» في سوريا، إذا لم يعالج ذلك مشكلة «الأسد» أيضاً.
ويبدو أن تصريح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، في تركيا بأن مستقبل الأسد يعود إلى الشعب السوري يبدو وكأنه يعكس الحقائق المتغيرة في سوريا وقبضة زمرة الأسد المتزايدة على السلطة هناك.
وفي فجر نفس اليوم حدثت الضربة ضد الجيش السوري، ثم طالب «مايكل آيزنشتات» مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن، في تحليل نشره المعهد، على ضرورة توجيه المزيد من الضربات ضد الجيش السوري، حيث اعتبار أن التجارب السابقة تشير إلى أنّ الأسد سوف يستمرّ على الأرجح في تحدي المجتمع الدولي والطعن بالخط الأحمر على الأسلحة الكيميائية، وأنّ الحاجة قد تدعو إلى شن المزيد من الضربات لردعه عن القيام بذلك. وفي المرحلة القادمة، من الضروري أن توجّه الولايات المتحدة عملياتها العسكرية بناءً على الاعتبارات التالية المستمدة من الدروس المستفادة من الجهود السابقة في الردع والدبلوماسية القسرية في الشرق الأوسط.
وأوجب «آيزنشتات»، على الولايات المتحدة، أن تضع في اعتبارها أن أفضل أمل لها في إستراتيجية خروجٍ تُعزز مصالحها في سوريا (من بينها الحرب ضد تنظيم «داعش» والجماعات السلفية الجهادية الأخرى) هو المساهمة في إنشاء قواتٍ من المتمردين غير سلفية فاعلة قادرة على إبعاد السنّة عن المتطرّفين وممارسة ضغوط عسكرية مستمرة على نظام الأسد. إنّ هذه هي الطريقة الوحيدة التي سوف تحرص على احترام قرارات وقف إطلاق النار وتفادي المزيد من التدفقات الكبيرة الجديدة للاجئين. إن التوازن العسكري وحده، والذي يؤدي إلى مأزق مكلف للنظام هو القادر على توليد الضغوط اللازمة للتوصل إلى حلٍ دبلوماسي للحرب، التي كانت المحرك الرئيسي للتطرف الجهادي وحشد المقاتلين في هذا العقد من الزمن. وقد يكون قد فات الأوان على نجاح مثل هذه المحاولة، إلّا أنّ هذا الواقع يجب ألّا يمنع الولايات المتحدة من المحاولة. وقد يكون الحل البديل هو الاستمرار في تطوّع الجهاديين والتزام عسكري أمريكي مطلق في سوريا قد لا ينال دعم الرأي العام إلى أجلٍ غير مسمّى.
مطالب «آيزنشتات»، للولايات المتحدة الأمريكية، بتوجيه ضربات جديدة للنظام السوري، يمكن التعامل معه باعتباره مقدمة لشن هجوم أمريكي جديد على الأراضي السورية، خاصة وإنها تتزامن مع توقعات الرئيس الروسي فلادمير بوتين، بضربة عسكرية أمريكية جديدة لنظام الأسد، زاعماً أن واشنطن تدبر لاختلاق هجمات بالغاز وإلصاق التهمة بنظام بشار الأسد، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي سيردجو ماتاريلا، وقال فيه: «لدينا معلومات بأنه يجري التجهيز لاستفزاز مشابه (ضربة أمريكية جديدة) في أجزاء أخرى من سوريا بما في ذلك ضواحي دمشق الجنوبية حيث يخططون مرة أخرى لزرع بعض المواد واتهام السلطات السورية باستخدام (أسلحة كيماوية)»، على حد قوله.
ومن المرجح أن تتفق رؤية هؤلاء الخبراء الذين كانوا حتى وقت قريب ضمن سلطة صناعة القرار في الولايات المتحدة، مع الإدارة الأمريكية القائمة، حيث تتقاطع هذه الآراء مع مقتضيات المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، دون اختلاف على أهميتها حتى وأن اختلفت أساليب تحقيقها، وأدواتها المستخدمة، وتتلقى سوريا المزيد من الضربات العسكرية.