دير الزور .. أم المعارك القادمة

الأربعاء، 29 مارس 2017 10:37 م
 دير الزور .. أم المعارك القادمة

يعتقد البعض أن سباقا من نوع خاص يجري الآن على الأرض السورية، بين القوات الأمريكية ومن معها من مليشيات "سوريا الديمقراطية"، وبين قوات الجيش السوري ومن معها من حلفاء، نحو تحرير مدينة الرقة من تنظيم الدولة.

صحيح أن هناك سباقا، بين الطرفين، لكن في حقيقة الأمر، الهدف الحقيقي ليس عاصمة داعش، وإنما عاصمة البترول السوري المقبلة مدينة دير الزور.

في هذه المدينة ترابط وحدة من الجيش السوري تحت حصار خانق وعنيف لداعش، وفي هذه المدينة كان يبيع التنظيم ما يقرب من 150 ألف برميل يوميا لسماسرة أتراك، وفي هذه المدينة يكمن مفتاح التحكم في المنطقة الشرقية التي تعوم على بحر من الذهب الأسود.

تحوي المنطقة الشرقية على سبع حقول نفط رئيسية، هي الجفرة وكونيكو والتيم والخراطة في محيط مدينة دير الزور، ثم حقول العمر والتنك والورد، إلى الجنوب الشرقي نحو الحدود مع العراق، على ضفتي نهر الفرات.

كانت المنطقة تحت سيطرة النظام، ثم اقتنصها الجيش الحر، ثم استقرت في يد تنظيم الدولة، إلا قليلا.

ومن هذه المنطقة كان التنظيم يمول توسعاته، ودفع رواتب مجندينه، ثم نال التنظيم غضب الأمريكان بعد سنوات من الرضا، فقاموا بتدمير الجسور التي كانت تسهل نقل النفط المسروق لبيعه عبر الأراضي التركية، عندما ساءت العلاقات بين واشنطن وأنقرة.

دير الزور هي أقرب مدينة للحدود العراقية، ونقطة المنتصف بين بغداد ودمشق أو حلب، ومنها كان من المقدر أن ينطلق خط الغاز العراقي الإيراني نحو الساحل السوري، قبل أن يصدر نحو أوروبا.

المدينة لم تعرف يوما راحة، بل كانت ثائرة طيلة تاريخها، فقد ثارت على ظلم الأتراك العثمانيين، ولما نجحوا في طردهم، احتلتها بريطانيا، فثاروا عليها، وما أن نجحوا في التخلص منهم، حتى هبط عليهم الاحتلال الفرنسي، الذي ذاق هو الآخر من نضال شعب دير الزور، الأمرين.

وقتها كان الفرنسيين قد قاموا بتقسيم سوريا إلى ستة دويلات، دمشق، حلب، العلويين، لبنان الكبير، جبل الدروز، الإسكندرونة، ومع ثورة أهل دير الزور وبقية المدن السورية الشامخة،  تراجع الفرنسيين عن التقسيم، وعادت سوريا بوضعها الجغرافي الحالي عدا لبنان، ثم ما لبثت باريس حتى منحت الإسكندرونة للأتراك، تماما كما فعل الإنجليز ومنحوا اليهود أرض فلسطين.

وعلى أرض دير الزور الطاهرة، اشتعلت حرب فرنسية إنجليزية، انتهت باستقلال سوريا.

تركيبة سكان المدينة، مثل بقية سوريا، متنوعة، لكن المكون العربي هو الأغلب، ونظرا لقربهم من الحدود العراقية، تميل اللهجة في دير الزور للهجة العراقية، نظرا للترابط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي بين المدينة والأنبار العراقية.

لهذا اعتقد تنظيم الدولة أن له أرضا خصبة في المدينة، وكاد أن يجعل منها عاصمة له، لكن تواجد وحدات للجيش السوري في جزء من المدينة، وفشله في إخراجهم، دفعه لاختيار الرقة بديلا.

لهذه الأسباب وأكثر، ستكون معركة دير الزور، واحدة من أشد المعارك ضراوة، وقد تكون هذه المدينة الصغيرة نسبيا بالمقارنة بدمشق وحلب، شرارة تندلع منها حربا أكبر، قد تطول مضاجع ملوكا وأمراء ورؤساء.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق