سفير العراق في القاهرة لـ«صوت الأمة»: يهمنا ألا تحتاج مصر إلا لنفط أشقائها ونسعى لتبادل تجاري يقدر بـ10 مليار دولار سنويًا.. و«داعش» خارج أراضينا في يونيو 2017

الثلاثاء، 11 أبريل 2017 05:10 م
سفير العراق في القاهرة لـ«صوت الأمة»: يهمنا ألا تحتاج مصر إلا لنفط أشقائها ونسعى لتبادل تجاري يقدر بـ10 مليار دولار سنويًا.. و«داعش» خارج أراضينا في يونيو 2017
سفير العراق في القاهرة حبيب هادي الصدر
حوار- شيريهان المنيري - تصوير أشرف فوزى

أثار اختيار سفير العراق في القاهرة، حبيب هادي الصدر، حالة من الجدل في أوساط المراقبين، حينما تم الإعلان عن اختياره سفيرًا للعراق في القاهرة، رسميًا في نوفمبر من العام الماضي، وترددت بعض الشائعات حول سيرته الذاتية وتاريخه العملي، على الرغم مما له من خبرة في مجالات عديدة، وما لديه من نجاحات على المستويين السياسي والإعلامي.

سفير العراق، حبيب هادي الصدر، أوضح في حواره مع «صوت الأمة» أنه ينتمي لأسرة عريقة في العراق، وأن أجداده وأعمامه من بناة الدولة العراقية الحديثة، موضحًا إيمانه بأن العمل لا يعتمد على موروثه الأسري، وإنما على مجهوده الشخصية.

كما أكد سفير العراق في القاهرة أن كل الشائعات الدائرة في حقه، تريد أن تقول أنه ما كان له أن يصل لهذا المنصب لولا انتماءه للأسرة الفلانية أو قرابته من فلان، وقال: «المنصب تكليف وليس تشريف، ولم أصل إليه إلا بمجهوداتي ومؤهلاتي الشخصية».

كما تناول حبيب هادي الصدر العديد من النواحي السياسية والإستراتيجية، في إطار ما تشهده المنطقة العربية على مدار السنوات الأخيرة، إضافة إلى ما أسفرت عنه القمة العربية الـ28 التي عُقدت في الأردن في 29 من مارس الماضي من نتائج، معربًا عن تفاءله بالعديد من الملفات العربية في مقدمتها فلسطين، وسوريا، والعراق، والتي توقع تحريرها بالكامل من تنظيم «داعش» الإرهابي، في يونيو المُقبِل. أيضًا أعرب سفير العراق في القاهرة عن رغبة بلاده في مزيد من التعاون والتبادل التجاري مع مصر، مُشيرًا إلى المعوقات التي تُعطِل ذلك الأمر. وإليكم نص الحوار...


كيف يقيم سفير العراق في القاهرة القمة العربية التي عُقدت في الأردن؟

قمة عمان حققت تقدمًا ملحوظًا على مستوى حضور الزعماء، ذاك الذي لم يتحقق منذ سنوات؛ فقد استطاع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، توظيف مكانته السياسية بين الزعماء العرب في التقريب بين المواقف، والعمل في مساحة لا بأس بها من المشتركات.


وبالنسبة لما أسفرت القمة عنه من نتائج؟

لقد خرجت بمواقف عربية موحدة تجاه جملة من القضايا العربية المصيرية تميزت بالواقعية، وفي مقدمتها إحياء مبادرة السلام العربية، والركون إلى خيار حل الدولتين، ووجوب تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، فضلًا عن عقد باقة من اللقاءات الثنائية بين القادة العرب، أسهمت في إذابة الجليد وتقريب وجهات النظر، كلقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي بالعاهل السعودي الملك سلمان، واللقاء الذي جمع الأخير بالرئيس «السيسي».

وبالنسبة للعراق فقد حصد تأييدًا عربيًا كبيرًا، ومؤازرة واضحة لجهوده المتميزة في مكافحة الإرهاب، إذ أثنى الزعماء على الانتصارات العراقية على «داعش» في الموصل، وأكدوا على وحدة وسيادة العراق، وأيدوا مساندتهم لمساعي الحكومة العراقية في إغاثة النازحين وإعادتهم إلى بلدانهم، وإعادة إعمار المدن المحررة، التي دمرتها الجماعات الإرهابية، إلى جانب جهودها لتحقيق الوئام والاستقرار السياسي والمجتمعي. ولا يجب أن ننسى أن القمة بحثت العديد من القضايا والمشكلات بالمنطقة مثل مشكلة اللاجئين السوريين، وبحث سبل تطوير التجارة الحرة وإتخاذ خطوات جادة على طريق التكامل الاقتصادي العربي كمنطقة التجارة الحرة والإتحاد الجمركي وتنشيط الاستثمار بين الدول العربية كطريق لمعالجة مشكلة البطالة بين الشباب العربي، لاسيما مبادرة الأمن الغذائي العربي من خلال الاستثمارات الزراعية في السودان.

