ياقلبى ياكتاكت.. الفانوس والقلب المظلم
الإثنين، 10 أبريل 2017 08:30 م
بالأمس استيقظت من نومى فزعا غارقا فى عرقى باحثا عن كوب ماء يبلل ريقى، فقد رأيت نفسى فى المنام أجلس لتقديم واجب العزاء فى المرأة التى أحبها رأيت الجميع يترحم عليها ويذكر سيرتها العطرة، طلبت منهم أن يدخلونى إلى حجرتها لألقى عليها نظرة أخيرة، وعندما فتحوا الباب رأيتها فى الفراش تنظر لى بلوم وعتاب وتقول لى لن أسامحك.
تبدأ حكايتى معها عندما أحببتها عن طريق صداقتى بها على الفيسبوك فهى سيدة فى منتصف العمر مطلقة جميلة وطيبة الخلق، يتمنى أى رجل الارتباط بها تقربت إليها وصرنا صديقين ثم صارحتها بإعجابى بها الذى تطور من خلال أحاديثنا إلى حب جارف فلم أعد أستطيع الاستغناء عن لقاءاتنا على الشات التى تمتد إلى ما بعد منتصف الليل وصارت رسالتها الصباحية لى أهم من فنجان القهوة، وقد لمست منها أيضا ميلا عاطفيا نحوى.
لكن.. وآه من لكن هذه يا سيدتى، لكن لها ولدان من زوجها السابق يعيشان معها وهما فى طور المراهقة، يغاران عليها ولا تستطيع مصارحتهما برغبتها فى الزواج، وقد ناسب ذلك رغبتى فى أن يكون زواجنا سريا فأنا أيضا لى ظروفى.. أنا متزوج وأب لثلاثة أبناء، زوجتى هى ابنة عمى ولا أستطيع كسر قلبها، وقد تزوجنا عن حب ولكنه خبا فى روتين الحياة اليومية، وأصبحت العشرة والأولاد والقرابة هى ما يجمعنا لكننى لا أستطيع المجاهرة بالزواج عليها، ففى ذلك خراب بيتى وضياع أولادى واهتزاز صورتى اجتماعيا أمام عائلتى وأصدقائى.
ورغم أن حبيبتى لم تكن تقل تعليما ولا جمالا ولا رجاحة عقل عن زوجتى أم أولادى، بل بالعكس ربما فاقتها فى كل ذلك بالإضافة إلى حنانها ومشاعرها الفياضة نحوى، فقد رضيت أن يكون زواجنا سريا.
ولأننى كنت أحب أن أحتاط وأحسب لكل خطواتى، فقد تزوجتها عرفيا دون توثيق فقط ورقة رضيت بها لأنها تحبنى وبالنسبة للمهر والشبكة، فقد وعدتها أن أقدم لها خاتما من الذهب حين تتحسن ظروفى المادية، فأنا تاجر وقد كنت أمر وقتها بأزمة مالية، وقد قدرت ظروفى ولم تطالبنى بشىء فتزوجتها بسبحة كمهر وشبكة رمزية مع وعد منى بأن أعوضها عن كل ذلك.
ليلة دخلتنا رأيت الجنة بعينى فيالها من امرأة باذخة الجمال رقيقة الطباع طيبة المعشر أغرقتنى فى حبها حتى تساءلت لماذا تحبنى امرأة كهذه ؟ ما الذى يمنحه لها وجودى معها؟
قالت لى إنها تشعر معى بالأمان وترى فى كل آمالها، قالت إنها لا تشعر بأننى زوجها، بل طفلها الثالث المدلل وأنها ستظل بجانبى دوما ولن تفارقنى.
فى تلك الليلة بتنا سويا فى شقة لى بإحدى المدن الجديدة بعيدا عن شقة زوجتى وأولادى، وكانت هى الليلة الأولى والأخيرة التى تغيبت فيها عن منزلى فبعدها صارت لقاءاتنا تتم بالنهار.
ولظروف عملى لم أكن أستطيع مقابلتها مرة أسبوعيا كما اتفقنا فأحيانا كثيرة كنت أغيب عنها ما يقارب الشهر، إما لانشغالى بسفر أو عمل أو بأسرتى.
فى البداية كانت تصبر وتتحمل، ثم بدأت تطالبنى بتحديد مواعيد ثابتة للقاء.
كانت تترك أبناءها وتلبى طلبى فور أن اطلبها للقاء حتى لو كان الوقت غير مناسب، أما أنا فقد كنت أرفض طلب اللقاء إذا لم يناسبنى.
لم أكن أمنحها أى نقود إلا أجرة التاكسى لكى تعود إلى بيتها والتى كانت تأخذها على استحياء.
مر على زواجنا 5 شهور وهى تشكو وأنا أماطل واعتذر وأتخفف من حملها أحيانا، فقد بدأت أشعر بأننى شبعت منها ولا داعى لكثرة اللقاءات.
لم يكن ذلك شعورا مباشرا وقتها لكننى أعرف الآن ما حدث لقد أخذت الكثير وأعطيت القليل ولكننى لم أقدر ما كان بين يدى.
جاء رمضان ونحن زوجان، عرضت عليها مبلغا من المال بمناسبة رمضان لأساعدها فى النفقات فرفضت برقة. ولكنها طلبت منى طلبا واحدا قالت إنها تريد منى فانوس هدية بمناسبة رمضان، وقد وعدتها بأن آتى لها بالفانوس.
لم أكن أعلم أن هذا الفانوس سيكون سبب فراقنا، فقد جاء رمضان بطقوسه وروحانياته والتزاماته العائلية والأسرية، وقد ألزمنى بأن أكون إما عازما أو معزوما، فما أوسع دائرة الأهل والأصدقاء.
فى أول رمضان تحادثنا وتبادلنا التهانى على الشات وذكرتنى بالفانوس فأكدت لها أنى سآتى به.
مرت الأيام وانشغلت حتى جاء منتصف رمضان، وشعرت بالحنين إليها فحادثتها بعد الإفطار مباشرة وطلبت منها أن ألقاها.
لم ترفض طلبى وجاءت لى رغم بعد المسافة لتقضى معى ساعتين بين الإفطار ومنتصف الليل، وتعود إلى أولادها لتعد لهم السحور.
جاءت تحمل لهفتها وقلبها الطيب قبل رغبتها كأنثى.. جاءت لتؤكد لى حبها واحتياجها لى.
احتضنتها وقبلتها بمجرد وصولها، فسألتنى بفرحة أين الفانوس؟
تلعثمت ورددت بأننى كنت فى عجلة لألحق بموعدى معها فلم أتمكن من شرائه.
رأيت خيبة الأمل وهى تتسلل إلى ملامحها لكننى مزحت معها وقلت لها بثقة: قبل أن ينتهى رمضان سيكون عندك أحلى فانوس.
قارب رمضان على الانتهاء يا سيدتى، ولم أقم ويا لغفلتى بشراء فانوس لا يتجاوز ثمنه خمسين جنيها لأرضى حبيبتى تلك المرأة التى تزوجتنى دون مهر ولا شبكة، ولا إعلان لزواجنا.
هل لم أكن أعلم ماذا يمثل الفانوس لديها ؟.
كنت أعلم جيدا ماذا يعنى طلبها أنه ليس طلبا ماديا ليس شقة ولا خاتم ألماظ ولا سيارة إنه مجرد تذكار محبة ودليل على ارتباطنا هدية عاطفية وليست مادية لكننى أنكرتها عليها.
فى أواخر أيام رمضان حدثت بيننا مشادة على الشات واتهمتنى بالبخل المادى والعاطفى.. حاولت تهدئتها لكنها كانت قد وصلت لأقصى درجات الغضب وطلبت الطلاق.
فى أول أيام العيد ألقيت عليها يمين الطلاق بدلا من كلمة كل سنة وأنت طيبة.
مر على فراقنا سنة وفى خلال تلك السنة عرفت أننى فقدت امرأة لن تعوض اكتشفت أننى أحبها ولا أستطيع نسيانها ندمت على استهتارى بطلبها البسيط وبمشاعرها وعلى تقصيرى تجاهها.
صورتها على الفيسبوك-فمازلنا أصدقاء عليه- تطاردنى وتذكرنى بأيامنا الجميلة القليلة معا.
هل أطلب منها أن تعود لى؟ هل ستقبلنى بعد كل ما جرى؟ هل أتوقع رفضها أو ارتباطها بآخر؟ هل سترحب بى بنفس شروط زيجتنا الأولى؟
الحائر ع.م
عزيزى ع تكاد رسالتك تنطق بالرد عليها، فأنت وربما معظم الرجال تشتركون فى صفة واحدة، إذ تتوقون إلى البعيد الغالى صعب المنال وتزهدون مابين أياديكم وترونه رخيصا وإن كان عزيزا وطيبا، فأنت كنت تهنأ بحياتك الأسرية المستقرة دون تنغيص أو مشاكل لكنك فقط تريد التجديد وأن «تدلع» نفسك فتجد ضالتك فى امرأة مطلقة تستغل احتياجها وظروفها الأسرية لتتزوجها دون أى تكاليف مادية رغم مقدرتك.
لقد كان أمامك فرصة خمسة شهور لكى تعطى المرأة ولو جزءا من حقها فى شبكة رمزية فلم تفعل ففتحت لك بابا صغيرا لتثبت لها أنك «شارى» وأنك محب، طلبت «فانوس»، فحالت ظلمة قلبك وقصور تفكيرك دون تحقيق رغبتها البسيطة المشروعة.
ما الذى تنتظر منى أن أنصحك به لقد جرحت امرأة وخذلتها وأكلت حقها والآن تبكى وتحاول استعادتها.
لا أنصحك بتلك المحاولة يا عزيزى، فستكلفك الكثير وستسمع منها ما لا تود سماعه إلا إذا كنت قد تخليت عن بخلك الفطرى واستبعد ذلك فأنت إنسان أنانى تريد امتلاك كل شىء وما رغبتك فى استعادتها إلا رغبة فى التملك فلو كنت تحبها بحق لما فرطت فيها.
ابتعد يا عزيزى ودعها وشأنها ربما رزقها الله بمن يقدرها ويعوضها وربما كان ذلك درسا تتعلم منه الكثير، فحافظ على زوجتك الأولى، فالمؤكد أنك مقصر فى حقوقها أيضا فسارع إلى إصلاح الأمر قبل أن يفوت الأوان.