الإهمال يعصف بتاريخ الدرب الأحمر ويقتل الثروة الأثرية.. «مقاول الأوقاف» ينهب مقام النبي بنيامين تحت ستار الترميم.. ومسجد «الدعاء» يتعرض للتخريب العمدي على أيدي أباطرة «البيزنس»

الجمعة، 31 مارس 2017 11:20 ص
الإهمال يعصف بتاريخ الدرب الأحمر ويقتل الثروة الأثرية.. «مقاول الأوقاف» ينهب مقام النبي بنيامين تحت ستار الترميم.. ومسجد «الدعاء» يتعرض للتخريب العمدي على أيدي أباطرة «البيزنس»
مقام النبي بنيامين
هناء قنديل - عزوز الديب

تعد منطقة الدرب الأحمر، واحدة من أقدم، وأعرق المناطق التاريخية، في مصر، وإفريقيا، إذ إن عمر هذه المنطقة يتجاوز الألف عام، وتضم أكثر من 65 أثرا إسلاميا تليدا، أهمهم على الإطلاق، هو الجامع الأزهر، الذي بناه الفاطميون.

P8200268 copy

وحظيت منطقة الدرب الأحمر باهتمام الحكام المتعاقبين على مصر، حتى المماليك، والجراكسة، منهم، ولم تقع في براثن الإهمال، إلا عندما أصبح أمرها بين يدي المصريين أنفسهم، في مفارقة عجيبة، لا تتكرر إلا في البلاد المتخلفة.

P8200270 copy
 

تاريخ عتيق

ولأن منطقة الدرب الأحمر، عتيقة، شديدة القدم، ولأنها أيضا من نشأت كانت مرتبطة بالأعمال التجارية، ونشاط البيع، والشراء، فإنه من النادر أن تجد أسرة من سلالات السكان الأصليين للدرب الأحمر، وإنما معظم المقيمين فيها، أبناء، وأحفاد لأسر نزحت من مناطق أخرى بالمحافظات، إلى الدرب الأحمر، للاستفادة من أنشطته التجارية، حتى أن أقدم الأسر التي تعيش فيه حاليا، لا يتجاوز عمرها 150 عامًا، وهو ما صنع فجوة بين أهالي المنطقة، والتاريخ التراثي لها، وجعلهم الآن، غير مهتمين بآثارها، بل ولا يعلمون عن الكثير منها أي شيء، رغم أن الكثير من أدباء مصر، ورجالاتها المثقفين خرجوا من الدرب الأحمر، والحي المجاور له، وهو الجمالية، وعلى رأسهم الأديب العالمي، نجيب محفوظ.

P8200271 copy
 

سر الاسم

ترجع تسمية الدرب الأحمر، بهذا الاسم، إلى أشهر قصة عاشتها المنطقة، وهي حكاية مذبحة القلعة، التي تمر ذكراها في شهر مارس من كل عام، حين تخلص محمد على باشا، والي مصر، من  المماليك، في عام 1811، عندما أمر جنوده بإغلاق أبواب القلعة، على المماليك، الذي حضروا معه لتوديع الجيش المسافر إلى الشام، وإطلاق النار عليه، فسالت دماؤهم أنهارا، حتى تلونت أرض المنطقة بلون الدم القاني، والتي سرعان ما تجمدت كميات منها على الأرض، تحت أجساد القتلى، صابغة كل شيء باللون الأحمر، ما دفع الناس إلى إطلاق اسم الدرب الأحمر على المنطقة المحيطة بالقلعة، ثم امتدت التسمية إلى داخل الأحياء المحيطة بهذا المكان، حتى وصلت إلى قلب القاهرة، في منطقة وجود الجامع الأزهر، على الجهة المقابلة، لمسجد الحسين، ومدخل منطقة الجمالية.

P8200286 copy
 

أشهر أبناء الحي

أنجب حي الدرب الأحمر، رموزا عظيمة في مختلف المجالات، ومنهم: الأديب  الكبير يوسف السباعي، والشاعر الكبير محمود سامي البارودي، القارئ العزيم محمد رفعت، والفنانين محمود المليجي، بديع خيرى، محمود شكوكو، شفيق جلال، بالإضافة إلى الثنائي الفاجومي الكبير، أحمد فؤاد نجم، والشيخ إمام.

 


مسجد الدعاء

يعد مسجد الدعاء، أحد أهم الآثار في تلك المنطقة، ولعل أفضل من يحكي عن هذا الأثر العريق، هو عم إبراهيم، بائع الفول، الذي يقف مواجها لهذا الصرح الكبير، ويعد أول من تقع العين عليه، في محيط المسجد.

وبنبرة ملؤها الحزن، يتحدث عم إبراهيم، الذي تجاوز الـ50 بقليل، نقالا لـ«صوت الأمة»، الذكريات التي قصها عليه والده، عن هذا المسجد، فيقول: «تم بناء مسجد الدعاء على يد أمير المماليك، عبدالله محمد سلام القصراسوى».

