مدير المتحف المصري يخرج عن صمته: خرجنا من المنافسة العالمية لضعف إنفاق الدولة وزوار حديقة الحيوانات أكبر من المترددين علينا.. محمد علي: الدولة تفرغ المتحف من معروضاته وبنصرف عليه من جيوبنا
الثلاثاء، 11 أبريل 2017 08:00 ص
- %60 زيادة في نسبة السياحة
- الأفضل نقل آثار المخازن للمتحف الكبير بدل من تفريغ المصري من معروضاته
- 19 قطعة مازالت مسروقة منذ أحداث 28 يناير
- المتحف مؤمّن بأحدث الوسائل، ولن يتعرض للاقتحام مرة أخرى والبنك المركزي يودع مقتنيات ثمينة لدينا لتأمينها
- من يقول إن آثار الخرطوم أقدم كمن يردد أن الشمس تشرق من الغرب
سراديب من الأسرار والألغاز يحويها المتحف المصري بالتحرير، الذي ما زالت بعض قطعه الأثرية مسروقة منذ أحداث 28 يناير 2011، المتحف الذي يسكن قلب العاصمة بمبناه الأثري مهدد بتهميشه نظرا لمنافسة غير متكافئة مع المتحف الكبير المقرر افتتاحه جزئيا العام المقبل، مدير المتحف المصري محمد علي، لم يدفن رأسه في الرمال، وكشف في حوار كاشف لـ«صوت الأمة» عن الكثير من هذه الأسرار وراء خروج المتحف من المنافسة العالمية، وفيما يلي نص الحوار:
س: ماذا عن عمليات الترميم بالمتحف المصري؟
عمليات الترميم تتم على مدار الساعة، لدينا معمل ترميم على أحدث مستوى، ومتابعين للقطع الأثرية على مدار 24 ساعة، كما يقوم المتحف بترميم القطع الأثرية التي ترد له من الخارج وكان آخرها اكتشافات المطرية، وجاهزون لترميمها وتنظيفها وتقويتها، فهناك فريق من المرممين على مستوى عال.
وهل يتم ترميم القطع الأثرية الموجودة بالمخازن؟
كل القطع الأثرية الموجودة في المخازن يتم عمل ترميم وصيانة دورية لها، ولها أمناء آثار قائمون عليها وفي عهدة أشخاص، «ايدنا فى المخازن» نقوم بترتيبها وتنظيفها ولها نظام دوري، ويتم جردها أيضا، والمتحف كله في حالة جرد حاليا، وبعض هذه القطع يتم فتحها للدراسة للطلاب، بعد الحصول على تراخيص، مقابل بعض الرسوم البسيطة للمصريين والأجانب.
ما عدد القطع الأثرية بالمتحف؟
المتحف يضم 160 ألف قطعة أثرية، ولكنها انخفضت بعد تحرك ما يقرب من 10 آلاف قطعة للمتحف الكبير، والمعروض ما بين 70 و80 ألف قطعة، ويبقى في المخازن النسبة المتبقية.
ماذا عن هذه القطع المخزنة.. كيف يتم الاهتمام بها؟
القطع موجودة فى المخازن بالمتحف المصري، ليست مهملة فهي موجودة بدواليب وبها اضاءة ولا يعني أنها مخزنة أن تكون مهملة، فهي محفوظة كأنها معروضة بالضبط، لكن الفرق بينها وبين المعروض أن الجمهور لا يشاهدها ونفتحها للدراسة والأغراض العلمية، فبعضها لا يخدم العرض، ولكنه يخدم العلم فيمكن أن تخزن، وآثار البدروم مضاءة وبها دواليب مناسبة للآثار وتهوية جيدة حتى لا يتضرر الأثر.
شهدت مصر خلال الفترة الأخيرة بدء نشاط في حركة السياحة بمصر.. هل ظهر ذلك على المتحف المصري؟
اللافت للنظر أن موسم السياحة الحالي والذي بدأ فى شهر سبتمبر من العام الماضي، زاد بصورة كبيرة، بسبب بدء توافد الكثير من الوفود السياحية على مصر خلال الشهور الماضية.
ما حجم هذه الزيادة؟
يمكن أن تقدر زيادة عدد السائحين على المتحف المصري بما يتراوح ما بين 50% و60%.
ما حجم الإيرادات التي تدخل للمتحف؟
لا أعرف حجم الإيراد بالتحديد؛ لأن هناك تذاكر مجمعة يتم بيعها من خارج المتحف، فبعض الزيارات يكون أصحابها تابعين لشركة وحصلوا على التذاكر من منافذ البيع، والإيراد يصب في وزارة الآثار، سواء الإيراد الداخلي للمتحف أو إيراد التذاكر المجمعة.
هناك انتقادات بأن بعض العاملين بالمتحف ليسوا متخصصين، وهو ما يضر بدقة وجمال العرض وصيانة الآثار وترميمها.. فما تعليقك؟
كل المرممين والآثريين الموجودين في المتحف المصري متخصصون في علم الآثار، وحاصلون على ليسانس آثار.
