الخريطة التفصيلية لبؤر ومعسكرات التكفيريين في الدلتا
الأحد، 26 مارس 2017 05:00 مكتبت- هناء قنديل:
في الوقت الذى تخوض فيه القوات المشتركة من الجيش والشرطة، معركتها الأخيرة للقضاء على بقايا التمركزات الإرهابية بمثلث الخطر فى شمال سيناء، فإن بعض الأماكن فى دلتا مصر، التى تعد أقرب المناطق إلى مسرح العمليات فى سيناء، تحتضن عددًا من الخلايا الإرهابية الخطيرة. وتأتى محافظة الشرقية الأكثر استقبالا للعناصر المتطرفة، لما تضمه من ظهير صحراوى بالغ الاتساع، وتتركز معسكرات هذه العناصر فى 5 مناطق محددة هى القرين، وادى الملاك، الصالحية الجديدة، الظهير الصحراوى لبلبيس، الظهير الصحراوى للعاشر من رمضان. وفى السطور التالية نرصد خريطة التجمعات الإرهابية فى هذه الأماكن.
تبعـد مدينة القرين عن القاهـرة 70 كم، وتبلغ مساحتها 31.5 كم تقـريبا، وتقع بين مراكز فاقـوس والتل الكبير وأبوحماد، وهى ضمن النطاق الجغرافى للأخير.
ترتبط القرين بالإرهاب ارتباطا تاريخيا، إذ إنها من أقرب الأماكن لمهد الفكر المتطرف وهو مدينة الإسماعيلية منشأ جماعة الإخوان، وللقرين طبيعتها الجغرافية، وتضاريسها التى تتشابك فيها الأشجار عالية الارتفاع، ما يجعلها مكانا مثاليا للاختباء، حتى إن البعض أصبح يطلق عليها اسم بلد «النخل والتكفيريين».
وحينما تدخل القرين لا ترى سوى النقاب ورجال ملتحين يغلب على مظهرهم الفقر والجهل، ويعمل معظم أهلها فى المهن المتعلقة بالنخيل، من مشغولات الجريد، ولا يتجاوز دخل الفرد فيها 50 جنيها يوميا..
يقول فتحى محمد «عامل» مقيم بالقرين: «بلدنا مش تكفيريين لكن فيها إخوان، وأنا بشتغل فى مهنة طالع النخل، باعتبارها مهنة أبى وجدى».
وتقول «أم محمد»، تبلغ من العمر 70 عاما، إنها تعمل فى صناعة الأحبال من بقايا النخل، وتبيع الحبل بـ30 قرشا، وتنفق على أبنائها العاطلين.
تعد القرين المدخل الرابط بين العابرين من سيناء إلى الدلتا قاصدين القاهرة، وغيرها من مدن الجنوب، كما أن مساحة شاسعة من أراضيها خاضعة للبدو، ومن المعروف أن أعدادا كبيرة منهم، يتعاملون مع الجماعات المتطرفة فى أعمال تجارية غير مشروعة.
القرين، منطقة يصعب السيطرة عليها أمنيا، لكثافة أشجارها، وحدائقها ومزارعها، والظهير الصحراوى المتاخم لها الذى يمكنه ابتلاع كل من لا يعرف الدروب والمسالك التى يعرفها أهل المنطقة من البدو.
وتأتى منطقة وادى الملاك، كثانى أخطر البؤر الإجرامية، بعدما صارت ملجأ الفارين من الضربات العنيفة للقوات المسلحة فى سيناء، كما أنها تمثل مركزا لمعسكرات التدريب والتخطيط للعمليات الإرهابية.
وتشهد وادى الملاك حوادث يومية للقتل والسطو المسلح وغيرها، وخاصة على طريق «العمار- العاشر من رمضان» ومنطقة السعادة والمجاهدين العرب وطريق الجبل، التى تضم السواد الأعظم من الإرهابيين أصحاب النشاط الجنائى، كتجارة السلاح والمخدرات.
ومن العلامات المثيرة التى تتسم بها وادى الملاك، أن الأطفال فيها يحملون الأسلحة الخفيفة، التى تصل إلى حد حيازة مجموعات منهم لأسلحة رشاشة.
أما الصالحية فتقع على بعد 40 كم تقريبا، من مدينة الزقازيق، وتمثل المدخل الشرقى للمحافظة.
وتعد المنطقة الجبلية التى أنشئت فيها هذه المدينة، من المناطق المثالية لتمركز عناصر الإرهاب، حتى إنها صارت خاضعة لهم، ولغيرهم من العناصر الإجرامية، لدرجة أن الأهالى استيقظوا يوما على راية داعش، معلقة بالأماكن العالية فى القرية.
وإلى الجوار من الصالحية الجديدة، توجد منطقة اسمها «نادى الصيد»، نسبة إلى امتلاك هذا النادى العريق لمساحة كبيرة منها، أنشأ فيها بركا لتربية البط، ولكن الآن يصعب على النادى السيطرة عليها.
أحد الأهالى، ويدعى عبد العزيز البطل، أكد أن الجماعات المسلحة والتكفيريين يتخذون من هذه المنطقة وكرا لمعسكراتهم، بعدما حولوها لخرابات غير مأهولة، بسبب جرائم فرض الإتاوات والخطف والسطو، لاسيما أنها تعد الامتداد الطبيعى للبيئة السيناوية المفضلة للإرهابيين الذين اعتادوا العسكرة فى الشيخ زويد.
ويشير «البطل» إلى أن منطقة نادى الصيد تعج بالمشاكل، مضيفا: «أخرجنا أبناءنا من المدارس خوفا عليهم، وأرض نادى الصيد بها جزء يتخذه الإرهابيون مكانا لمعسكراتهم، ولا تستطيع الشرطة السيطرة عليه، ما يضطرنا إلى السفر بأولادنا لمدارس تبعد أكثر من 10 كيلومترات، فى سيارات نصف نقل وتروسيكلات، ما أدى لوقوع وفيات وإصابات جراء ما يتعرضون له من حوادث مرورية.
وتحمل الطبيعة الجغرافية للصالحية صعوبة خاصة، تجعلها عصية على الاقتحام الأمنى والتطهير، وهى أنها عبارة عن مساحات كثيفة الزراعات، تشقها مدقات وطرق صحراوية لا يعرفها سوى الأعراب.
والصالحية على أعتاب ثلاث محافظات، شهدت عمليات إرهابية عنيفة هى بورسعيد والإسماعيلية والشرقية.
الكثيرون هناك فى مدينة الزقازيق والقرى المجاورة لها يؤكدون أن الصالحية وطريقها يلعبان دورا أساسيا لا يمكن التهاون معه، فى الأحداث التى شهدتها الشرقية، وكذلك فى رواج انتشار السلاح غير المرخص، والمسجلين والبلطجية، كما كان لها نصيب الأسد فى حوادث الاغتيال والعمليات الإرهابية، وتعد مسرحا لعمليات كثيرة يستغل فيها القتلة والإرهابيون الصحراء.
أما عن الظهير الصحراوى لمدينة بلبيس، فرغم أنها تتسم بمساحة جغرافية صغيرة نسبيا، لكنها فى الوقت ذاته، تتمتع بظهير صحراوى لا يمكن رصده إلا بواسطة طائرات الاستطلاع الحربى، لما يشمله من مدقات جبلية بالغة الوعورة.
ووقفت بلبيس شاهدة على عدد كبير من الجرائم الإرهابية التى نفذتها العناصر المتمركزة بالظهير الصحراوى للمدينة التى يمكن عبورها فى دقائق قليلة.
