الوجه الحقيقي لـ «الإرهاب الأسود»
الأحد، 09 أبريل 2017 03:16 م
أؤكد أن أمر الإرهاب الذى يضرب مصر منذ عده سنوات، وحصد ومازال يحصد عشرات الأروح اليوم باسم الإسلام لن ينتهى فى القريب العاجل، وأن الامر أصبح يحتاح بالتوازى مع الإجراءات الأمنية، إلى تحرك من كل المؤسسات الدينية، وزارات الإعلام والثقافة والتعليم والوزارات الدينية على إختلاف مسماياتها فى العالم الإسلامى، للوصول بالفكر الإسلامى المعتدل إلى ملايين الشباب، الذين يقعون بشكل مباشر فريسة لجماعات التكفير والتفجير والقتل والتخريب، إستنادا لأفكار مغلوطة توهمهم أن المجتمعات التى يعيشون فيها "كافرة" ويقوم على أمرها مجموعة من "الحكام الكفرة" يشرعون من غير ما أنزل الله، ويتخذون من انفسهم اندادا للمولى عز وجل، وأنه فرض عين عليهم محارباتهم، ومعهم كل من رضى بولايتهم.
لاسيما وأن كل القائمين على أمر الدعوى والفتوى فى المؤسسات الإسلامية الرسمية، يعلمون جيدا أن أغلب هؤلاء القتله يستندون فى تفجيرهم وتخريبهم وقتلهم لفكرة "الحاكمية" التى احياها المفكر الهندى "أبو الأعلى المودودى" الذى كون الجماعة الإسلامية، وبدأ يستدعى فكرة الحاكمية من جديد، وكتب كتابا أسماه "المصطلحات الأربعة فى القرآن" وحددها مصطلحاته بـ ( الإله ـ والرب ـ والعبادة ـ والدين) مؤكدا انها يقوم عليها الإسلام، وفسر كلمة الإله بأنه الحاكم، والألوهية بالحاكمية، والعبودية بأنها الطاعة لحكم الله، مؤكدا إن الله له الحكم والسلطة، والخلق ليس لهم إلا الطاعة المطلقه، ومن يدعى أن له حرية فى أن يحكم أو يصدر قوانين يخضع لها البشر فهو (كافر) لأنه ينازع الألوهية فى أخص خصائصها وهى (الحاكمية) وان من يطيع من يحكم ويضع القوانين الحاكمة هو أيضا (مشرك) لأنه اتخذ من دون الله إلها آخر.
ولعل الغريب فى الأمر أن ما أتى به المودودى من مفهوم "الحاكمية" وكان الدافع وراء الجماعات المسلحة للقتل والتخريب، هو ذات الفكر الذى اتى به الخوارج الذين أرغموا "على بن ابى طالب" ـ عليه السلام ـ على قبول التحكيم، بعد اقترابهم من الهزيمه، ثم انشقوا عنه، وقالوا الحكم لله، وكفروا الصحابة وعلى بن ابى طالب وقتلوه، واندثر هذا الفكر باندثار الخوارج، إلى أن أحياه المودودى.
ثم جاء "سيد قطب" فتبنى فكر المودودى، وانطلق منه، وانتهى إلى أن "الحاكمية لله" وأن الألوهية هى الحاكمية، وأن كل البشر الذين يعطون لأنفسهم الحق فى إصدار قوانين أو تشريعات، يخرجون من "الحاكمية الإلهية" إلى "الحاكمية البشرية" ومن ثم أصبح البشر محكمون بقوانين غير قوانين الله، وبأنظمة لا يرضى عنها الله، وتخالف شرائعه، وبالتالى أصبح هذا المجتمع ـ طبقا لفكرة ـ "كافرا ويعبد غير الله".
كما انتهى فكر سيد قطب، الذى بثه من خلال كتبه، وتبناه الالاف من الشباب، إلى "أن المجتمعات التى تعيش فيها الأمة الإسلامية الآن هى مجتمعات جاهلية مركبة، حيث توجد قوانين ودساتير تحكم المجتمعات، وتوجد أنظمة وقوانين دولية " وهى جميعها تعد من وجهة نظره "أصنام" وبالتالى أصبح يوجد بالمجتمعات الاسلامية الآلاف الأصنام يعبدها المسلمين من دون الله.
للأسف، أن هذه المفاهيم التى جاء بها "سيد قطب" والتى ما أنزل الله بها من سلطان، وجدت من تبناها من الدعاة، واستطاعوا ان يغسلوا بها رؤوس الآلاف من الشباب، الذين انساقوا إلى التفجير، والتدمير، وقتل الأبرياء، من منطلق انهم يقومون بأعمال جهادية قد تقودهم إلى الجنة، وأن من يقتلون فى تلك العمليات ما هم إلا مجموعة من "الكفرة" الذين اتبعوا قوانين وضعية أمر بها حاكم كافر اتخذ من ذاته ندا لله.
أعتقد أن المواجهات الامنية الصارمة بمفردها مع هؤلاء الشباب المضلل لن تجدى، لأنهم يستقطبون يوميا العشرات من الشباب، وأن الأمر يتطلب ضرورة تشكيل جبهة دولية من العلماء من كافة أنحاء العالم الإسلامى، تشارك فيه كل الوزارات والقطاعات المعنية، للوصول بخطاب إسلامى معتدل إلى هؤلاء الشباب، وتجنيب العالم مذيد من الأرواح التى تزهق يوميا دون ذنب.