«مسعفو سيناء».. جنود الإنسانية في مرمى نيران الإرهاب (تقرير)

يؤدون واجبهم ببسالة، ويحملون أرواحهم فوق أكفهم، وكل هدفهم هو أداء مهمتهم الإنسانية على أكمل وجه، مهما تعددت المخاطر يهرعون إلى مواقع الأحداث استجابة لنداء الواجب ، الذي يقضي بإنقاذ المصابين ونقلهم إلى المستشفيات المختلفة للحفاظ على حياتهم.. إنهم رجال إسعاف شمال سيناء، الذين يقفون على خط النار يعملون على مدى 24 ساعة، رغم تعرضهم لخطر الموت بنيران الإرهاب التي باتت على مرمى حجر من سياراتهم.

ونتيجة لاستشعارهم بالخطر المحيط بهم نظم السائقين والمسعفين بمرفق إسعاف شمال سيناء، وقفة صامته ارتدوا خلالها الأكياس السوداء التي توضع بها جثث القتلى، تعبيرا عن الخطر الذي يتعرضون له خلال عملهم الميداني ما يعرضهم للموت بصورة يومية، وتنبيها لمخاطر تفجير سيارات الإسعاف وإصابة زملائهم دون اتخاذ أي إجراءات لحمايتهم خلال خروجهم الميداني لنقل المصابين والحالات المدنية من مناطق الحرب على الإرهاب بشمال شرق سيناء.

خلال الأسابيع الماضية انفجرت عبوة ناسفة زرعها إرهابيون من عناصر من تنظيم «داعش» في سيارة إسعاف كانت تقل مصابين من قوات الأمن قادمة من رفح في طريقها إلى المستشفى العسكري بالعريش، ما أسفر عن إصابة السائق رضا المحمدي والمسعف المرافق له محمد صباحي بشظايا متفرقة بأنحاء الجسم، فيما تعرضت سيارة الإسعاف لأضرار نتيجة الانفجار.

وخلال الأشهر الثلاثة الماضية تعرضت سيارات أخرى للتفجير بواسطة عبوات ناسفة، وتم اختطاف سيارة إسعاف على أيدي إرهابيين تحت تهديد السلاح ، وقبل أيام ووزع إرهابيين يستقلان دراجة نارية بيانا صادر عن تنظيم «داعش» على سائقي سيارات إسعاف يحذرونهم من نقل مصابي الجيش والشرطة ، ونقل المصابين المدنيين والأبرياء فقط وإلا فإنهم يعرضون حياتهم للخطر.

واستشهد كل من المسعف «رضا الشحات»، من أبناء محافظة الشرقية، اثر إطلاق نار على سيارة إسعاف كانت قادمة من المنطقة الحدودية  بطريقها لمستشفى العريش، واستشهد المسعف «السيد صبح»، من أبناء شمال سيناء، متأثر بإصابته بطلق ناري، أطلقه عليه مسلحين خلال نقله لحالات من منطقة جنوب الشيخ زويد.

تهديد مسلحين
و اقتحم، مؤخرا، عدد من الإرهابيين المسلحين الوحدة الصحية التابعة لمنطقة السمران بمدينة العريش في شمال سيناء، وتم توزيع منشور يهدد رجال الإسعاف بعدم نقل أي من مصابين الجيش والشرطة، الأمر الذي أثار حالة من الخوف الشديد بين السائقين والمسعفين وطلبوا نقلهم إلى محافظاتهم المختلفة خوفا على حياتهم من القتل على أيدي الإرهابيين.

وحسب العاملين في مرفق الإسعاف، فإن البيان تم توزيعه في نقاط إسعاف «السمران، والزهور» في مدينة العريش،  وتم تنفيذ تهديدهم لنا بزرع العبوات الناسفة بالطرق التي تسير عليها سيارات الإسعاف وهي في طريقها إلى إنقاذ المصابين بمواقع الأحداث خاصة بمناطق الحدود الشيخ زويد ورفح.

يقول  الدكتور محمود عامر، مدير عام مرفق الإسعاف: إنه فور علمهم بواقعه توزيع المسلحين لبيانهم على سائقي سيارات الإسعاف، تم إبلاغ الجهات المعنية وهيئة الإسعاف المصرية وحتى الآن لم يتم اتخاذ أي قرار من قبل المسؤلين.

