الطاهر أحمد مكي.. الموت ليس محطته الأخيرة
الأربعاء، 05 أبريل 2017 03:00 مكتب- إسراء سرحان
«إِنما الموتُ مُنْتهى كُلِّ حي لم يصيبْ مالكٌ من الملكِ خُلْدا، سنةُ اللّهِ في العبادِ وأمرَ ناطقٌ عن بقايهِ لن يردا».. مقولة خالدة لأمير الشعراء أحمد شوقي فالموت من عند الله، وليس في مقدرة البشر التدخل فيه، يكون المحطة الأخيرة لمن ذهب من هذه الحياة كما جاء، ولكن هناك أناس تتوفي تاركه وراءها إرث يحيها إلى أبد الآبدين ومن بينهم الدكتور «الطاهر أحمد مكي»، الأستاذ بكلية دار العلوم والمولود في 1924، الذي وافته المنية اليوم.
«الطاهر مكي» هو أكاديمي وباحث في الأندلسيات ومترجم ومحقق وناقد مصري، حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1992، شكل مدرسة بحثية متفردة في النقد، فهو ينتمي إلى أوائل من درس الأدب الأندلسي، يؤمن بالقدر إلى حد كبير، من ترحاله وأسفاره المتعددة تعلم الكثير، وتمتع بحرية في اختيار حياته ومسلكه، مقتدياً بمقولة أحد الكبار له: «جرب كل الطرق، والطريق الذي لا يعجبك عُد منه».
ألف الطاهر مكي كتابه الفذ «الأدب المقارن أصوله وتطوره ومنهجه»، الذي شهد علي عبقريته، واستطالته العلمية، ويعد كتابه «دراسات أندلسية في الأدب والتاريخ والفلسفة» من أهم الدراسات المتعمقة في تاريخ الأندلس الثقافي، والحضاري، فقد جلب الأندلس إلينا بهذه الكتابات.كما كتب في الأدب وتاريخه، وفي المعارف، والتحقيق، وفي الحضارة، وكتب فالتاريخ، فأرخ ما غاب عن أهل التاريخ.
درس«الطاهر» وترجم «ملحمة السيد» عن اللغة القشتاليه الصعبة، فكانت شاهدًا علي تمكنه من اللهجات الأسبانية القديمة، واللغة اللاتينية، الدكتور حامد أبو أحمد وصف جهد أستاذه الطاهر مكي المضني في نقل وتعريب هذه الملحمة؛ فقال: «لقد أخرجها الطاهر مكي من العدم، إلى واقع الحياة؛ فتغلب على صعوباتها اللغوية، واللهجية القديمة؛ بصبر العالم الموسوعي، وهمة المحقق المترجم، وقلم الأديب الفنان».
قال عنه تلميذه الدكتورالراحل عبد اللطيف عبد الحليم (أبو همام) (1945- 2014م): «الطاهر مكي هو شيخ الأدب والنقد في دار العلوم؛ بلا منازع! فمن تتلمذ على يديه؛ حاز الفخار والرفعة، ومن لم ينل منه أنوار المعرفة، وقبسات اليقين والعلم الروحاني؛ فلا يلومن إلا نفسه».
وصفه الدكتور أحمد فؤاد باشا في مقاله بمجلة «الوعي الإسلامي» الكويتية قائلاً: «الطاهر مكي عميد الدراسات الأندلسية في مصر والوطن العربي».
ولد في 7 أبريل 1924، في عائلة تنتمي لقبائل عرب المطاعنة في قرية كيمان التابعة لمركز إسنا بمحافظة الأقصر (كانت تابعة لمحافظة قنا آنذاك)، التحق بالتعليم الأزهري فحصل على الابتدائية من المعهد الديني بقنا، ثم انتقل في المرحلة الثانوية إلى القاهرة، تخرج مكي في كلية دار العلوم بالقاهرة عام 1952، وفي عام 1961 حصل على دكتوراه الدولة في الأدب والفلسفة بتقدير ممتاز من كلية الآداب بالجامعة المركزية بالعاصمة الإسبانية مدريد.