ما أكثر الجنسيات التي تزور المتحف المصري؟
تعد دول شرق آسيا، خاصة الصين، من أكثر البلدان التي لديها شغف بزيارة المتحف المصري، وبدأت السياحة الأوروبية تزيد ولكن بنسبة محدودة، وكذلك أمريكا الجنوبية، لكن عدد السائحين من الولايات المتحدة الأمريكية محدود.
عدد المصريين الذين يزورون حديقة الحيوانات أكثر من المتحف المصري.. ما تعليقك؟
آه طبعا.. ولكن خلال الفترة الأخيرة زاد عدد المصريين الذين يزورون المتحف المصري، فأنا متواجد منذ 23 سنة بالمتحف المصري وعدد المصريين الذين يتوافدون أكثر عن ذي قبل، وبلغت النسبة بالآلاف يوميا، ولكن في السنوات السابقة كانت النسبة بالمئات.
ما نسبة زيادة عدد المصريين الذين يتوافدون على المتحف المصري؟
نسبة زيارات المصريين وعددهم زاد بنحو 400%، وأن أكثر فئة عمرية هى من الشباب، وهذا نتيجة جهودنا في أننا ننادي بالاهتمام بالآثار، المصريون بدأوا يهتمون بالآثار، وأن أجدادنا خلفوا لنا آثارًا مهمة، والدولة لها يد إيجابية في انتشار علم الآثار، وأنشأت كليات متخصصة للآثار، وأقسام لها، بالعديد من الجامعات، ففي الصعيد هناك ـكثر من جامعة بها أقسام آثار.
المتحف الكبير سيلتهم الكثير من تراث المتحف المصري، فهل سيضر ذلك بالمتحف المصري؟
المتحف الكبير سيكون عملاقًا، وأكبر متحف على مستوى العالم في العصر الحديث، وستكون به وسائل لجذب الجمهور، وهو ما قد يؤثر على المتحف المصري.
ما مصير المتحف المصري بعد افتتاح منافسه الأول المتحف الكبير؟
سيظل المتحف المصري مفتوحًا، والمبنى مسجل أثري، وسيظل يستقبل الجمهور ويعرض الفن القديم كله، ما عدا مجموعة توت عنخ آمون، التي سيتم نقلها للمتحف الكبير «وهو ده اللي مزعلنا»، وكنا نتمنى بقاء هذه المجموعة لتعطي اكتمالا بالمتحف وثقلًا به.
وأرى كأثري ومتمسك بوجهة نظري، أنه لو كان لي منصب في الدولة أكبر، ولي الكلمة على الآثار لم أكن لأعمّر مكانًا على حساب آخر وأقيم متحفًا على حساب آخر، ولا أن أقوم بإنشاء متحف جديد على متحف قديم قائم بالفعل، وكان من الأولى ألا يأخذوا من آثار المتحف المصري، بل من المخازن بدلا من المعروض، وكنت أتمنى بقاء توت عنخ آمون بمكانه.
ما خطورة تفريغ المتحف المصري من الكثير من القطع المهمة؟
المتحف المصري يعطى أهمية لكل وسط القاهرة، ويعطي أهمية للبازارات التي تعمل عليه والفنادق المحيطة به، وشركات السياحة «بتاكل عيش» على المتحف، ويقع في مكان حيوي وسط ملتقى هيئات مهمة، مثل جامعة الدول العربية ومجمع التحرير ووسط البلد.
لماذا أساء المسؤولون التصرف في نقل أهم مقتنيات المتحف التي يشتهر بها ومنها مجموعة توت عنخ آمون؟
لا أعلم كيف يفكر المسؤول الآخر أنا تفكيري بنّاء، وأنا أشجع إقامة المتاحف في كل مكان لكن لا يكون بناء متحف على حساب آخر لدينا آلاف بل ملايين من الآثار موجودة في أماكن متفرقة، يمكن أن أوزعها، لكن المتاحف التي لها تاريخ وطابع خاص أتركها وأشوف غيرها، وأشوف المهمل والمخزون، وأشوف غيرها تحت الأرض، وأبني متاحف لها، بدلا من وضعها في المخازن لا يراها أحد، مثل مخازن الهرم وأسوان والأقصر والجيزة وسوهاج وسقارة كلها مليئة من بالقطع الأثرية.
والآثار المعروضة حالها سيكون أفضل من المخزونة حتى لو مهتمين بها، لأن ما أمام العين يتم الاهتمام به ففي المتحف المصري نتابع الأثر 24 ساعة وعايش معانا لو الأثر مال سنتيمترًا بتعامل معاه.
وأطالب المسؤولين بأن يأخذوا برأينا في إعادة النظر في القطع المقرر نقلها إلى المتحف الكبير، المتحف المصري هو نفسه أثر حاليا، ويجب الحفاظ على المتحف المصري من قبل الدولة بشكل أكبر من ذلك والاهتمام به بطريقة أكبر.
ما خطة المتحف المصري لمواجهة التحدي والمنافسة؟
لدينا خطة بعد تحريك آثار المتحف الكبير، وهي تضم خطة عرض جديدة، ونقوم حاليا بدهانات داخلية، وتطوير الإضاءة، وسنعرض الآثار بما يليق بها وسوف نعيد توزيعها، وإعادة العرض؛ لأن المتحف الكبير سيأخذ الآلاف من القطع الأثرية، وبالتالي سيكون هناك فراغ.
لماذا لا ينافس المتحف المصري عالميا؟
لأن إمكانيات الدولة ضعيفة فيه شوية، إحنا بندفع من جيوبنا هنا، وللأسف الشديد الدولة لا تولي اهتمامًا كافيًا بالمتحف.
ماذا عن مصير القطع الأثرية التي سُرقت في أحداث 28 يناير؟
معظم هذه القطع تمت استعادتها، وكانت تبلغ 300 قطعة، رجعت جميعها ماعدا 19 قطعة لم يتم ضبطها، وكان منها ما وُجد حول المتحف، وتم ضبطها من قِبَل شرطة السياحة والآثار والجيش.
ما حقيقة أن القطع التي تمت سرقتها من المتحف كانت في المخازن وهو ما يشير بالاتهام إلى بعض العاملين؟
هذا الكلام غير صحيح فجميع القطع التي تمت سرقتها كانت من المعروضة؛ لأن المخازن مغلقة ومحكمة، لكن المعروضة كان ممكن كسرها والاعتداء عليها في الفاترينات، لكن الآن هناك وسائل للتأمين قوية فهناك غرفة مراقبة وحساسات ورصد للحركة وتسجيلات، ولم يكن نظام التأمين الموجود حاليا بهذا الشكل قبل 28 يناير، فنظام التأمين تم تحديثه بشكل قوي جدا بعد أحداث 28 يناير 2011.
هل يتم تتبع هذه القطع تحسبا لبيعها أو عرضها في صالات البيع المنتشرة؟
آثار المتحف المصري مسجّلة، وبالتالي هذه القطع سوف تعود للمتحف مرة أخرى، ومنشورة بالعالم كله، ولو ظهرت في أي مكان ستتم استعادتها.
ما أكثر الدول التي تعرض الآثار المصرية المسروقة والمهربة من مصر للبيع بالخارج؟
دول كثيرة، والآثار المصرية في كل مكان، مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وأمريكا ودول أخرى.
أنا أقصد الآثار والقطع الأثرية المهربة وغير المسجلة!
تم تهريبها بطرق مختلفة فمثلا ايام البعثات كانوا بيأخذوا جزء من الاثار المكتشفة، وبعضها خرج من مصر عن طريق الاهداءات من قبل حكام مصر قبل ثورة يوليو 1952 ، كما أن اوائل القرون الماضية كانت الاثار تشترى وتباع ، وبعضها كان مسروق،وبالتالى كم كبير منها خرج منها، ونحاول نسترد الآثار فهناك إدارة للآثار المستردة بالوزارة وتقوم فى الكثير من الأحيان بالنجاح فى استعادة الآثار المسروقة والمهربة، ونتبع الوسائل القانونية لرجوعها لمصر عن طريق السفارات المصرية المنتشرة بدول العالم.
ما حقيقة أن البنك المركزى عندما كان يريد أن يحفظ أشياء ثمينة كان يودعها في المتحف المصري؟
نعم هذا حقيقي؛ نظرا لدقة تأمين المتحف، لكن الآثار أغلى من كنوز البنك المركزي، فالدولة تأتمن المتحف المصري للحفاظ على الآثار، وإن الفلوس والذهب لو مهمة مرة، فالآثار مهمة 24 مرة، وهى آثار ملك للبشرية.
مؤخرا قال مسؤولون سودانيون إن أهرامات السودان أقدم من أهرامات الجيزة، وأن فرعون كان سودانيا، وهناك بعض الدول تعبث بالسودان ضد مصر كقطر التي تمول بعض المشاريع الأثرية بها، ما تعليق حضرتك؟
الفراعنة مصريون ومعروف مولدهم ومدافنهم وأماكنهم، وهذا الكلام لا يدخل المخ، والآثار المصرية علم ملموس ومستخرجة من أرضنا، فأنا لا أعير هذا الكلام اهتماما، مثل الذي يقول أن الشمس تشرق من الغرب، الأعمى والبصير والمعتوه والذكى والغبي يعلم أن الآثار المصرية ملكنا ومعروفة أنها بُنيت على أرضنا، وأنها أقدم من أهرامات السودان، فعندما بنى المصريون القدماء المصريين أهرامات الجيزة كان العالم مازال يسكن في أكواخ بسيطة، فالمصريون القدماء هم الذين علّموا البناء للبشرية كلها.