وأضاف: مازالت حياة سائقي سيارات الإسعاف والمسعفين في خطر، وأصيب اثنين من مرفق الإسعاف في انفجار سيارة إسعاف بواسطة عبوة ناسفة على الطريق الدولي برفح.

ويؤكد مدير مرفق إسعاف شمال سيناء، أن رجال الإسعاف وجميع طاقم الإسعاف ما زالوا  مستمرون في عملهم لإنقاذ المصابين، والحفاظ على جميع أرواح المواطنين دون تفرقة أو تدخل في معرفة هوية المصاب.

وطالب الجميع بالبعد عن رجال الإسعاف، لأنهم ليسوا أطراف نزاع في أي أحداث تشهدها منطقة شمال سيناء سواء بالعريش أو الشيخ زويد ورفح.

تهديد شفهي
هاني العزازي مسئول العلاقات العامة بمرفق إسعاف شمال سيناء يقول: «لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تهديد العاملين في مرفق إسعاف شمال سيناء، فحسب روايات المسعفين والسائقين، أنه تم تهديدهم كثيرًا ولكن بشكل شفهي فقط دون بيانات».

وبعد توزيع البيان شعر العاملين بالخطر الذي يهدد حياتهم ، وتعرض بالفعل اثنين من زملاءهم للإصابة نتيجة انفجار عبوة ناسفة بالسيارة التي كانت تقلهم رغم وجود مصابين من قوات الأمن بداخلها.

دور بطولي
يشير العزازي إلى  أن رجال الإسعاف يقومون بدور بطولي في سرعة تنقلهم فور إبلاغهم بوقوع انفجار في أي منطقة ما،  لإنقاذ أرواح  المصابين سواء من أفراد الشرطة أو الجيش أو من الأهالي المدنين، مشيرا إلى أن دور رجل الإسعاف ينتهي بنقلهم إلى مستشفى العريش العسكري لأفراد الشرطة والجيش، ونقل المصابين المدنين إلى مستشفى العريش العام لتلقى العلاج.

82 سيارة إسعاف
وأكد مسئول العلاقات العامة بمرفق إسعاف شمال سيناء أن  عدد سيارات الإسعاف المتواجدة بمحافظة شمال سيناء يبلغ 82 سيارة إسعاف مجهزة لنقل المصابين، يتم  توزيعها في كافة المناطق بالمحافظة، ولا يوجد أي عجز في السيارات بينما العجز في عدد السائقين والمسعفين، خاصة مع عزوف المواطنين عن الإقبال على العمل بوظيفة مسعف أو سائق لخطورة العمل الميداني في شمال سيناء.

يقول المسعف سعد الديب، إن «رجال الإسعاف رهنوا حياتهم فداء للوطن ومستمرون في العمل دون تفرقة، ولكن توجد مطالب للعاملين لتأمين أطفالهم في حالة وفاتهم.. اللى يموت يكون مطمئن أن في مبلغ مالي يقدروا يعيشوا بيه»، مطالبين بمعاش استثنائي أو وديعة مالية في أحد البنوك لكي يضمن لذويهم عيشة كريمة أسوة بضابط الشرطة والجيش والقضاة.

مخاطر محدقة
وعن المخاطر الذي يواجهها رجال الإسعاف أثناء نقلهم للمصابين بعد أي انفجار، يقول المسعف أنيس أبو الورد بمرفق إسعاف العريش، إن رجال الإسعاف يواجهون الموت يوميا عندما يتم إخطارهم بانفجار في أحد المناطق، مضيفًا: «يتم إطلاق النار علينا مباشرة ونتعرض للإصابة، وبالفعل أصيب 3 مسعفين بعاهات مستديمة جراء الانفجارات وتعامل قوات الأمن مع الجماعات الإرهابية».

وأشار المسعف إلى أن هناك سيارات إسعاف أحرقت بالكامل، وسيارات تم استهدافها بمقذوفات «آر بى جى» وسيارات انفجرت بها ألغام أرضية، وسيارات أصيبت بطلقات رصاص كثيفة.

قطع الطرق
ويقول السائق محمد مصطفى، انه تم تهديده من قبل أفراد تنظيم «داعش»، مؤكدًا أنه كان يحمل حالة مرضية من مدينة الشيخ زويد، وأثناء سيره على الطريق الدولي قامت سيارة «فيرنا» بقطع الطريق عليه، وترجل منها اثنين من المسلحين وقاموا بتحذيره بعدم دخول هذه المنطقة مرة أخرى.