وأضاف أن المكان تم إنشاؤه  ليحتوي على القبور المقدسة، وتم ترميمه للمرة الأولى في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، ثم مرة أخرى في تسعينات القرن الماضي، فيما تعرض لتخريب متعمد من قبل وزارة الأوقاف، بواسطة المقاول المكلف بترميمه، والذي نهبه بدلا من ذلك.

P8200292 copy
 

الأوقاف تهدم التاريخ

 وبنبرة لا تخلو من الغضب يقول المواطن، حسين دياب، أحد السكان الملاصقين للمسجد، سمي المسجد باسم «الدعاء»، لتوجه المشايخ والأهالي من خلاله، بالدعاء إلى الله، ليرفع عنهم غمة الحملة الفرنسية على مصر.

وأضاف لـ«صوت الأمة»: «لا ندري من الذي أعطى لمسؤولي الأوقاف حق اتخاذ قرار بهدم هذا المسجد الأثري؟ ولصالح من اتفقوا مع أحد المقاولين على الهدم، مقابل الأنقاض، ومحتويات المسجد من أخشاب، ومعادن، وتعشيقات، أثرية لا تقدر بثمن؟!».

وكشف «دياب»، عن أن أعمال البيونس الخفي؛ هي التي تقف وراء ما جرى لهذا المسجد من تخريب متعمد طال جميع جنباته، بما فيها حجرة الضريح، الرمزي الذي أقامه الناس لسيدنا محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، والضريح الآخر لمحمد بن شهاب الدين، القائد التركي.

P8200306 copy
 

مقام النبي بنيامين

وداخل هذا المسجد، يقبع مقام النبي بنيامين، شقيق النبي يوسف بن يعقوب، أول أنبيائ بني إسرائيل، والذي أوى إلى أخيه يوسف، عندما أصبح الأخير عزيز مصر.

وتعرض هذا المقام، لأعمال تنقيب غير قانوية عام 1994‏، ولا يدري أحد، ما الذي تمكن المنقبون من العثور عليه، آنذاك، وفق ما يروي الأهالي، كما عثر باحثون سابقون على مقام آخر، ليس به جثمان، وقيل إنه للنبي يوسف، قبل أن يأخذه، النبي موسى، عليهما السلام، عند الخروج من مصر، فرارا من الفرعون، وهي المعلومة المدونة على لوح حجري باللغة الفرعونية القديمة، فوق مقام بنيامين‏،‏ قبل أن تختفي خلال العهود الماضية.

وكان قصر يوسف الصديق، الذي حكم منه مصر، يقف في الموقع الذي شغلته، كنيسة العذراء المغيثة الأثرية، ومقر دير الأمير تادرس حاليا، وكان يعرف من قبل بقصر الروم، ومنه سميت الحارة التي يطل عليها، بحارة الروم؛ نسبة إلى الغرباء الإسرائيليين،‏ الذي كانوا يحرصون على التجمع في ذلك المكان، وكانت هذه الأماكن والقصور تستخدم لاختباء المسيحيين المضطهدين، في زمن الاضطهاد المسيحى لإيوائهم وحمايتهم من إيذاء اليهود والرومان.

P8200332 copy
 

دعاء مستجاب

وتروي سيدة تدعى أم محمد، قصة مثيرة، تؤكد من خلالها، أن أهالي الدرب الأحمر، على مدار التاريخ، كانوا يعتبرون مقام النبي بنيامين، من الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء؛ لذا كانوا يحرصون على الدخول إليه، والتبرك به، والدعاء داخله.  


دراسة علمية

وتشير دراسة علمية للدكتور سعيد ثابت، الأستاذ بجامعة القاهرة، إلى أنه قاد  مجموعة بحثية، تأكدت من وجود مقبرة النبي يوسف، وشقيقه بنيامين، بالقرب من حارة اليهود، ومنطقة الدرب الأحمر، خلف الجامع الأزهر‏، وهو ما يتوافق، بحسب الدراسة مع آثار تاريخ النبي يوسف، التي شملها نص المجاعة المدون على صخور سهيل جنوب أسوان، وسجل المجاعة المصور الموجود علي جانبي الطريق المغطي لهرم أوناس، والمدونات الخاصة برؤيا ملك مصر‏،‏ ومدونات صوامع، وخزائن يوسف عليه السلام، إضافة لما ورد من نصوص وآيات بالكتب السماوية‏، كاشفا عن أن الاسم المصري للنبي يوسف عليه السلام هو «زافيني».

P8200315 copy
 
 
P8200317 copy
 

P8200322 copy
 


 
 
P8200337 copy
 

P8200344 copy

P8200348 copy
 

P8200349 copy
 

P8200352 copy
 

P8200364 copy
 

P8200373 copy
 

P8200378 copy
 

P8200383 copy
 

P8200386 copy
 

P8200423 copy
 

P8200425 copy
 

P8200506 copy
 

P8200516 copy
 

P8200528 copy
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق