بشائر موازنة العام المالى الجديد.. جيب المواطن هو الحل
الإثنين، 03 أبريل 2017 01:45 مكتبت- ماجدة خضر
يبدأ البرلمان خلال الأيام المقبلة، مناقشة مشروع الموازنة الجديدة للعام المالى ٢٠١٧- ٢٠١٨ والذى تستهدف فيه الدولة اتخاذ إجراءات ضريبية جديدة فى هذه الموازنة، ستسعى من خلالها إلى زيادة الحصيلة الضريبية لتصل إلى ٥٦٢ مليار جنيه، وفقا لما صرح به وزير المالية، عمرو الجارحى بزيادة نحو ١٢٩ مليار جنيه، عن العام المالى السابق « 433 مليارا و300 مليون» فيما أكد أحمد كوجك، نائب وزير المالية لـ «صوت الأمة» أن حصيلة الضرائب سترتفع إلى ٦٠٠ مليار جنيه أى بزيادة ١٦٦ مليار جنيه.
والسؤال هنا من أين ستأتى الدولة، بزيادة الحصيلة الضريبية للعام المالى الجديد؟ خاصة مع تخوفات بأن تلجأ الحكومة، مع انخفاض إيرادات الدولة وارتفاع الديون الخارجية، وعجزها عن سد العجز فى الموازنة، أن تستدير للمجتمع لكى تستقطع منه موارد أكثر فأكثر، لتتحول بالتدريج وبثبات إلى دولة الجباية، والتى تقاتل من أجل زيادة ما تستقطعه من المجتمع، وبالتحديد من جيوب المواطنين، ومن خلال الضرائب المضمون تحصيلها مثل ضريبة الدخل بالنسبة للموظفين، والضرائب غير المباشرة التى يدفعها المستهلك على فواتير الخدمات كالكهرباء، والغاز والمياه والنظافة، والتليفونات وغيرها فالمواطن يساهم بـ٥٦٪ من إجمالى حصيلة الضرائب.
بقراءة سريعة فى الأرقام سنجد أن الحصيلة المتوقعة من الضرائب هى أعلى حصيلة ضريبية تستهدف الحكومة جمعها، وبمقارنة هذه الحصيلة بما حصلته الحكومة منذ 10 أعوام على سبيل المثال فى عام 2007، يتضح أنها تقريبا أكثر من ستة أضعاف ما حصلته الحكومة فى هذا العام، والتى كانت 105 مليارات و645 مليون جنيه، أى أن الحكومة ضاعفت حصيلتها الضريبية من المواطنين ٦ مرات خلال 10 سنوات فقط، ليتحمل المواطن العبء النهائى للضريبة، فتشير الإحصاءات إلى أن المصرى يسدد ٢٨٪ من دخله للضرائب، يعمل بها نحو ٣ أشهر فى السنة وتسدد الشركات ١٣.٢٪ بما يوازى نصف شهر عمل تقريبا بينما يدفع الأمريكى ١٠٪ فقط من دخله للضرائب وتنخفض إلى ٥٪ فى جنوب افريقيا.
وتشير بيانات الموازنة العامة للدولة إلى تطور حصيلة الضرائب على المرتبات، وقد زادت من ٤ مليارات جنيه إلى ٤٠ مليار جنيه خلال الفترة من العام المالى ٢٠٠٢- ٢٠٠٣ إلى العام المالى ٢٠١٥-٢٠١٦ أى زادت ١٠ أضعاف عما كانت عليه.
وفقا لنفس المصدر، فقد زادت حصيلة ضريبة المبيعات « القيمة المضافة « من ٢٣ مليار إلى ٢٠١ مليار جنيه خلال نفس الفترة لتعكس لنا هذه الأرقام حجم الأعباء التى تلقى على عاتق المواطن المصرى.
يحدث ذلك فى الوقت الذى رفضت «المالية» زيادة مرتبات الموظفين أكبر الممولين للضرائب، ورفضت أيضا اقتراح النواب بزيادة حد الإعفاء الضريبى، خوفا من زيادة عجز الموازنة، فى الوقت الذى وضعت ضريبة دمغة على أرباح البورصة، التى لا تمثل قيمة كبيرة فى الحصيلة الضريبية النهائية، فهى لا تزيد على ١.٢٥ فى الألف خلال السنة الأولى، تقسم بين البائع والمشترى، وتصل تقديراتها بحسب تصريحات أحمد كوجك لـ «صوت الأمة» إلى مليار ونصف جنيه، فى الموازنة الجديدة ولم يقتصر الأمر على ذلك، لكن رفضت المالية ما طلبه الصندوق من فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة.
هذا الانحياز الواضح من الحكومة لرجال الأعمال والمستثمرين، وفى مقدمتهم المضاربين بالبورصة، يشير إليه رضا عيسى الخبير فى الشأن الضريبى نافيا ما تروج له الحكومة، بأن البورصة هى مرآة للاقتصاد تعكس نشاطه قائلا: « أى بورصة يتحدثون عنها، وعدد الشركات المقيدة بها لا يزيد على ٢٠٠ شركة، بينما مصر بها ٣٥٠ ألف شركة، جميعها خارج نشاط بورصة الأوراق المالية، بالإضافة إلى أن كبرى الشركات غير مقيدة بها مثل البيبسى وكاكولا، مرسيدس، فرج الله، شركات القنوات الفضائية، اتصالات، فودافون وغيرهم، لافتا إلى أن احصائية للبنك الدولى كشفت عن أن عدد الشركات التى سجلت فى البورصة، عام ٢٠٠٦ وصلت إلى ١٦٠٠ شركة عندما كانت تتمتع هذه الشركات، بإعفاء ضريبى وعندما انتهت فترة الإعفاء، وطلب من هذه الشركات الإفصاح عن أرباحها انسحبوا على الفور.
أضاف «عيسى»: « كفانا ضرائب غير مباشرة، الشعب المصرى فرضت عليه ضرائب كثيرة غير مباشرة مثل الضريبة العقارية، وضريبة المبيعات التى تحولت إلى القيمة المضافة، فى حين تم تجميد ضريبة الأرباح على البورصة، مطالبا بتطبيق الضرائب التصاعدية على أرباح الشركات وتطبيقها على الضريبة العقارية لتتحقق العدالة فى توزيع الأعباء.
ويشير عيسى إلى أن هيئتى البترول وقناة السويس يساهمان بأكثر من ثلثى حصيلة ضرائب الشركات وهو ما يعنى أن الدولة إما عاجزة أو غير راغبة فى فرض وتحصيل الضرائب على شركات الأموال الخاصة، والتى تمثل القطاعات الأوسع فى الاقتصاد المصرى سواء فى الصناعة أو الزراعة أو التجارة أو السياحة أو غيرها من المجالات الإنتاجية، وذلك يعيدنا إلى نقطة الصفر وهو أن أصحاب رأس المال الخاص لا يتحملون نصيبا يذكر من تمويل الأعباء الضريبية فى مصر.