جهات عليا أمرت بتحقيق شامل فى أسباب فسادها
الأحد، 26 مارس 2017 08:30 مكتب: ريم محمود - هيثم الشرقاوى - محمد محسوب
دماء التلاميذ المستباحة فى وجبات الموت المسمومة ضاعت بين قبائل «التعليم» و«التضامن» و«الصحة».. مصادر: التعامل مع مصانع «بير السلم» وتسليم الوجبات أسبوعيا أهم بوابات الفساد.. والحل فى اللجوء لجهاز الخدمة الوطنية
تفرقت دماء تلاميذ المدارس بين وزارات التعليم والصحة والتضامن ومسئولى المحليات بالمحافظات والمشرفين على مشروع الوجبات المدرسية بوزارة الزراعة، وأصبحت وجبات الموت المدرسية المسممة والمخصص لها 60 مليون يورو كمنحة من الاتحاد الأوروبى، بوابة عظمى لتربح حيتان الفساد وأصحاب الضمائر المتحجرة، وبعد عجز «التعليم» عن الوصول لحل للمشكلة يدرسون الآن إسناد مشروع التغذية المدرسية لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
«مشروع التغذية المدرسية فاسد».. جملة صادمة بدأ بها الدكتور سعد الأنصارى مدير مشروع تغذية المدارس سابقا بوزارة الزراعة، فى تصريحه لـ«صوت الأمة» عن مشكلة التغذية المدرسية موضحا أن تكرار وقائع الوجبات الفاسدة بالمدارس فى محافظات مختلفة خلال الأيام القليلة الماضية يؤكد أن هناك فسادا فى مناقصات وجبات التغذية المدرسية بالتعامل مع مصانع بير السلم التى تنتج أغذية غير مطابقة للمواصفات.
مصدر مسئول بوزارة الزراعة -فضل عدم ذكر اسمه- كشف أحد خيوط فساد المشروع قائلا: إن المشروع يخضع لمركز البحوث الزراعية والمسئول عنه الدكتور «ع. ع»، وهو واحد ممن عينهم الدكتور عصام فايد وزير الزراعة السابق وهو شقيق مسئول كبير بالدولة، يقوم بحمايته من المساءلة القانونية، ولأن هذا المشروع ميزانيته ضخمة جدا ونسبة كبيرة من هذه الميزانية تذهب لجيوب العاملين فيه، فقد أطلق العاملون بالزراعة على هذه الإدارة لقب «إدارة الكويت» بسبب الأموال الطائلة التى يحصل عليها من يعملون فى هذه الإدارة من مكافآت وبدلات لجان.
وأشار المصدر إلى أن وزارة الزراعة أنشأت منذ فترة كبيرة مصانع خاصة بها لإنتاج البسكويت المدرسى علاوة على تصنيع المعجنات والفطائر المحشوة، أما منتجات الألبان الأخرى وأهمها الجبنة والألبان والعصائر فتقوم الوزارة بشرائها من مصانع أخرى غالبيتها تعمل «تحت بير السلم»، حيث يتم شراء كميات ضخمة من الأغذية بأسعار زهيدة للغاية، لأنها منتجات مغشوشة، ومنها عبوات الألبان والعصائر بأسعار زهيدة جدا ويتم تدوين أسعار تزيد على ثمن العلبة بعشرة أضعافها ويتم الاستيلاء على بقية الأموال.
وأكد المصدر أن مصانع الوزارة هى السبب الأساسى فى فساد أطعمة التغذية المدرسية، لأنها مصانع تم إنشاؤها بدون مواصفات، علاوة على وجود عدد كبير من العمال يعملون بالقطعة وبدون عقد عمل أو ما يسمى عمال اليومية، ليس لديهم شهادات صحية ويتم تهريبهم بسهولة فى حال اكتشاف أى مشكلة فى التغذية المدرسية، علاوة على أن وزارة الصحة لا تقوم بالإشراف الصحى على هذه المصانع، وهو ما ساعد على إنتاج أغذية مدرسية فاسدة، لافتا إلى أن هذه التغذية تأتى كمنحة من الاتحاد الأوروبى، الذى خصص لها 60 مليون يورو يذهب أغلبها إلى جيوب المسئولين داخل إدارة التغذية التى يسيطر عليها أقارب المسئولين بالوزارة.
من جانبها قالت الدكتورة مايسة حمزة رئيس الإدارة العامة لمراقبة الأغذية بوزارة الصحة إن الإدارة تتابع من خلال فروعها بجميع المحافظات كل المصانع التى تنتج الأغذية المدرسية، لافتة إلى أن هناك مراقبة دورية على أصحاب المصانع، بمتوسط 3 مرات أسبوعيا، وأن سبب فساد بعض الأغذية يعود لتعرضها للأتربة والشمس كثيرا وسوء التخزين.
الدكتور خالد مجاهد المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، قال إن الوزارة لا تعطى المصانع أو الشركات التى تنتج الأغذية المدرسية أى تصاريح عمل إلا بعد الموافقة على اشتراطات السلامة العامة والمتبعة فى كل المصانع التى تنتج هذه الأغذية، ومنها اشتراطات الجودة والنظافة العامة، ومتابعة خط سير شراء المنتجات وصلاحيتها، مؤكدا أن هناك أطباء يتابعون كل خطوات العمل داخل هذه المصانع، كما تتم متابعة صلاحية هذه المنتجات بدقة، ويتم اتخاذ خطوات عقابية رادعة فى حال اكتشاف أى خطأ، مشيراً إلى أن الوزارة تصدر توصيات من وقت لآخر بوقف التعامل مع المصانع التى لا تتبع الاشتراطات.
وزارة التضامن من جانبها أعلنت أن وزارة المالية رصدت ميزانية لبرنامج التغذية المدرسية بقيمة مليار جنيه، حيث تم تشكيل لجنة قومية للتغذية المدرسية للإشراف على تصميم وتنفيذ ومتابعة حوكمة البرنامج برئاسة وزيرى التضامن والتربية والتعليم، وعضوية كل من الصحة والتموين والزراعة والصناعة والمالية والتخطيط والمجلس القومى للطفولة والأمومة والسكان. وقد أمرت جهات عليا بوقف التغذية المدرسية لحين إجراء تحقيق شامل فى أسباب فسادها.