كما كان هناك اهتمام لافت باقتصاد المعرفة لدعم اقتصاديات الدول العربية الريعية. ولكن رغمًا عن هذا التقدم الواعد؛ لا نستطيع القول بأننا سنحل كل المشكلات العربية المستعصية هذا العام أو الذي يليه، لأنها تحتاج إلى جهد مكثف ومنسق وإرادة سياسية عربية عزومة.


وما رأيك فيما أثارته كلمة أمير قطر الشيخ تميم خلال القمة حول «الإخوان»؟

مبدأنا في العراق هو احترام سياسات الغير، وعدم التدخل في شؤونهم، واعتبر أن مسألة «الإخوان» هي شأن مصري، ويجب على الجميع احترام هذا الشأن وخيارات الشعب المصري، إضافة إلى بعض الدول التي لديها نفس هذه التصنيفات، والتي أرى باعتقادي أنه يجب الركون إلى هيئة الأمم المتحدة حتى تصنف من هو إرهابي ومن لا؛ فنحن حتى الآن نختلف حول تعريف الإرهاب، ولذلك نحن نحترم سيادة وقرار الحكومة المصرية احترامًا كبيرًا، ولا ينبغي لأي بلد أن يتدخل في شؤون بلد آخر. وأكرر نحن نحترم قرارات الحكومة المصرية لأن الرئيس «السيسي» منتخب ولم يأت على ظهر دبابة أو انقلاب، ولكنه رئيس انتخبه الشعب المصري ويحظى بالشرعية الكاملة، وننظر إليه نظرة إجلال واحترام وتثمين ونقدر كل الخطوات التي اتخذها «السيسي» في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار في مصر والرخاء لشعب مصر الشقيق.


في إطار ما أسفرت عنه القمة العربية.. كيف ترى الموقف العربي من سوريا؟

أجمع الزعماء العرب على تكثيف العمل من أجل إيجاد حل سلمي لإنهاء الأزمة السورية بما يُحقق طموحات الشعب السوري ويحفظ وحدة سوريا ويحمي سيادتها، واستقلالها وينهي نشاط الجماعات الإرهابية على أراضيها استنادًا إلى مخرجات مؤتمر «جنيف 1»، وبيانات مجموعة الدعم الدولية لسوريا وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لاسيما القرار رقم 2254 لعام 2015، مما يكرس الحل السياسي وليس العسكري للأزمة وصولًا إلى انتقال سياسي تتوافق عليه كل مكونات الشعب السوري. مع تثبيت وقف شامل لإطلاق النار، فضلًا عن دعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين لأجل تمكينها على تحمل الأعباء المترتبة على استضافتهم، والاهتمام بمؤتمر بروكسل في 5 إبريل المقبل المقرر لهذا الأمر.. إلى جانب الاهتمام بالشاب السوري لأنه الجيل الذي سيعيد بناء سوريا.


هل أوشكت الأزمة السورية على الانتهاء؟

الجيش السوري يحقق نجاحات فعلية، فشهدنا حلب وهى ثاني مدينة بعد دمشق استعادها الجيش السوري، ونسمع أيضًا كل يوم انتصارات للجيش السوري على المجاميع الإرهابية، حتى الإدارة الأمريكية الجديدة غيرت من وجهة نظرها، فالآن بدأت تتعامل على أساس أن مصير الرئيس السوري بشار الأسد يقرره السوريون أنفسهم، وليس إرادات خارجية.. هناك متغيرات في المنطقة، ولذلك أنا أعتقد أنه لا حل عسكري في سوريا مثل ما أكده الزعماء العرب في القمة الذين أكدوا على الحل السياسي.. لدى تفاؤل ولكنه ليس تفاؤلًا مفرطًا بالنسبة لهذه الأزمة.


وما مدى أهمية الملف السوري بالنسبة للعراق؟

الأزمة السورية مهمة جدًا بالنسبة للعراق حيث وجود حدود مشتركة بين البلدين، ولكون «داعش» لديه وجود في سوريا كوجوده في العراق؛ نحن معنيون جدًا بهزيمة هذا التنظيم الإرهابي، ليس في العراق وحسب؛ بل هزيمته أيضًا على أرض سوريا، وعلى أرض سيناء، وليبيا، وفي أى مكان آخر في العالم.


إلى أين وصل «داعش» في العراق حاليًا؟

يحقق الجيش العراقي وباقي فصائل القوات المسلحة تقدمًا يوميًا في عمليات تحرير مدينة الموصل، ويسعى العراق اليوم إلى تحرير الإنسان قبل الأرض، انطلاقًا من هذا المبدأ حرص العراق بشكل كبير على تلافي وقوع ضحايا من المدنيين حتى وإن طالت مدة تحرير الأرض، بالرغم من اتخاذ الدواعش المدنيين كدروع بشرية. كما تقوم القوات الأمنية عند تحرير أى منطقة بتطهيرها من الألغام والمخلفات العسكرية وإعادة البنى التحتية الأساسية، لتتمكن العوائل النازحة من العودة إلى ديارها.

أما المرحلة الثانية فتتمثل بإعادة إعمار المناطق المحررة، وبذلك يتم طوى صفحة «داعش»، وتبدأ بعدها مرحلة التسوية السياسية والمجتمعية، والتي سوف تعالج جميع الثغرات والأخطاء السابقة التي أدت إلى ظهور المنظمات الإرهابية والعصابات الإجرامية ومنها «داعش». أما المرحلة الأخيرة فهي مرحلة طويلة المدى، وهى المعالجات الفكرية والتي تناقض الفكر المتطرف بهدف اقتلاعه من جذوره، وإعادة نشر صورة الإسلام السمحاء.

وأبُشِر أننا نقترب من إعلان النصر النهائي على «داعش» في العراق، وسنمسك حدودنا بقوة ولكن هذا لا يكفي، فلكى نتمتع بالاستقرار الكامل لابد من أن تكون سوريا قد نفض عنها كابوس «داعش»، وسيعود العراق مثلما كان بالكامل قريبًا جدًا، فكما دخلها «داعش» في يونيو 2014، سيخرج  منها في يونيو 2017.


حدثنا عن عودة العلاقات العراقية السعودية خلال مارس الماضي؟

العلاقات العراقية السعودية شهدت تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة بعد سنوات طويلة من البرود، حيث جرى لقاء في غاية الأهمية بين رئيس الوزراء حيدر العبادي، والعاهل السعودي الملك سلمان، على هامش القمة العربية الـ28، وسبقه زيارة هامة لوزير الخارجية السعودي، عادل الجبير إلى بغداد، وقد  وضع هاذين اللقاءين الملامح الأساسية لإعادة العلاقات بين البلدين إلى مسارها الصحيح، حيث تم الاتفاق على إعادة الطيران المباشر بين  البلدين، وفتح منفذ جميمة الحدودي الذي سوف يقلل بشكل كبير من تكلفة نقل البضائع بين البلدين، كما سيقود هذا الانفتاح إلى التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني، وتنسيق المواقف السياسية.

سفير العراق في القاهرة حبيب هادي الصدر (2)


وهل تعتقد باستمرار العلاقات بشكل جيد في ظل الاختلاف حول طبيعة العلاقة مع طهران؟

دعم السعودية للعراق ليس له علاقة بإيران، لأن العراق بلد ذو سيادة وقراره مستقل ولا يمكن ربطه بطهران.. العراق يحتفظ بعلاقات حسن جوار مع إيران كأي دولة أخرى لها علاقات حسن جوار مع دولة أخرى، على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل ليس إلا. كما أن العراق يجني فوائد من هذه العلاقة، فهناك أكثر من 4 إلى 5 مليون سائح إيراني يأتي لزيارة العتبات المقدسة في العراق، وهذا يعتبر مورد اقتصادي آخر للعراق، كما أن هناك تبادل تجاري بمستويات جيدة، ونحن نسعى أن يصل التبادل التجاري مع الشقيقة الكبرى مصر إلى نحو وتيرة التبادل التجاري بين العراق وإيران. هذا إلى جانب أن إيران دولة ليست كأي دولة أخرى؛ فهي هامة، ولاعب أساسي في المنطقة، ولها مع العراق حدود أكثر من 1400 كم، وهى حدود طويلة من أقصى نقطة شمال العراق إلى أقصى نقطة في الخليج العربي.

أيضًا لا يجب أن ننسى أن إيران بلد مسلم، وهناك جزء منها تقطنه أغلبية عربية، وهذا القسم مشترك مع العراق في حدود مشتركة، ونفس الامتدادات العشائرية الموجودة في جنوب العراق موجودة في الجزء العربي من إيران.. المواطن العربي يجب أن يفهم أن جزء من إيران عربي؛ ففيها عشائر عربية، لا يفصل بينهما سوى حدود وشط العرب.

وأود أن أؤكد على أن العراق خاض في الثمانينيات حربًا مع إيران، امتدت لـ8 سنوات، ولم يجن منها العراق سوى الويلات، وتعطلت التنمية بسبب ميزانية الحرب الهائلة التي كانت مخصصة لتمويل تلك الحرب، والعراق لا يريد أن يستنسخ أو يكرر تجربة مريرة كهذه.

السعودية أيضًا جارة شقيقة، ولنا معها حدود وامتدادات عشائرية، ناهيك عن أن السعودية تحتضن مقدسات إسلامية يحج ويعتمر إليها العراقيون، ما عدا هذا وذاك لدينا قواسم مشتركة عديدة ما بين العراق والسعودية، التي تدرك أن سياسة العراق الحالية لا تفرط بعلاقتها مع محيطها العربي، مثلما لا تفرط مع جيرانها ومحيطها العربي، ومثلما لا تفرط مع جيرانها المسلم الغير العربي، مثل تركيا وكذلك إيران.. العراق لا يريد مشاكل مع جيرانه، ولدينا العراق الجديد الذي يختلف عن عراق ما قبل 2003؛ فهو عراق المحبة والسلام يعتمد على عراق الوسطية والاعتدال والحوار وعدم الاعتداء وعدم التدخل في شؤون الغير.. العراق الذي يكون جزء من الحل وليس جزء من المشكلة.. هكذا هي توجهات العراق الحالية، وهذا ما ينطوي عليه الدستور العراقي الجديد؛ لذلك عندما يُقيم العراق علاقة وطيدة مع الشقيقة السعودية ليس معناه أنه يدير ظهره إلى الجانب الآخر؛ فالعراق يريد أن يقيم علاقات متوازنة على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.


على ذكركم العلاقات مع تركيا، كيف هي الآن بعد ما شهدته من توتر بسبب تدخلها في العراق؟

رغم وجود مشاكل واختلافات بين العراق وتركيا بسبب وجود قوة تركية توغلت بداخل العراق وتحديدًا في منطقة بعشيقة، بدون موافقة الحكومة العراقية؛ إلا أن الأمر عاد لطبيعته، ما يعكس ما سبق أن ذكرته حول سياسات العراق الجديدة؛ فلو كان مثل ذلك الأمر حدث قبل عام 2003؛ لقامت الحرب بين العراق وتركيا، وهذه الحرب ليس فيها رابح.

إن العراق يحتفظ بعلاقات ممتازة مع أنقرة، ولديه تبادلات تجارية معها، تقريبًا على نفس المستوى للتبادلات التجارية مع إيران، وأعداد من السياح العراقيين يذهبون على مدار السنة إلى تركيا، كما أن العراقيون يشكلون رقم مهم في شراء الشقق في اسطنبول وسائر أنحاء تركيا، ونحن حريصون على استمرارية هذه العلاقة واستقرارها، وأى شئ يشوش على هذه العلاقة، يُمكن أن نُفككه بالحوار والتفاهم.

سفير العراق في القاهرة حبيب هادي الصدر (1)


وكيف ترى العلاقات بين العراق والغرب وأمريكا؟

العلاقات مع أمريكا علاقات تحكمها اتفاقية الإطار الإستراتيجي التي تم توقيعها في عام 2011، وهى تشمل العديد من الجوانب والميادين.. ووجه «ترامب» دعوة إلى «العبادي» الذي قام فعلا بزيارة لواشنطن، وكانت ناجحة بكل المقاييس، هذا إلى جانب اتصالات هاتفية ربما تصل إلى 4 مرات منذ تولي «ترامب» في يناير الماضي. وتعتبر أمريكا العراق شريكًا استراتيجيًا في مكافحة الإرهاب، وفي المنطقة، لذلك أعتقد أن العلاقات العراقية الأمريكية في أحسن حالاتها.

وبالنسبة لعلاقة العراق بدول الإتحاد الأوروبي فهي أيضًا ممتازة، وهو ما تجلى في الخطاب الذي ألقته منسقة السياسة الخارجية الأوربية، فيديركا موجيريني أمام الزعماء العرب في قمة عمان.

سفير العراق في القاهرة حبيب هادي الصدر (3)


وبالنسبة للعلاقات بين موسكو وبغداد؟

ممتازة أيضًا، مثلها مثل العلاقات مع أمريكا، وهنا أشير إلى أنه لا عجب من أن تكون علاقة العراق مع السعودية جيدة كعلاقتها مع إيران.. فلا يصح أن نقول أنك لو صديقًا لي، فيحتم عليك لو لي عدو أن تحرم عليك صداقته.