ولم يكن الظهير الصحراوى لبلبيس خاضعا يوما ما للسيطرة الأمنية الكاملة، ما مكّن العناصر الإرهابية، سواء التى فرت من الضغط الأمنى فى سيناء، أو تلك التى هربت بعد تنفيذ عمليات خطيرة فى القاهرة، من اتخاذها منطلقًا جديدًا لعملياتها بعيدًا عن القبضة الأمنية.
كما أن هذه الصحراء، كانت مقرا لإخفاء العديد من المخطوفين مقابل فدية، وأشهرهم فى الفترة الماضية، رجل أعمال سعودى يمتلك مصنعا فى الإسماعيلية، عُثر عليه ملقى على طريق القاهرة السويس، وأشارت التحريات إلى أن الخاطفين لجأوا إلى المنطقة الصحراوية المتاخمة لبلبيس لإخفاء الضحية، قبل أن يقرروا الإفراج عنه عقب تلقيهم الفدية المطلوبة، وذلك قبل أن يسقط بعضهم فى قبضة الأمن، بينما يتوغل البعض الآخر فى صحراء بلبيس بشكل يمنع تتبعه والقبض عليه.
ويوجد بالظهير الصحراوى مساحة كبيرة محاطة بالأسوار، يتدرب فيها البدو، ومعهم عدد من العناصر الإرهابية، على حمل السلاح وأعمال العنف، ويرافقهم فى ذلك البلطجية والمسجلون الجنائيون أيضا.
ومن هذا الظهير تنطلق العصابات التى تسيطر على المناطق الصناعية المحيطة ببلبيس، لفرض الإتاوات على رجال الأعمال، مستخدمين سيارات مسروقة ودراجات نارية دون لوحات معدنية، مطلقين النيران فى الهواء من الأسلحة الآلية بحوزتهم، لبث الرعب فى نفوس من يفكرون فى مقاومتهم.
ولا يختلف الظهير الصحراوى لمدينة العاشر من رمضان عن بلبيس أو الصالحية، إذ إن صحراء الشرقية، وخاصة فى المناطق البعيدة عن العمران، أصبحت خاضعة للنفوذ الإجرامى الإرهابى والجنائى.
ويؤكد الأهالى أن البدو بتلك المناطق يفرضون الإتاوات على الفلاحين، ويتمون صفقات السلاح علنا، كما أنهم يؤون الإرهابيين المعروف أنهم مطلوبون أمنيا.
ويتدرب الإرهابيون بالمناطق القريبة من مدينة العاشر، ويسمع الأهالى أصوات الطلقات النارية.
ويسيطر البدو أيضا على هذه المنطقة، ولا يمكن أن يرد أحد لهم طلبا، كما أنهم كانوا أصحاب اليد العليا فى مد المتطرفين فى سيناء بالسلاح المطلوب لمواجهة القوات المسلحة فى سيناء. ويمثل الظهير الصحراوى لمدينة العاشر من رمضان، بؤرة إضافية من البؤر التى تكتظ بالخارجين على القانون، خاصة فى ظل الغياب الأمنى، منذ اندلاع ثورة 25 يناير، وتتمركز العناصر الإرهابية فى هذه الأماكن، وتتخذ منها غطاء يخفى نشاطها عن أعين الأمن، بالتعاون بينهم وبين عصابات البدو الذين يسهلون للعناصر الإرهابية الحصول على احتياجاتهم من السلاح والذخائر والمؤن والسيارات المسروقة والدراجات النارية غير المرخصة، من أجل تنفيذ ما يخططون له ويتدربون عليه من جرائم إرهابية وجنائية.
بقى أن نشير إلى أن أشهر التكفيريين بالشرقية، والذين يتعين على الدولة الاهتمام بتطهير هذه المناطق، ممن بقى منهم، من عناصر مجرمة، ومنهم سيد سيد عطا محمد مرسى الشهير بـ«أبوعمر»، أما أهم خلايا داعش فى الشرقية فهى خلايا: «أسامة قاسم، مغاورى، الأزهرى، حبارة، أولاد أبوسبحة».