وماذا عن العلاقات العراقية المصرية ومجالات التعاون بين الجانبين؟

العلاقات العراقية المصرية عريقة ومتخذرة وتعود إلى ما قبل 5000 عام، ونشهد اليوم تقارب بين الجانبين يعكس عودة العلاقة إلى مسارها الطبيعي، والتي ستنمو تدريجيًا وتباعًا في المستقبل القريب حتى تصل إلى المستوى المرجو لها.

مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين كبيرة جدًا فهى في المجال النفطي: هناك مشروع تزويد مصر بمليون برميل شهريًا من  النفط الخام العراقي، مع تسهيلات بالدفع وقد أكمل الجانب العراقي توقيع العقد منذ أكثر من شهر، ومازلنا بانتظار توقيع الجانب المصري عليه. حيث كان من المفترض وصول شحنته الأولى خلال مارس الماضي، إلا أنه أُجِل بناء على الطلب المصري.

أيضًا هناك مشروع مليون برميل أخرى من النفط العراقي في المصافي النفطية وإعادتها إلى العراق كمشتقات. أما المشروع الأهم والذي يعتبر شريانًا اقتصاديًا استراتيجيًا بين البلدين؛ فهو مد أنبوب للنفط والغاز من حقول البصرة في جنوب العراق عبر الأراضي الأردنية إلى مصر، وسيُغذي هذا الأنبوب الاحتياجات الأردنية والمصرية من النفط والغاز وتصدير الباقي من خلال الموانئ المصرية إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية، شأنها في ذلك شأن ميناء جيهان التركي. فضلًا عن مشاركة الشركات المصرية للمرة الأولى في تاريخها في الاستكشافات النفطية في العراق في حقول المنصورية في ديالي، بالتنسيق في مجال التشييد والبناء للمشاركة في إعادة إعمار المناطق المحررة، إضافة إلى فرص إعادة تأهيل عدد من المصانع العراقية، والعمل في مجالات الطاقة، وتصدير المنتجات المصرية للأسواق العراقية. فضلًا عن ذلك؛ فإن هناك التعاون الأمني والإستخباراتي وتبادل المعلومات والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، إضافة إلى التعاون العسكري حتى تم الاتفاق على تدريب عدد من القوات العراقية في مصر. وسوف يتم عقد اللجنة العراقية المصرية المشتركة قريبًا حيث تم الاتفاق على رفع مستواها إلى لجنة عليا مشتركة برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين، ما يُسهم بشكل كبير في دعم العلاقات بين البلدين ونقلها إلى آفاق أرحب.

سفير العراق في القاهرة حبيب هادي الصدر (4)


هل الاهتمام بإمداد مصر بالنفط جاء على إثر موقف «أرامكو» السعودية؟

لا علاقة بين الأمرين.. ولكن النفط السعودي لا يسد إلا حوالي 20% من الحاجة المصرية، إذا لا زالت مصر في حاجة إلى النفط العراقي، ولا فرق بين النفط العراقي وبين النفط السعودي، والمهم لدى العراق أن لا تحتاج مصر إلا إلى نفط أشقائها. كما نسعى في العراق إلى المزيد من التعاون مع الشقيقة مصر، وأن يصل التبادل التجاري بين الجانبين إلى مستوى 10 مليار دولار سنويًا وربما أكثر، ولكن بالطبع يحتاج ذلك إلى إجراء خطوات وإجراءات من الجانبين.


وما المعوقات التي تقف في طريق المزيد من التعاون والتبادل التجاري بين مصر والعراق؟

هناك تقييدات مصرية على دخول العراقيين في مصر في الوقت الحالي، بسبب أن هناك مخاوف مصرية من أن يدخل مع العراقيين إرهابيين، علمًا بأن إدارة «ترامب» استثنت العراقيين من قوائم المنع، ما يعني أن أجهزة المخابرات الأمريكية ليست لديها هذه الهواجس المبالغ بها من قِبَل البعض.

إذا أردنا رفع مستوى التبادلات بين الجانبين؛ فعلينا أن نُسهِل حركة الأشخاص، كسواح وكرجال أعمال وكمستثمرين وكطلاب، وأيضًا نُسهِل حركة الأموال؛ فلو تحقق ذلك لفتحنا المجال واسعًا أمام تنشيط الحركة التجارية البينية بين البلدين.

 

سفير العراق في القاهرة حبيب هادي الصدر (5)

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق